علاء شحام.. لم يُسعفه الوقت لشراء ما أراد والده فالشهادة كانت أسرع
القدس المحتلة- القسطل: "شابٌ خلوق، حنون، مناضل، يُحبّه الجميع، ويحب مخيمه كثيراً"، بهذه الكلمات بدأ والد الشهيد علاء شحام وصف نجله بعد أن ارتقى برصاص الاحتلال صباح اليوم، خلال مواجهات اندلعت في مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة.
شحام ابن العشرين عامًا صُدمت عائلته وكل من يحبّه بنبأ استشهاده، كان يُحبّ عمله ويقضي معظم وقته فيه، فهو يعمل نجاراً أثناء النهار، ويضع حلوى "شعر البنات" و"البوشار" في أكياس خاصة أثناء الليل ليوزعها على المحال التجارية.
يقول والده محمد لـ "القسطل" والدموع تحتبس بعينيه: "علاء كان يحبّ عمله، ويحبّ المخيم، كان مناضلًا، شو بدي أحكي عنه.. الحمد لله رب العالمين، ربنا حبّه واختاره".
التقط أنفاسه قليلاً، وعاد يحدّثنا عن شخصية نجله مضيفاً: "علاء كثير حنون.. كثير حنون.. عندي 3 أبناء هو أصغرهم، دائماً كنت أطلب منه وأحكيله "تعال يا علاء، روح يا علاء، اشتريلي يا علاء".. الله يرضى عليه ويرحمه".
هي الآلام والأوجاع لا تنتهي بحق أبناء العاصمة المحتلة، تارةً تُهدم منازلهم أهلها فيُشرّدون في الشوارع ويحتلّ أرضهم مستوطن ثم يقول زوراً هذه أرضي، وتارةً أخرى يدفن الأهالي أجساد أبنائهم، بعد أن أصابتهم رصاصات الاحتلال، علّها تشعر بالدفء والأمان بين تُراب الوطن.
يردد والده ويقول: "الحمد لله .. أطلب من ربّ العالمين أن يُلقي الصبر في قلوب والدته وأشقائه وشقيقاته".
ويضيف بفخرٍ: "علاقة علاء مع المخيم كانت جميلة.. كان له الكثير من الأصدقاء، والجميع يحبّه.. لم يتسبب يوماً بزعل أحد ولم يرتكب أي مشكلة.. الحمد لله شاب خلوق، محترم، ويخشى الله".
اللقاء الأخير..
أما عن اللحظة الأخيرة التي رآه فيها قبل أن يذهب "أبو زيد" لعمله وينام فيه، فكانت يوم السبت الماضي، دار بينهما حديثاً لمدة دقائق، وعد خلاله علاء والده بشراء آلة لإعداد "شعر البنات"، لكنه لم يكن يعلم أن لقاءهما القادم سيكون لإلقاء نظرة الوادع والقبلة الأخيرة، وسيزّفه شهيداً إلى مثواه الأخير.
وحدّثنا قائلاً: "آخر مرة رأيته فيها يوم السبت، عندما أوصلني إلى الحاجز.. طلبت منه أن يشتري لي آلة لصنع حلوى "شعر البنات"، حتى أعمل عليها أثناء تواجدي بالعمل، وفي حينها قال لي: "إذا بدك خد تاعتي".. وعندما أجبته أنني أريد واحدةً جديدة، أجابني: "حبيبي يا أبو زيد".
واختتم مردداً بقلبٍ مكلوم: "دائماً كان يناديني أبو زيد.. ربنا اختاره لدار أحسن، ولا اعتراض على حكم ربنا".
"جُنّ جنونهم"
أما ابن عمه رياض، يقول في حديثه مع "القسطل" إنه توجه صباح اليوم في حدود السابعة إلى مكان عمله في الرام، وعندما وصل إلى هناك وصله اتصال يُفيد باقتحام قوات الاحتلال المخيم، وعقب ذلك ورده اتصال آخر يفيد بإصابة ابن عمه علاء برصاص الاحتلال في رأسه.
ويتابع: "بعد عشر دقائق، اتصل بي ابن خالي وأخبرني عن إصابة علاء واستشهاده، تركت عملي وتوجهت إلى مجمع فلسطين الطبي، وهناك عرفنا أن إصابته كانت خطيرة، وحاول الأطباء إنعاشه لكن دون جدوى".
وعن لحظات تلقيهم نبأ استشهاده، أردف بنبرةٍ حزينة: "جنّ جنون الجميع.. علاء كان أخ وصديق، وشاب محترم لم يؤذ أحدًا".
. . .
رابط مختصر
هيئة التحرير