التوأم أبو صبيح.. أحدهما مصابٌ بحجر "جلبوع" والآخر بعزل "مجدو"
القدس المحتلة - القسطل: الأخوان التوأمان، ابنا شهيد القدس مصباح أبو صبيح، يحتجزهما الاحتلال في غرف عزله بسجني “مجدّو” و”جلبوع”، أحدهما مُصاب بفيروس كورونا، والآخر تم عزله بحجة وصوله إلى سجن “جلبوع” الذي بات موبوءًا بسبب سياسة الاحتلال وتأخيرها بعمل فحوصات كورونا للأسرى الفلسطينيين.
يوم أمس، أُغلق سجن “جلبوع” بعد الاعلان عن إصابة أكثر من سبعين أسيرًا بفيروس كورونا في قسميْ 1 و3، ليتم نقلهم بعضهم إلى سجن “السلمون” الذي تم تخصيصه للحجر الصحي، والذي كان يُستخدم سابقًا لعزل الأسرى خلال الإضرابات، وآخرون أبقتهم الإدارة في عزل "جلبوع".
من بين المُصابين بفيروس كورونا الأسير عز الدين أبو صبيح (23 عامًا)، حيث تقول والدته في حديثها لـ”القسطل” أن الأعراض بدت واضحة عليه خلال الزيارة الأخيرة له والتي كانت قبل أيام، كما أنه أبلغها بأن حاستيّ الشم والتذوّق مفقودتان عنده.
وتُضيف: “حدّثني ابني عن الأسرى ممن يحتجزهم الاحتلال معه في القسم ذاته، وكيف أن أعراضًا أخرى بدت على كل واحد منهم، معتقدين في البداية بأنها انفلونزا عادية وستمرّ، لكن تبين لاحقًا بأن فيروس كورونا قد تفشى في القسم”.
تبيّن لنا “أم عز” أبو صبيح قلقها على نجلها الذي كان من بين المُصابين الثمانية وهم؛ حمزة الكالوتي (مؤبد)، وسام عباسي (مؤبد)، إسحاق عرفة (مؤبد)، رمضان مشاهرة (مؤبد)، محمود عبد اللطيف (7 سنوات)، محمد البكري (7 سنوات)، وحمزة زلوم (ما زال موقوفًا)، حيث أن أعراض الفيروس على بعضهم كانت شديدة وبحاجة لرعاية طبية كبيرة.
“أنا ابني بكون مريض وعندي وبحضني وبكون خايفة عليه، كيف لو كان في السجن، معزول، ما في حدا يسأل عنه، ويعطيه الدوا والأكل اللازم والصحّي حتى يتغلّب على الفيروس؟!”، تقولها بحُرقة قلب ووجع على عز الدين، وفي الوقت ذاته توضح أن أعراضه أخف من الأسرى الآخرين، داعية لهم بالشفاء العاجل والحرية القريبة.
أمّا شقيق عز الدين، الأسير صبيح أبو صبيح، كان من المفترض أن يتم نقله من سجن “مجدو” إلى “جلبوع”، وبالفعل تم ذلك، وعند وصوله إلى بوابة السجن، رفضت الإدارة استقباله بحجة انتشار الوباء، ثم أُعيد إلى “مجدو”.
تقول والدته: “تفاجأنا بأنهم أعادوه إلى مجدّو ولم يكتفوا بذلك، بل احتجزوه في غرف العزل الانفرادي بحجة أنه وصل سجن جلبوع الموبوء، وبذلك قد حرمته إدارة السجن من رؤية شقيقه عز الدين”.
مُطالبات مؤسسات الأسرى إزاء هذا الارتفاع في عدد المُصابين ..
وطالبت مؤسسات حقوقية مختصة بشؤون الأسرى، بالإفراج الفوري عن الأسرى المرضى وكبار السّن الذين يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقالهم، وذلك لخطورة الأوضاع الصحية داخل سجون الاحتلال، وازدياد أعداد الأسرى المصابين بفيروس "كورونا".
