لأوّل مرة تاريخيًا.. كتابٌ يوثّق الزخارف الفسيفسائية في الأقصى فوتوغرافيًا وخطيًا
القدس المحتلة - القسطل: أواخر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي، تم إشهار كتاب “توثيق وترميم الزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك” لكل من؛ الدكتور محمد سعود أبو عيشة، الدكتور وصفي محمد كيلاني، والـمهندس عبد الله علي العبادي، وذلك بعد عمل ميداني وعلمي شيق وشاق للمحافظة على المواد الحجرية والزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة.
يقول الدكتور أبو عيشة إن توثيق التراث الحضاري هو أساس المحافظة والترميم، وأن هناك 1627 مترًا مربعًا من الزخارف الفسيفسائية الجدارية في المسجد الأقصى، مكونة من مكعبات فسيفسائية زجاجية وحجرية.
ويوضح أن العمل بدأ منذ أكثر من عشر سنوات، إثر التعاون الذي جرى ما بين الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرّفة، ولجنة الإعمار التابعة لمديرية دائرة الأوقاف الإسلمية في القدس، والبدء بمشروع المبادرة الملكية السامية لترميم الزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك.
وقال: “عندما باشرنا عملنا في بداية عام 2010، لم يكن هناك أي توثيق فوتوغرافي وخطي لهذه الزخارف، نتكلم عن كمية هائلة من الفسيفسائيات الجدارية، فكان الجهد الأكبر خلال عملنا هو التوثيق الفوتوغرافي والخطي لها، وإيجاد قاعدة بيانات أساسية من أجل أن ننطلق عليها فيما بعد، وأن نبني عليها مشروع الترميم والصيانة لهذه الزخارف”.
وأكد أن هذا المشروع ضخم واستغرق الكثير منهم لوضعه داخل كتاب، الذي يُعتبر الفصل الثالث منه هو المحور الأساس، حيث يوجد ما يزيد عن 190 صورة ملونة علمية، و84 لوحة تحتوي على رسومات خطية للزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى.
إن الكتاب يعد أرشيفًا تاريخيًا لهذه الزخارف الفسيفسائية، وسيُعتمد عليه في أي عملية ترميم مستقبلية لزخارف المسجد الأقصى، بحسب الدكتور أبو عيشة.
أمّا المهندس عبد الله العبادي يقول: “يعد هذا المشروع الأهم والأبرز في هذا العصر منذ عام 2008 وحتى 2020، لأنه ولأول مرّة يتم توثيق الزخارف في المسجد الأقصى، التي لم توثّق عبر التاريخ”.
وأشار إلى أن هذا المشروع الذي استمرّ على مدار 12 عامًا، وثّق 16 مليونًا و500 ألف قطعة فسيفساء في المسجد الأقصى، وُثق كل سنتيمتر فيها، وهي تحكي تاريخ إرث عربي إسلامي خالص منذ العهد الإسلامي الأول ولغاية الآن.
وقال: “هناك لوحات لا يعرف معناها ولا يشعر بجمالها إلا من يراها عن قُرب، وأنت تنظر إليها تذهل لهذه الهندسة وهذا التراث العربي الإسلامي الدال على عروبة وإسلامية هذا المسجد”.
فصول الكتاب ..
يتحدث الفصل الأول من هذا الكتاب عن المسجد الأقصى المبارك، فيعرّف به وبموقعه ومن الذي بناه عبر مراحل إعماره التاريخية.
أما الفصل الثاني، فتحدّث عن الوصاية والإعمارات الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف ما بين العام 1917-2020. أمّا الثالث فيحوي مشروع المبادرة الملكية السامية لترميم الزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك.
تناول الكتاب التطور التاريخي لفن الفسيفساء، خاصة في الفترة الإسلامية، والمواد المستخدمة لإنجاز هذا النوع من الفن، إضافة للزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك وأماكن تواجدها بالضبط، وما التقنية المستخدمة لإنجاز الفسيفساء الجداري في الأقصى.
وكتب أيضًا أبو عيشة وكيلاني والعبادي حول أشكال التلف في فسيفساء المسجد الأقصى، وعمليات التوثيق والترميم المنجزة على الزخارف الفسيفسائية، وعملية التوثيق الفوتوغرافي والخطي، أخذ العينات والدراسة التحليلية “الأركيومترية“ للمواد المكونة للزخارف الفسيفسائية.
كما تحدّثوا أيضًا في هذا الفصل عن عملية التنظيف الجاف، وتدعيم الطبقة الزجاجية الحافظة للورقة المعدنية (الذهبية والفضية)، والتدعيم الداخلي، ومعالجة الفجوات، والتنظيف الكيميائي للأسطح الخارجية للفسيفساء، إضافة إلى تنظيف "صخرة المعراج" في قبة الصخرة المشرفة.
بحسب مؤلفي الكتاب، فإنه اشتمل على توثيق وترميم الزخارف الفسيفسائية بطريقة علمية لأول مرة في التاريخ، وهو كنز للدارسين والخبراء والباحثين عن الفسيفساء في المسجد الأقصى، ومعرفة تفاصيلها الصامدة من زمن بني أمية وحتى يومنا هذا.
استطاع المؤلفون جمع هذا الكتاب التوثيقي لأبرز محطات وصاية ملوك الهاشميين وإعمارهم للمقدسات الإسلامية وبالأخص تنفيذ المبادرة الملكية السامية بتوثيق وترميم الزخارف الفسيفسائية في قبتي مسجد قبة الصخرة المشرفة والمسجد القبلي في المسجد الأقصى المبارك للفترة ما بين 1429 - 1441هـ / 2008 - 2020م.
هذا الكتاب الذي طُبع في الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية (باسيا) بالقدس، وبتمويل من الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرّفة، يحتوي على ما يزيد عن 190 صورة ملونة، و84 لوحة تحتوي على رسومات خطية للزخارف الفسيفسائية في المسجد الأقصى المبارك، وشارك في عمليات الترميم؛ 13 جامعيًا مقدسيًا، 4 فنيين مقدسيين من لجنة الإعمار، و12 مرممًا جامعيًا إيطاليًا.