بشار عليان .. عينُه سبقته للجنّة
القدس المحتلة - القسطل: شبان وأطفال ونساء في الشارع، إطلاق نار عشوائي، قنابل غازية وصوتية، والمواجهات محتدمة، والقوات المُحتّلة في كل مكان، على الشارع الرئيسي، وأسطح المنازل، وبين الأبنية، تنتظر اللحظة التي تقتنص فيها شابًا أو لربّما طفلًا.
ظهر الثلاثاء، السابع عشر من شهر تشرين ثاني الجاري، كان الطفل بشار عليان قد غادر والمئات من الطلاب مدارسهم باتجاه منازلهم، بالتزامن مع اقتحام أعداد كبيرة من قوات الاحتلال مخيم قلنديا ومحيطه شمال القدس المحتلة. تلك القوات انتشرت في الشارع الرئيسي وبين المنازل، واعتلت أسطحها، وبدأت بإطلاق النار بشكل مكثّف على الفلسطينيين رغم وجود الأطفال والفتية.
اندلعت مواجهات عنيفة ما بين قوات الاحتلال والشبّان الذين تصدّوا للاقتحام، أُصيب ثلاثة منهم برصاص الاحتلال، وأُصيب جندي إسرائيلي خلال الأحداث في قلنديا. لكنّ الصّدمة كانت بإصابة الطفل بشار عليان برصاصة غادرة أفقدته عينه.
“أصابته الرصاصة، نقلوه إلى مشفى النجاح في نابلس، وأُجريت له عملية بشكل عاجل، وتم استئصال عينه”، يقول والد بشار لـ”القسطل”. الرصاصة أحدثت تهشّمًا في الجهة اليمنى من الجيوب الأنفية، وكسر بسيط في الجمجمة.
“ابني يبلغ من العمر 15 عامًا، وهو طالب في الصف العاشر، بعد إصابته شعرت كم أنه جبّار، وصبور، ومتفهّم جدًا لحالته، لا شكّ أن الحالة النفسية ستلعب دورها خاصة أنه فقد شيئًا غاليًا، لكني على يقين أنه سيتجاوز هذه المحنة عن قريب، من خلال عزيمته وإرادته أولًا، ثم دعم العائلة والأصدقاء له”، يقول والده.
وأشار إلى أن جزءًا من جسد نجله بشار "سبقه للجنة"، وقال: “الحمد لله، إنه قدرنا، كما أن الوطن يحتاج للتضحية”.
يتعرّض مخيم قلنديا ومحيطه بشكل دائم لسلسلة من الاقتحامات والاعتقالات والاعتداءات، يبين والد الطفل بشار أنه وعائلته وأولاده الثلاث؛ معتز، بشار وبتول، تعوّدوا على ذلك منذ طفولتهم، فالمضايقات باتت يومية.
ما حصل مع الطفل عليان حصل مع عشرات الفلسطينيين في القدس والضفة المحتلة وقطاع غزة، بسبب قنّاصي الاحتلال ورصاصهم الغادر، فيسرقون منهم أعزّ ما يملكون، يُحاولون أن يتركوا في نفوسهم أثرًا سلبيًا، يُقعِدهم عن الدراسة وإكمال الطريق، لكنّهم لا يعلمون بأنهم قد تركوا أثرًا يصف بشاعتهم وحقدهم، وولّدوا عزيمة لن يعرفوا لها مثيلًا لاجتياز الصعاب.
- تلك صورة الطفل مالك عيسى وهو أحد الأطفال المقدسيين الذين شهدوا بشاعة المحتل، وأثناء عودته من مدرسته أيضًا أصابته رصاصة وأفقدته عينه في قرية العيساوية شمالي شرق القدس المحتلة.