ما السبب وراء تراجع السلطة عن دعوى قدّمتها ضد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال؟

ما السبب وراء تراجع السلطة عن دعوى قدّمتها ضد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال؟

القدس المحتلة - القسطل : كشفت وثيقة نشرتها محكمة العدل الدولية في شهر آب الماضي، أن السلطة الفلسطينية طلبت في الـ12 من شهر نيسان 2021، من خلال رسالة وجهتها إلى رئيس قلم المحكمة، تأجيل المرافعة الشفوية التي كان المقرر إجراؤها في الأول من حزيران 2022، بخصوص دعوى تقدمت بها ضد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وجاء في وثيقة المحكمة، التي نُشرت على شكل تقرير، أنه بناء على طلب السلطة، ومن أجل إتاحة الفرصة للطرفين لحل النزاع بالتفاوض، تقرر تأجيل جلسات الاستماع في القضية حتى إشعار آخر.

وكانت السلطة قد تقدمت بالدعوى في الـ28 من أيلول 2018، وجاء فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية انتهكت اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية المؤرخة في 18 نيسان 1961، من خلال نقل سفارتها إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة لدولة الاحتلال.

وفي الدعوى، طلبت السلطة من المحكمة أن تضع حدًا لإجراء نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وأن تحصل على ضمانات وتأكيدات بأن لا يتكرر هذا السلوك مرة أخرى. فيما ردت الولايات المتحدة بأنها غير ملزمة بعلاقات تعاقدية مع السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية فيينا.

القسطل أجرت اتصالًا مع رئيس ديوان وزير الخارجية والمغتربين السفير أحمد الديك، للحصول على تعقيب حول هذا القرار المفاجئ إلا أنه قال: “لا تعليق لدينا”.

الباحث في جمعية الدراسات العربية مازن الجعبري قال إن صحّ هذا الأمر، فما جرى يضاف إلى سلسلة التراجعات السياسية والتخبط، وابتعاد السلطة عن الواجبات والالتزامات السياسية الحيوية للشعب الفلسطيني في مواجهة ممارسات الاحتلال، ومساندة حكومة الولايات المتحدة لدولة الاحتلال.

وأوضح أن هذا التراجع هو هزيمة وخضوع للولايات المتحدة مقابل مساعدات اقتصادية وتخفيف الوضع المتأزم الذي تعيشه السلطة بسبب سياساتها، وخاصة تمسكها بالعلاقة مع إسرائيل والابتعاد عن الثوابت الوطنية وخاصة إنهاء الاحتلال.

وبالتالي هذه الخطوة هي “ابتعاد حقيقي عن هموم الشعب الفلسطيني الذي يرفض فيه أن القدس عاصمة دولة الاحتلال، خاصة في الوقت الذي تتعرض فيه القدس للتهويد والضم وفرض سيادة “إسرائيل” عليها، بحسب الجعبري.

رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر هدمي قال “إن السلطة ومنذ اللحظة الأولى لتأسيسها اختارت مسارًا سياسيًا محددًا وهو التفاوض مع الاحتلال وحل القضية الفلسطينية عبر المفاوضات السلمية مع المحتل، والتزمت بالتزامات معينة من خلال توقيعها على اتفاقات أوسلو، ووافقت على شروط وبنود معينة، أهمها يتعلق بالقدس، وهو عدم وجود أي دور للسلطة الوطنية الفلسطينية في مدينة القدس، حتى يتم البت في قضية القدس في الحل النهائي، والذي لم يأت ولا ندري إن كان سيأتي من الأصل.

وأشار إلى أن السلطة اختارت مسارًا سلميًا، ما يعني استخدام كافة الأساليب الدبلوماسية والسلمية والمفاوضات في حل القضية الفلسطينية، ومن هذه الأساليب التوجه للمؤسسات الدولية ومحكمة العدل الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن، من أجل الوصول إلى حل يتم من خلاله وعبر التفاوض للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية.

