كيف يسعى الاحتلال لتغيير هوية القدس عبر "القطار الهوائي"؟
القدس المحتلة - القسطل: أكد مختصون وباحثون في شؤون وتاريخ القدس أن الاحتلال يسعى من وراء تنفيذه لمشروع “القطار الهوائي” الذي سيسلب المقدسيين أراضيهم ومنازلهم، إلى تغيير هوية مدينة القدس تحت غطاء “السياحة وتسهيل المواصلات”.
إن المشروع لا يعد مشروعاً سياحياً ولا يخدم أهالي سلوان ولا البلدة القديمة كما يتم الترويح له، وإنما هو لخدمة الوجود الاستيطاني في مدينة القدس بشكل عام وفي البلدة القديمة وحي وادي حلوة بشكل خاص، وتسهيل الحركة والوصول إلى مراكز جمعية “إلعاد” الاستيطانية، كما أنه مشروع يمس البلدة القديمة وتاريخها والمنظر العام في المنطقة، وسيؤدي إلى مصادرة أراض مملوكة للأهالي وهدم منازل، كما يمس خصوصية السكان بمرور العربات من فوقها.
سويد : مشروع تهويدي يخدم اليهود المتديّنين تحت غطاء السياحة وتسهيل المواصلات
يقول الباحث المختص في مشاريع القدس حنا سويد لـ”القسطل” إن مشروع التلفريك يُعرض ويسوّق له على أنه مشروع سياحي وتسهيل المواصلات؛ فالسياحي يقصد به تسهيل انتقال اليهود المتدينين من غرب القدس إلى ساحة البراق دون الحاجة للمرور بشرقي المدينة المحتلة، وخاصة البلدة القديمة.
أما عن المواصلات فيسعى الاحتلال إلى تخطي كل العقبات الموجودة على الأرض من خلال هذا المشروع الذي ترعاه بلدية الاحتلال ومنظمات تُعنى بالاستيطان اليهودي في القدس، بحسب سويد.
ويبين أن هذا المشروع تهويدي كونه لا يخدم أهل مدينة القدس الأصليين، وإنما يخدم اليهود المتدينين وحسب.
كما أشار إلى أن مشروعًا من هذا النوع- أن تأتي بمُركّبات غريبة على خلفية تقليدية تاريخية وعربات طائرة وأعمدة شاهقة على منطقة مأهولة- هو عملية امتهان للقدس وتاريخها.
وقال سويد: “نراه مشروعًا فيه محاولة لإعادة صياغة القدس من جديد بطريقة غريبة وعجيبة وهي تُدخل إلى القدس معالم حديثة تجعل المواطن المقدسي الذي اعتاد على بلده بصيغة معينة وشكل معين أن يشعر بأنه غريب”.
لذلك دعا إلى أهمية تنبه المقدسيين لهذا المشروع، ولمشاركتهم في عملية الاعتراض على المخطط، خاصة الأضرار التي سيتسبب بها وهي جسيمة، خاصة لأهالي سلوان، حيث سيتم مصادرة أراضي وهدم منازل وتغيير المعالم الجغرافية في المنطقة، وهذا المشروع لا يهم أهالي سلوان وحدهم، بل جميع المقدسيين.
وقال: “يجب حث المقدسيين على اتخاذ دورهم في الاطلاع على المشروع وتأثيراته ومواجهته بكل الطرق المتاحة”.
أبو شمسية: مشروع مدمّر للبلدة القديمة ومحيطها
أما المختص والباحث التاريخي في القدس، روبين أبو شمسية قال لـ”القسطل” إن هناك تأثيرات عديدة لهذا المشروع التهويدي، معماريًا وأثريًا وبيئيًا.
وأوضح أن الأكثر تأثرًا بهذا المشروع هي بلدة سلوان خاصة حي باب المغاربة، وحي وادي الربابة، والجزء الأعلى من وادي حلوة، لأن المشروع يستهدف بشكل واضح الأراضي الفارغة التي تعود ملكيتها لأهل سلوان.
أما من الناحية الاقتصادية وفقًا لأبو شمسية، فإن التأثير سيكون على الأحياء في البلدة القديمة.
ويفسّر ذلك بالقول: “عندما نأتي بالسياح إلى هذه المنطقة ونخرج من المكان إلى المنطقة الجنوبية للمسجد الأقصى والبلدة القديمة ونعود بهم إلى المكان ذاته، نحن جنّبناهم وهمّشنا الدور الاقتصادي والديمغرافي والثقافي للمدينة وبالتالي أصبح التأثير واضحًا، هو تأثير مدمّر وشامل وعام لكل الأحياء الموجودة داخل البلدة القديمة أو في محيطها”.
نظرة حول المشروع التهويدي وأهدافه..
يبلغ طول خط التلفريك 1,6 كم على ثلاثة أجزاء؛ طول الأول 1300 متر يمتد من محطة القطار القديمة في أبو طور (الثوري) إلى جانب أسوار البلدة القديمة بين أبوابه والنبي داود والجهة الخارجية لسور المسجد الأقصى، وطول الجزء الثاني 1000 متر يربط البلدة القديمة بجبل الزيتون (شرقًا) قرب فندق الأقواس السبعة، أما الجزء الثالث فطوله 500 متر من جبل الزيتون إلى المنطقة الواقعة قرب كنيسة الجثمانية (على مقربة من باب الأسباط). وحسب المخطط سيشمل خط “التلفريك” 73 عربة ستعمل على نقل 3000 راكب كل ساعة.
سيؤثر المشروع على سكان حي وادي حلوة والعائلات التي سيمر القطار من فوقها، وسيصادر الملكيات الخاصة لصالح إقامة الأعمدة والكوابل الخاصة به، وسيعمل على ضرب الحركة التجارية في البلدة القديمة ومنطقة باب العامود -المدخل التجاري الرئيسي- من خلال ربط القادمين للبلدة بخط القطار وباب المغاربة.
ويعد المشروع الذي يتم الترويج له على أنه يهدف إلى تعزيز السياحة والمواصلات في منطقة البلدة القديمة وجبل الزيتون، سيعمل على تعزيز الرواية “الإسرائيلية” من خلال خلق وقائع على الأرض تدعم تلك الرواية.