عماد الشريف..الابن الوحيد الذي غيّبته سجون الاحتلال
القدس المحتلة-القسطل: ثمانية عشر عاما مرّت بطيئة ثقيلة على عائلة الأسير المقدسي عماد الشريف، الابن الوحيد، ورجل العائلة الذي غيبته سجون الاحتلال عن والديه، وسبقها عامان ونصف من المطاردة والاقتحامات وهدم المنزل، والنجاة من الموت.
يدخل الأسير عماد الشريف من القدس المحتلة اليوم، عامه الثامن عشر في سجون الاحتلال، ويقبع في سجن "النقب"، سنوات من الوجع والألم سرق فيها الاحتلال الفرح من قلب والديه، لكنّ الأمل بالحرية يتجدد في كل عام.
في الأول من ديسمبر/كانون الأول عام 2003، اجتاحت قوة كبيرة من جيش الاحتلال مدينة رام الله، وتحديدا منطقة قريبة من قرية الطيرة، واشتبكت مع مجموعة من المطاردين، من بينهم عماد الشريف، وكان في حينها يبلغ من العمر (23 عاما)، انتهت العملية العسكرية باغتيال ثلاثة مقاومين وهم: حسنين رمانة، صالح تلاحمة، وسيّد الشيخ قاسم، واعتقال الشريف.
عامان ونصف من المطاردة والملاحقة، سبقت اعتقال عماد الشريف، الطالب في كلية الهندسة بجامعة بيرزيت، تخللها اقتحامات متكررة لمنزل عائلته في بلدة بيتونيا، بحثا عن نجلها المطارد.
تقول والدة عماد في حديث مع "القسطل":"كان جيش الاحتلال يقتحم منزلنا باستمرار، صيفا وشتاء، في النهار والليل، بحثا عن عماد، عاثوا الخراب، دمروا الأثاث، كانت فترة صعبة جدا علينا، لم نكن نعرف أي شي عن عماد، أين ينام، ماذا يأكل؟ كان الخوف والقلق يسكن قلبي".
قبل ثلاثة أشهر من اعتقال عماد، وفي ليلة من ليالي شهر سبتمبر، اقتحمت فجرا قوة من جيش الاحتلال منزل نعيم الشريف، والد عماد، حققوا مع والديه عن مكان عماد، ليجيبوا بعدم معرفتهم، انسحبوا وبعد ساعة عادوا، لكن هذه المرة لتفجير المنزل انتقاما من عماد.
بدأ جنود الاحتلال بزرع الألغام في زوايا البيت الذي سكنته عائلة نعيم قبل عامين فقط، ليمنحهم جنود الاحتلال عشر دقائق فقط لأخذ أوراقهم.
والدة عماد أخذت أوراقهم الثبوتية والقرآن الكريم فقط وغادرت برفقة زوجها ووالدته وابنتهما لمنزل الجيران، ليتم تفجير المنزل عن بعد.
"الحجارة يتم إعادة بنائها، ومن بنى المنزل يبني غيره، عندما قالوا لنا إنهم سيهدمون المنزل، الله أوحى لي بأن عماد بخير، وهدم المنزل فقط كان انتقاما منه ووسيلة للضغط عليه". تقول والدة عماد
عقب اعتقال عماد بثمانية أيام، اقتحم جنود الاحتلال المنزل الذي استأجرته العائلة، واعتقلت والدته واقتادوها لمركز تحقيق "المسكوبية"، وضعوا تسجيل صوت لصراخ امرأة تتعرض للضرب والتعذيب، للضغط على عماد من أجل الاعتراف.
"اصبري يما اصبري" صرخ عماد من داخل غرفة التحقيق، ظنا منه أن والدته من تتعرض للتعذيب، ليبدأ التحقيق مع والدته، ويطرح أسئلة عن عماد، وكانت أجوبتها أنها لم تكن تعلم عنه شيئا طيلة فترة مطاردته.
حكم الاحتلال على عماد بالسجن المؤبد مدى الحياة، لتستأنف العائلة، ويُحكم بالسجن 27 عاما، وكان الأمل بتحرر نجلهم بصفقات الأسرى يتجدد، ففي "وفاء الأحرار" كان اسمه من بين الأسرى المنوي الافراج عنهم، ليتم سحب اسمه في أخر لحظة بذريعة أنه يحمل الهوية المقدسية.
كانت العائلة تنوي تزويج عماد، نجلها الوحيد قبل التخرج من الجامعة، لكن اعتقاله حال دون اتمام الفرحة، لكنها تنوي تزويجه فور تحرره من الأسر.
"عماد كان ذكيا ومن الأوائل في المدرسة والجامعة، محبوبا واجتماعيا، يحب مساعدة الأخرين، نستفقده كثيرا، وفي الوقت الذي نحن بحاجة له، كونه رجل العائلة، سرقته زنازين الاحتلال منا".
. . .