وأعربت كل من؛ هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير، الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز حريات خلال مؤتمر صحفي عُقد أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في مدينة رام الله، اليوم الأربعاء، بمشاركة وزيرة الصحة مي الكيلة، عن بالغ قلقها من الأوضاع الصعبة والخطيرة التي يواجهها الأسرى في ظل الظرف الاستثنائي، والارتفاع المتصاعد بنسبة الإصابات بفيروس "كورونا" بينهم في سجن "جلبوع"، حيث وصل خلال اليومين الماضيين لأكثر من 70 أسيرًا، مع احتمالية عالية لازدياد الحالات المصابة فيه.
وأكدت المؤسسات أنها رصدت جملة من الحقائق منذ بداية انتشار الوباء، على صعيد واقع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي منها؛ مماطلة إدارة السجون في توفير الإجراءات الوقائية اللازمة في أقسام الأسرى كمواد التنظيف والتعقيم، واحتجاز العشرات من المعتقلين الجدد في مراكز توقيف لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية، كما جرى في مركزي “حوارة”، و”عتصيون”، حيث عزلت المعتقلين لفترات تزيد على 20 يومًا في ظروف مأساوية وغير إنسانية تحت مسمى “الحجر الصحي”.
كما رصدت استمرار قوات الاحتلال في تنفيذ عمليات الاعتقال التي لم تستثن كبار السن والأطفال والنساء، وواصلت اعتقال الفلسطينيين إداريًا.
وأوضحت المؤسسات أن بنية سجون الاحتلال تشكل بيئة محفزة لانتشار الوباء، خاصة مع حالة الاكتظاظ الحاصلة في غرف الأسرى وأقسامهم، وشح مواد التنظيف والتعقيم، واستمرارها في ممارسة سياستها القمعية والتنكيلية، ومنها عمليات الاقتحامات والتفتيشات، التي شهدت تصاعدًا منذ مطلع العام الجاري، وفرضت احتكاكاً أكبر بين قوات القمع والأسرى، كما جرى في سجن “عوفر” مطلع شهر أيلول الماضي، حيث نفذت عملية اقتحام واسعة، أُصيب على إثرها عدد من الأسرى، في الوقت الذي أُعلن في حينه عن إصابة أسرى بالفيروس داخل السجن.
وبينت أن إدارة سجون الاحتلال حوّلت الوباء إلى أداة ضغط، وقمع وتنكيل بحق الأسرى، لا سيما بحق المعتقلين حديثًا، واستمرت رغم انتشاره بممارسة سياسة الإهمال الطبي بحقهم، ووضعتهم في عزل مضاعف، وضمن إجراءاتها المرتبطة بالوباء، وحرمتهم من التواصل مع عائلاتهم بعد أن أوقفت زياراتهم لفترة، وكذلك المحامين.
وطالبت المؤسسات في رسالة سلمتها لممثلين عن الأمم المتحدة بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على دولة الاحتلال للإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأطفال والنساء والمعتقلين الإداريين، وتوفير الإجراءات الوقائية اللازمة داخل السجون، والسماح بوجود لجنة طبية محايدة تشرف على نتائج عينات الأسرى ومتابعتهم صحيًا.
بالإضافة إلى الكشف عن البروتوكول المعمول به من قبل إدارة سجون الاحتلال حول الإجراءات الخاصة بالوباء، وإلزامها بتوفير وسيلة اتصال بين الأسرى وعائلاتهم، وهو المطلب الأساس لهم اليوم، في ظل حالة العزل المضاعفة التي يواجهونها.
ودعت الصليب الأحمر الدولي كجهة اختصاص، للقيام بدور أكثر فعالية، في متابعة أوضاع الأسرى في السجون، لا سيما المصابين منهم، والتأكد من تقديم مستوى الرعاية الصحية اللازمة والضرورية للأسرى، وطمأنة عائلاتهم والتواصل المستمر معهم.