الاحتلال يصعّد عدوانه ضدّ الأقصى.. وجماعات الهيكل تستقوي باتفاقيات التطبيع!
لا تتوقّف محاولات الاحتلال تغيير الوضع القائم التاريخي في المسجد الأقصى إذ تراكم سلطات الاحتلال على "الإنجازات" السابقة التي فرضتها لتؤسّس لمزيد من الاعتداء على المسجد. لم تكن سلطات الاحتلال بحاجة إلى تفشي جائحة كورونا أو تطورات الموقف الأمريكي وما تبعه في ظلّ إدارة ترامب لتعتدي على الأقصى، لكنّها استغلّت الجائحة والدعم الأمريكي وموجة التطبيع العربي لتمرّر مزيدًا من الاعتداءات التي تعزّز الوجود اليهودي في المسجد وتغيير الوضع القائم فيه بما يخدم رواية الاحتلال وأهدافه.
ومن ضمن هذه الاعتداءات ما جرى مؤخرًا من تمديد مدة الاقتحامات إذ نشر نشطاء الهيكل على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في 2020/11/9 خبر موافقة سلطات الاحتلال على تمديد مدة الاقتحامات في ما يعرف بالفترة المسائية نصف ساعة إضافية، وعبرت جماعات الهيكل عن حفاوتها بهذا "الإنجاز" الذي تحقّق "بعد سنوات من المطالبة" وفق منشور على صفحة "طلاب لأجل الهيكل".
يأتي هذا التّمديد بعدما كانت شرطة الاحتلال فرضت عام 2008 فترتين للاقتحامات: صباحيّة ومسائية يجري تعديلها حسب التّوقيت الصيفي والشتوي، لتكريس حيّز زمني خاص بالمستوطنين توفّر لهم الشرطة في أثنائه الحماية والدعم ليتمّوا جولاتهم في الأقصى من دون "مضايقات" أو "تشويش". ثمّ تطوّرت هذه الخطوة إلى التضييق على الوجود الإسلامي في المسجد بالتزامن مع الاقتحامات، إذ عمدت شرطة الاحتلال في عام 2014 إلى فرض إبعاد جماعي صباحي للنساء فباتت تمنع قرابة 500 طالبة من طالبات مصاطب العلم من الدخول إلى المسجد. وعملت الشرطة على توفير بيئة مريحة للمستوطنين في السنوات التي تلت عبر إبعاد المرابطين والمرابطات وحظر مصاطب العلم، وقرارات بإبعاد العشرات من أبناء القدس والداخل الفلسطيني المحتل عن الأقصى ومنعهم من دخوله فترات تمدّد وتجدّد.
وصدرت جملة من المواقف تعليقًا على تمديد الوقت المخصّص للاقتحامات، فدانت الخارجية الأردنية اقتحامات المتطرفين تحت حماية الشرطة الإسرائيلية بما هي "انتهاك للوضع القائم القانوني والتاريخي وللقانون الدولي"، وأشارت إلى أنّ "تمديد فترة الاقتحامات المرفوضة أصلاً يعتبر إمعانًا في انتهاك الوضع القائم".
أما الخارجية الفلسطينية فقالت إنّ تمديد فترة الاقتحامات "تصعيد خطير في العدوان الإسرائيلي الرسمي الهادف إلى تهويد القدس، وتقسيم الحرم الشريف زمانيا ومكانيا"، وهو "دعوة رسمية لتصعيد العدوان على الأقصى".
وحذّر مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين من الخطورة البالغة لقرار الاحتلال الذي "يمسّ بالوضع القائم الديني والقانوني والتاريخي في الأقصى".
واللافت أنّ توم نيساني، المدير التنفيذي لـ "مؤسسة تراث جبل الهيكل" ردّ على هذه التصريحات متوعّدًا بالمزيد من التهويد في الأقصى إذ قال إنّ الأمر لن يقتصر على تمديد الوقت المخصّص لدخول اليهود إلى الحرم القدسي، بل إنّنا نعمل على تنسيق إقامة صلاة مشتركة هناك بين اليهود ومسلمين من الدول التي طبّعت مع إسرائيل" مضيفًا أنّ "عملية إضفاء الطابع الإسرائيلي على الحرم القدسي ستستمرّ، ولن تكون هناك ساعات وأيام محدّدة لدخول الإسرائيليين إلى هناك، وأقترح أن يبدأ محمد حسين بالبحث عن وظيفة جديدة".
ويستند نيساني لتصعيد الاعتداء على الأقصى إلى إمكانية التعاون مع المسلمين من دول التطبيع وإقامة صلوات مشتركة معهم لتكون ستارًا لتهويد المسجد، وكان نيساني وجّه رسالة باللغة العربية في مقطع فيديو نشره على صفحته على فيسبوك دعا فيه الإماراتيين والبحرينيين إلى زيارة الأقصى والمساعدة على طرد الأوقاف من المسجد.
هذه الصراحة التي تعكسها تصريحات نشطاء الهيكل في دعوتهم إلى طرد الأوقاف والعمل على مزيد من التهويد في الأقصى تؤكّد أنّ بيانات الرفض والإدانة لا تضع حدًّا لمثل هذه الاعتداءات، حيث إنّ جماعات الهيكل باتت تستدعي اتفاقات التطبيع مع الدول العربية لتشهرها في وجه هذه البيانات، ولتّتخذها منطلقًا لاستدراج العرب ليكونوا شهودًا، بل شركاء، في انتقال الأقصى إلى حضن السّيادة الإسرائيليّة.
إنّ التّطورات في سلوك جماعات الهيكل والتّجاوب الإسرائيلي الرسمي مع مطالبها يوحي أنّ المرحلة القادمة ستشهد المزيد من التصعيد ضدّ الأقصى، وتبدو اتفاقيات التطبيع حاضرة كعنصر تتكئ عليه هذه الجماعات لتحقيق مزيد من "المكتسبات" في المسجد ولتصعيد تحريضها ضدّ الفلسطينيين والأوقاف.
ومع فشل "سلاح" البيانات في وقف هذه الاعتداءات تبقى جماهير القدس والإرادة الشعبية خطّ الدفاع الأوّل الذي يمكن أن يعرقل تقدّم الاحتلال في الأقصى، ولهم أيضًا القول الفصل في وجه موجة اتفاقات العار التي تروّج لزيارات الأقصى التطبيعية كأحد ثمارها إذ إنّ رفضهم هذه الزيارات، الذي دلّ عليه طرد الوفود المطبّعة في تشرين أول/أكتوبر الماضي، سيحول دون استثمار جماعات الهيكل في هذه الاتفاقات والزيارات المندرجة تحتها لتغييرالوضع القائم في الأقصى.