الفعاليات الثقافية كمدخل للتطبيع في القدس.. حين لا تكون الموسيقى ممتعة

الفعاليات الثقافية كمدخل للتطبيع في القدس.. حين لا تكون الموسيقى ممتعة
القدس المحتلة - القسطل: يدور الحديث في الأسابيع الأخيرة عن نية بلدية الاحتلال في القدس بالتعاون مع شرطة الاحتلال، القيام بعدد من النشاطات الثقافية خلال شهر رمضان المبارك في مدينة القدس، كنوع من استخلاص العبر من المواجهات التي وقعت العام الماضي، نتيجة استحداث إجراءات إسرائيلية في باب العامود، وتمثلت بالحواجز الحديدية، وقد انتهت الأمور بانتصار المقدسيين واندلاع مواجهة عسكرية بين الاحتلال وقطاع غزة، كان نتيجتها انتصار المقاومة. النشاطات الثقافية واحدة من أساليب الاحتلال لاحتواء الروح الوطنية في القدس، والتي تتنوع أحيانا بين نشاطات ذات طابع ديني أو ثقافي أو تعليمي، لكن الغاية منها في كل الأحوال هو عكس صورة إيجابية للاحتلال في القدس كشريك للسكان الفلسطينيين المقدسيين في مناسباتهم الدينية وغيرها، وأيضا من أجل التغطية ومنع إقامة نشاطات يقوم عليها مقدسيون، في ضوء أن الاحتلال يسعى للتحكم بكل ما يدور في المدينة على جميع المستويات.  تسلط هذه المادة في القسطل الضوء على مؤسستين تابعتين للاحتلال الإسرائيلي، تزعمان أنهما غير رسميتين، لها دور في التطبيع الثقافي أو تطبيع الفعاليات الثقافية، والذي يعدّ من أخطر أنواع التطبيع:   صندوق القدس:  هو أكبر صندوق بلدي لجمع أموال لدى الاحتلال، يعرّف نفسه على أنه هيئة غير سياسية، وهو مرتبط بالصهيونية العالمية، وخاصة بصهاينة الولايات المتحدة، وتتلخص أهدافه في عكس صورة للاحتلال الإسرائيلي على أنه مصدر للتنوع الثقافي والحداثة والتقدم الاقتصادي. يركز الصندوق على الترويج لفكرة "التعايش" و"التطبيع" بين مجتمع الاستعمار أي المستوطنين وبين السكان الأصليين الواقعين تحت الاحتلال أي المقدسيين.  منذ إنشائه، قبل أكثر من 50 عامًا، جمع الصندوق أكثر من خمسة مليارات شيكل من الصهاينة اليهود حول العالم، استثمرها في نشاطات تلبي الهدف الذي تأسس لأجله في عام 1966 على يد رئيس البلدية تيدي كوليك ومجموعة من مقربيه، بينما شغلت المستوطنة روث حيشين أطول فترة في رئاسة الصندوق. ومن الشخصيات التي تولت إدارة الصندوق وزير الاستخبارات السابق في حكومة الاحتلال دان مريدور من حزب الليكود. كما أشرنا يركز الصندوق في نشاطاته على المجال الثقافي، وفي نشراته التي يصدرها بلغات مختلفة، يحاول الترويج لفكرة أنه داعم لكل سكان القدس، المستوطنين والمقدسيين الفلسطينيين، وقد ساهم في تمويل نشاطات موسيقية وفعاليات فنية، وكان له دور في تهويد القدس تحت ستار الثقافة والفن، فجمع الأموال لإنشاء متحف بلومفيلد للعلوم في القدس، ومسرح خان، ومدرسة سام شبيغل للسينما والتلفزيون، ومركز الموسيقى في القدس، ومركز ألبرت البلدي للموسيقى، وسينما القدس، وحديقة الحيوانات، ومعهد القدس لبحوث السياسات، والأوركسترا السيمفونية القدس. ويحاول الصندوق الترويج لفكرة أنه يرعى ذوي الإعاقة والحالات الخاصة في القدس، فمثلا أنشأ نادي المكفوفين السابق لإنشاء مركز تشخيص وإعادة تأهيل الأطفال المقدسيين ضعاف السمع في عام 2005. ويحاول اختراق المدارس والنوادي الرياضية والمكتبات والمسارح والنوادي من خلال الإغراء بالمال والدعم مقابل القيام بنشاطات تطبيعية تحقق أهدافه المرتبطة بالصهيونية العالمية.  هيئة تنمية القدس: في كل عام من شهر يونيو حزيران تقوم بلدية الاحتلال في القدس بالتعاون مع هيئة تنمية القدس بتنظيم حفل "مهرجان الأضواء في القدس" والذي يقام في البلدة القديمة تحديداً، حيث يعرض فيه أعمالاً الفن الخفيف لفنانين "إسرائيليين" ومن باقي دول العالم، وأقيم المهرجان لأول مرة في عام 2009 وأصبح يقام بشكل دوري، وتنفذه بشكل أساسي هيئة تنمية القدس، مهرجان الأضواء في القدس واحد من العديد من المشاريع التطبيعية التي تنفذها الهيئة في أحياء شرق القدس، فما هي هذه الهيئة وما هي أعمالها داخل مدينة القدس المحتلة؟  هيئة تنمية القدس هي وكالة مشتركة بين حكومة الاحتلال وبلدية الاحتلال في القدس، تم إنشاؤها في عام 1988 تحت إطار عمل قانوني بموجب قانون سلطة تنمية القدس على يد تيدي كوليك والذي شغل منصب رئيس بلدية الاحتلال في القدس لسنوات متتالية، وبالمناسبة هو نفسه مؤسس صندوق القدس.  وكان هدف الهيئة بشكل أساسي يتركز حول تشجيع وتخطيط وبدء الأنشطة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية للمستوطنين داخل القدس بالتنسيق بين الوزارات الحكومية والمسؤولين البلديين والهيئات الأخرى لدى الاحتلال، وعملت الهيئة على استثمار مبالغ ضخمة في سبيل تطوير قطاع العلوم والتكنولوجيا، ولعبت دوراً مهماً في قرار شركة "تيفع" الإسرائيلية للأدوية في بناء عدة منشآت داخل القدس. اتجهت الهيئة لإيجاد جسم رديف لها في شرق القدس، وأنشأت في عام 2001 شركة عدن، حيث استثمرت ما يقارب 300 مليون شيكل في مشاريع استغلال إنتاج الطلاب المقدسيين لصالح مشاريع تعليمية وعلمية إسرائيلية، وامتد عمل الهيئة إلى التعاون مع شركات عالمية وخاصة هولندية. وسعت الهيئة إلى العمل مع مؤسسة "روش حداشة" الأكاديمية على تشجيع الطلاب من حول العالم على الدراسة داخل مدينة القدس والبقاء فيها من خلال تقديم مزايا وحوافز مالية،  بالإضافة إلى إنشاء حدائق القدس بحجة خلق شبكة من المساحات الخضراء لتطويق الأجزاء الشمالية والشرقية من البلدة القديمة في القدس.  
. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: