“حي النيرسات” .. منازل أوشكت على الانهيار بسبب حفريات الاحتلال

“حي النيرسات” .. منازل أوشكت على الانهيار بسبب حفريات الاحتلال

القدس المحتلة - القسطل: منذ بداية العام الجاري، تركوا منازلهم بعد تعهّدات بتصليحها وترميمها، إثر الانهيارات والتشققات التي أصابت جدرانها وأسقفها بسبب حفريات الاحتلال التي لا تتوقف في البلدة القديمة في القدس المحتلة وحول المسجد الأقصى المبارك.

بدأت حكاية التشققات في منازل “حي النيرسات” الذي يقع في “باب السلسلة” خلال شهر كانون ثاني/ يناير الماضي 2020، عندما قامت بلدية الاحتلال بما ادّعت أنها “أعمال تصليح لمواسير المياه” في الحي، وذلك بحسب السكان هناك، وقالوا إنهم كانوا يسمعون أصواتًا غريبة تحت الأرض خلال ساعات الليل والفجر الأولى.

  

انهارت جدران وأسقف منازل “حي النيرسات”، فأصبح وجود السكان الذين يسكنونها منذ عشرات السنين خطر على حياتهم، بعدما تضرّر أكثر من عشرين منزلًا، يقطن فيها نحو 100 فرد، رجال ونساء، أطفال وكبار في السّن.

محامو العائلات قالوا إن السبب الرئيس وراء تلك التصدّعات، بلدية الاحتلال، وإهمالها على مدار عشرات السنين للبنية التحتية للبلدة القديمة، وعدم منح الفلسطينيين  فيها أي إمكانية للترميم أو الترخيص، والسبب الأخطر؛ الحفريات التي تقوم بها الشركات الاستيطانية في المنطقة.

لم تقم بلدية الاحتلال على مدار أكثر من خمسين عامًا بعمل بنى تحتية مُناسبة لمنازل البلدة القديمة، فهي تفرض عليهم الضرائب وتجبيها منهم دون تقديم أي خدمات أساسية كـ”محتل”، ما أدى إلى وجود بنى تحتية سيئة لا تحتمل مرور عشرات السنوات دون أي صيانة أو تقوية أو تحديثات. وشركة “جيحون” (تابعة لبلدية الاحتلال) التي تُعنى بتصريف المياه وتقديمها للفلسطينيين، تعمل على تقديم خدماتها دون صيانة أو تحديث البنى التحتية.

أوامر الإخلاء .. وتعهدات بالترميم

منذ ظهور التشققات الخطيرة، أخطرت بلدية الاحتلال جميع العائلات في “حي النيرسات” بضرورة إخلاء منازلهم لفترة قصيرة، على أن تقوم بنفسها بإعادة ترميمها، وتتكفل أيضًا بإيجار المنازل التي سيقضون تلك الفترة فيها حتى العودة لبيوتهم.

في بادئ الأمر، شعر السكان بأن الاحتلال يطمع في الاستيلاء على منازل هذا الحي، كونه في البلدة القديمة وقريب من المسجد الأقصى المبارك، وإخلاء سكانه بذريعة الترميم أمر سهل لتحقيق ذلك، لكن بعد تدخّل المحامين وحصول العائلات على تعهدات ووعودات بالترميم، غادروا بالفعل وتركوا منازلهم على أمل العودة لها قريبًا.

"من بيوتنا .. مش طالعين"

خلال كانون أول/ ديسمبر الجاري عاد الأهالي لمنازلهم بعدما أخلفت بلدية الاحتلال وعودها ولم تفعل أي شيء، لا صيانة، ولا ترميم، وحتى بدل الإيجار الذي وعدتْ به، فقد دفعتْ لبعض العائلات لمدة شهرين، ثم تخلّفت عن دفع بقية الشهور، بحسب ما أفاد هو أحد السكان سامح أبو عصب لـ”القسطل”.

وأضاف: “وعدت بلدية الاحتلال بترميم منازل 24 عائلة في الحي، يعيش فيها نحو مائة فرد، وأخلفت وعدها، ولم يراجعنا أحد، وفعلًا شعرنا بأننا خُدِعنا، لذلك عدنا لمنازلنا رغم الخطر الشديد”.

وأوضح أن الانهيارات تزداد يومًا بعد يوم، وقال: “لا نريد أموالاً، بل نُريد مؤازرة من الجميع لمساعدتنا على ترميم المنازل، وأن يقف الناس معنا لإعدة إعمارها كي تعود حياتنا الطبيعية للحي”.

وهذا أيضًا ما طالبت به “أم مهند” أبو عصب، وقالت: “لا نريد الأموال، بل نريد تصليح منازلنا، أبنائي ولدوا في هذا المنزل، ذكرياتهم فيه، كما أنه مطل على المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وأسمع ذكر الله من وسط بيتي”.

وأكدت أنها لن تترك منزلها، رغم أن الوضع “من سيء إلى أسوأ”؛ خوفًا من أن يستولي الاحتلال على منازل الحي كافة، وقالت: “احنا مرابطين في أرض القدس ومش طالعين”.

“بدأتُ بعمل بعض الترميمات لجدران منزلي، ولكن بلدية الاحتلال منعتني، وأبلغتني بترك كل شيء على حاله”، يقول محمود زاهدة.

ويؤكد خلال حديثه لـ”القسطل”: “لن نخرج من هذه المنازل، هذا البيت عشنا فيه وسنموت فيه، وسنبقى هنا”.

إن ما يحدث في “حي النيرسات” جزء من سياسة الاحتلال في تهجير الفلسطينيين من القدس، فانهيار المنازل بات وشيكًا مع دخول فصل الشتاء، والبنى التحتية غير المهيأة، والأخطر من ذلك استمرار الاحتلال في حفرياته أسفل تلك المنازل.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: