ما بين التسريب والصّمود.. هل يكون فندق "إمبريال" في قبضة "عطيرت كوهنيم" يومًا ما؟
القدس المحتلة - القسطل: “في ساحة عمر بن الخطاب بباب الخليل، عشتُ كل طفولتي وشبابي، كبُرت هنا، عملتُ مع والدي في هذا الفندق، حتى حفظتُ حجارة هذه الأسوار العتيقة، لا يُمكن لي تصوّر أن يُصبح هذا المكان بيد المستوطنين يومًا ما.. لكن!”.. غصّةٌ في القلب توجعُ “أبو الوليد” الدجاني وهو يتحدث عن تسريب الفندق الذي تُديره لجمعية استطانية والدعاوى القضائية التي رُفعت ضدّ عائلته لإخلائها منه.
يقف على إحدى شُرفات الفندق، يتأمّل بألم ساحة عمر بن الخطاب، حيث تدور في رأسه تلك الأفكار السيئة.. هل يُمكن لهذا المكان أن يكون في قبضتهم يومًا، زورًا؟.. إنه “أبو الوليد”.
يقول لـ القسطل: “منذ عام 1950 عشتُ طفولتي هنا في باب الخليل وساحة عمر، مع والدي.. القدس في قلبي وضميري وحياتي.. القدس ثم القدس ثم هذه الساحة”.
ويضيف أن موقع هذا الفندق إستراتيجي، فهو في باب الخليل، المدخل الرئيس للبلدة القديمة، على اليمين مدخل البطركية الأورثوذكسية، وعلى اليسار مدخل البطركية اللاتينية، ثم دير الأرمن، وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى يبعدان دقائق عن هذا المكان.
تعود القصة بحسب ما رواه “أبو الوليد” إلى توقيع مدير مالية عام 2004 اتفاقية مع جمعية “عطيرت كوهنيم” الاستيطانية لإعطائه هذا العقار (الفندق) لمدة 99 سنة وتُجدد لـ99 سنة أخرى.
وقال إنه بعد عشر سنوات من توقيع هذه الاتفاقية المشؤومة حكمت المحكمة “الإسرائيلية” لصالح “عطيرت كوهنيم”.. وأضاف: “الحجر ببكي اليوم، لإنه صار بأيدي ناس لا يملكونه، ولا يملكون هذا العقار”.
عام 2019 بدأت محاكم الاحتلال ضدّ “أبو الوليد” وشركائه من عائلة الدجاني (أبناء إخوته)، من خلال ثلاث قضايا كبيرة، وقال “أبو الوليد” للقسطل: “عليّ أن أدفع مبلغ 10 ملايين شيقل، الحجز على أملاكي المنقولة وغير المنقولة، الحجز على حساباتي البنكية، والإخلاء”.
وبيّن أنه بعد كل هذا، كانت آخر دعوى قضائية ضد الدجاني، قُدّمت مؤخرًا عن طريق محامي المستوطنين تضم 800 صفحة!. وقال”800 صفحة يعني بدّك قانونيين بدرسوا بالجامعات يقعدوا ويتداولوا هالصفحات ومحتوياتها وكيف بدك تستمر في هالعقار يا أبو الوليد!”.
وطالب بأن يتم تشكيل لجنة تتألف من؛ المملكة الأردنية الهاشمية، والسلطة الفلسطينية، وممثلين عن دير الروم الأوردثوذكس وممثلين عن حكومة اليونان، للتصدي لقرار الإخلاء، وأن يجدوا سُبلًا للبقاء والصمود هنا.
“أنا من حقي أستمر، لكن المستوطنين بدهم يطلعوني اليوم أو بكرا..” يحكي “أبو الوليد”.
يتساءل خلال اللقاء “أين محبي القدس، فهذه ليست مسؤوليتي وحدي، إنها مصيبة حصلت عام 2004، والمسؤول عنها البطريرك السابق، فالحفاظ على عقارات عمر بن الخطاب مسؤولية دولية، على الجميع الحفاظ على العقارات الإسلامية والمسيحية في هذه البلاد”.
ينظر حوله، يلتفتُ يمنة ويسرة، ويقول: “لا أتصور ذلك.. لا أريد رؤية الساحة قبل مماتي وهي في يدهم.. وكي تبقى هذه الساحة وهذا العقار بيد الفلسطينيين، علينا ألا نقف كـ”متفرّجين” على ما يحصل!”.
أمامه إطلالة ساحرة، على المسجد الأقصى، كنيسة القيامة، البلدة القديمة، وأسوار العاصمة، يروي لمراسلتنا: “هنا ذكريات طفولة لا تعد ولا تحصى، هذا سطح الفندق، نحن قريبون من المسجد الأقصى، ذكرياتي كلها مربوطه به..”.
ويضيف: “هذا العقار سُرّب بمليون و250 ألف دولار لـ99 عامًا، إذا أصبح بيد المستوطنين فلتقرأوا السلام على مدينة القدس والبلدة القديمة”.
“أبو الوليد” موجود مع والديه في هذا العقار منذ عام 1949، كما يقول، ويضيف “سبعون عامًا من الذكريات هنا نمحي بها ما يدّعيه المستوطنون في الـ800 صفحة، فهل يُعقل أن يأتي مستوطنون كي يحتلوا عقارًا تربّينا فيه، إنه لأمر صعب”.
وختم بالقول: “هل يُعقل أن يُقارع إنسان محاكم الاحتلال لسنوات قادمة كي لا يُخلي عقاره، لا أستطيع تصور ذلك، عندما أفكر بهذا الأمر، أجلس وأبدأ بعدّ حجارة أسوار باب الخليل.. إن الوضع صعب ومؤلم”.
اقرأ أيضًا..