محمد دقاق.. عندما تُحارَب في رزقِك فلا بدّ من الصّمود
القدس المحتلة- القسطل: محمد دقاق شابٌ مقدسي لا يعرف سوى القوّة والصمود، اعتُقل مراراً وتكراراً وباتت حياته بين التحقيقات والاستدعاءات، افتتح محلاً له في بلدة بيت حنينا (شمالاً)، كي يكون مصدر دخل له ولعائلته، لكنه لم يسلم من الاحتلال وسياساته الجائرة.
قبل نحو خمسة أشهر افتتح الشاب دقاق (28 عاماً) محلاً لـ "الأراجيل"، كان يطمح أن يسنده في معيشته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشباب المقدسي.
لم يسلم دقاق من اقتحامات عناصر مخابرات الاحتلال المستمرة للمحل، ومصادرة البضاعة منه، ولم يتلقَ أي دعم من أي جهة فلسطينية كانت، كما حدّث "القسطل".
يقول صاحب المحل دقاق في حديثٍ مع "القسطل": "هذه ليست المرة الأولى التي أتعرّض فيها لمضايقات الاحتلال.. في المرة الأولى افتتحت محلاً للملابس النسائية وأغلقته بعد أقل من شهر".
ويُبيّن أن سبب الإغلاق كانت مضايقات الاحتلال واعتقالاتٌ طالت شقيقته، مردداً: "عندما رأيت أن الاعتقال طال شقيقتي.. قررت أن يحدث ما يحدث، وأن أخسر ما أخسر.. المهم أن لا تتأذى شقيقتي.. خسرت فيه ولكن الحمد لله".
دقاق لا يعرف الاستسلام، بل كان الصبر طريقه، والتضحية والثبات في الأرض المقدسة مهما كلفه ذلك، وقرر مواصلة حياته رغم "المنع الأمني" ورفضه في الكثير من الوظائف التي من الممكن أن تساعده في بناء مستقبله، وافتتح محلاً ثانياً للأراجيل في بيت حنينا بتكلفة نحو 175 ألف شيقلًا.
ويضيف أن "الاحتلال عندما يرى شاباً يُحبّ وطنه أو أسيرًا محررًا أو غيره، يُقرر أن لا يكون له مصدر دخل كبير حتى يبقى باله مشغولاً ويركض حول نفسه ويُفكر في طريقة للحصول على الأموال.. وأن لا يُفكر بتاتاً في الوطن والأقصى ووجود المحتل".
ويردف: "حتى المؤسسات الوطنية المقدسية عندما تحصل على دعم باسم المقدسيين، لا نعلم أين يذهب، ومن الذي يحصل عليه.. توجهت للعديد من المقدسيين وأصحاب المناصب ولكن دون فائدة.. حتى أصبحوا لا يجيبون على اتصالاتي ورسائلي".
ويوضح دقاق لـ "القسطل" أنه تقدم سابقاً للعديد من الوظائف التي من الممكن أن تساعده في بناء حياته، وحتى أبسط الوظائف المتمثلة بالوقوف مكان الإشارة الضوئية عندما تتعطل عن العمل، تحت أشعة الشمس والبرد القارس، قوبلت بالرفض، وبرسالةٍ باللغة العبرية تقول: "أنت مرفوض من هذا العمل، ويُمنع عليك العمل به".
ويقول دقاق بنبرةٍ قوّية: "رسالتي واضحة، أنا عايش ورح أضل عايش.. ولكن أريد أن أعرف من يحصلون على أموال باسم القدس، ويسافرون ويمثلون القدس.. أين يذهبون بالأموال؟ أين دعم المقدسيين وتعزيزهم؟ هذا تشريد وليس تعزيز".
ويتابع متسائلاً: "ألسنا أحق في هذه الأموال؟ أنا أتعرّض لاقتحام عناصر المخابرات ومصادرة بضاعتي، وفي اليوم التالي تقتحم محلي طواقم الجمارك!".
ولفت إلى أن قوات الاحتلال صادرت البضاعة من محله مرتين خلال الخمسة أشهر الماضية، إحداها كانت تحتوي على كمية كبيرة (80 كيلو من المعسل)، كما تستمر باقتحام المحل بشكلٍ متكرر.
ويستكمل: "حتى شريكي في المحل يضغطون عليه.. ويقولون له: "هل سألت عنه قبل أن تشاركه؟"، وعندما يجيبهم أنني من الشبان المحترمين ويعرفني منذ وقتٍ طويل.. يردون عليه: "ضحكوا عليك.. هيو خرب بيتك".
الشاب دقاق قرر أن يبقى بمحله مهما كلفه الثمن ومهما كانت النتيجة، فهو الذي دفع نحو 175 ألف شيقلًا حتى يصنع لنفسه مصدر دخل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشباب في العاصمة المحتلة.
واختتم حديثه مع "القسطل" مردداً: "منذ وقتٍ طويل أتساءل عن أموال دعم وتعزيز المقدسيين.. ليس من اليوم، إنما من الوقت الذي كنت أتقدم فيه للكثير من الوظائف وأُرفض.. تعزيز صمود المقدسيين.. أين الدعم؟ الكثير من الشباب من عمري وأصغر يتعرّضون للمضايقات ولا يحصلون على دعم".
. . .