لذلك، وبحسب هدمي، من الطبيعي أن نراها تتوجه إلى المحاكم الدولية والمؤسسات من أجل تجريم الاحتلال والحصول على حقها أو تجريم داعمي الاحتلال مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي في خرق واضح وفاضح للقانون الدولي قررت أن القدس عاصمة لدولة الكيان، مع أن القدس وفق القانون الدولي، لا هي عاصمة لفلسطين ولا لدولة الكيان، وإنما القدس بشقيها وفق القانون الدولي هي كيان مستقل تتم إدارته عبر الولايات المتحدة وبرضى الطرفين المتنازعين عليه.

وبيّن أنه طالما أن القدس مدينة تحت الاحتلال، يجري عليها كل قوانين المدن التي تعيش تحت الاحتلال، بحيث يُمنع المحتل من إجراء تغييرات واضحة عليها، وتهجير سكانها أو التعدي على حقوقهم في حرية الحركة والعبادة والبناء وتنظيم شؤونهم، إلا إذا كان تصرفهم يشكل خطرًا أمنيًا واضحًا، يُمكن حينها الوصول إلى حل. كذلك من حق سكان المدينة التي تقع تحت الاحتلال أن يقاموا الاحتلال وأن يحاربوه، وأن يرفضوه بشتى السبل المتاحة، كما يُمنع جلب شعب آخر ليعيش مع الشعب المحتل، لذلك فإن وجود المستوطنين داخل القدس يعتبر وجودًا غير شرعي وفق القانون الدولي.

وأوضح أن الولايات المتحدة خرقت القانون الدولي، علمًا بأن أن الخرق السابق حصل حينما أرادت السلطة الفلسطينية عبر اتفاقية أوسلو أن تعترف للكيان بالجزء الغربي من المدينة عاصمة له، على أساس أن تتفاوض معه ليصبح الجزء الشرقي عاصمة للدولة الفلسطينية، وهذا لم يحصل، وتم فقط الاعتراف للاحتلال بأن القسم الغربي من القدس هو عاصمة له.

فهذا يعتبر خرقًا للقانون الدولي، لكن كونه كان باتفاق الطرفين، تغاضى عنه القانون الدولي كونه لم يأت طرف صاحب حق يعترض على ذلك، أما قدوم الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تملك من أرض فلسطين شيئًا، الاعتراف للاحتلال الذي لا يملك من أرض فلسطين شيئًا والذي لا يملك من مدينة القدس أيضًا شيئًا وفق القانون الدولي، بالاعتراف بالقدس عاصمة له، فهذا خرق وهناك من يعترض على هذا الخرق، وهم أهل مدينة القدس والسلطة الفلسطينية، فالأصل أن يتم الاعتراض ومواجهة الولايات المتحدة الأمريكية في المحكمة الدولية، بحسب ما أفاد هدمي لـالقسطل.

وقال إن السلطة -على ما يبدو - ما زالت تتأمل بالمساعدات الأمريكية وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القسم الشرقي من مدينة القدس وإعادة فتح سفارة دولة فلسطين في الولايات المتحدة ومكاتب منظمة التحرير الفلسطينية هناك، ولا زالت تأمل في أن الموقف الأمريكي يُمكن أن يتغير ويُصبح في يوم من الأيام، بعد 73 عامًا من دعمه للاحتلال أن يُصبح صديقًا للشعب الفلسطيني وهذا مستحيل.

وأضاف: مع الأسف، نرى السلطة اليوم تسحب دعوى قضائية ناجحة مائة بالمائة لتجريم الولايات المتحدة الأمريكية وتجريم الاحتلال في قضية مدينة القدس، ونراها تسحبها أو تطلب تأجيلها إلى حين يتم حل القضية وفق المفاوضات.

وتساءل: ماذا نريد أكثر من ثلاثين عامًا من التفاوض، ما الفرصة التي نريد أن نعطيها أكثر للمفاوضات حتى نصل إلى حل بعد أن ضاعت البلاد وتم تهويد القدس؟.. اليوم هناك ما يقارب نصف مليون مستوطن في القسم الشرقي من المدينة.

وختم بالقول: كل هذا الواقع يعبّر عن الجانب الذي اختارته السلطة والذي لا يصبّ في مصلحة الشعب الفلسطيني ولا القضية وإنما في صالح جهة معينة تريد أن تحافظ على مواقعها لخدمة الإدارة الأمريكية وللاستفادة من وجود الاحتلال ودعم الإدارة الأمريكية له

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر:

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *