كيف تحولت الكنائس إلى أهداف للمستوطنين؟

كيف تحولت الكنائس إلى أهداف للمستوطنين؟

القدس المحتلة - القسطل: محاولة حرق أحد المستوطنين لكنيسة الجثمانية في القدس، أمس الجمعة، ليست حالة منفصلة عن سياق ظاهرة الاعتداء على الأماكن الدينية المسيحية في العاصمة المحتلة على أساس أيديولوجي بتساوق من المؤسسة الإسرائيلية التي تسمح للمجموعات اليهودية الرافضة للوجود المسيحي بحرية النشاط والحركة والتنظير.

ويستند منفذو عمليات الحرق والاعتداءات ضد الكنائس في القدس، على آراء بعض الحاخامات اليهود، الذين يعتبرون المسيحيين وثنيين لا يجوز لهم البقاء في "أرض إسرائيل" إلا إذا أدوا الفرائض التي يقوم بها اليهود، وهذا رأي تتبناه حركة "لاهافا" بقيادة الحاخام بنتسي غوبشتاين، الذي تمنحه المؤسسة الإسرائيلية حرية كاملة في التنظيم والتأطير والتنظير.

ولا يخفي الحاخام غوبشتاين مواقفه، ويدلي بها في مناسبات عامة، وفي عام 2015 أعلن عن تأييده لحرق كنيسة الطابغة الواقعة شمال القدس وكتابة شعارات عنصرية على جدرانها، من بينها "المسيحيون وثنيون"، قائلا "أنا بالتأكيد أؤيد حرق الكنائس، لأنني أعتقد أن العودة إلى أرض إسرائيل هي عودة دينية حسب التوراة. وإذا لم يكن لدينا التزام بالتوراة، فلا يحق لنا العودة إلى أرض إسرائيل، وهذا هو موقف التوراة من كنائس الأقليات".

وخلال التحقيقات التي أجريت بعد حرق كنيسة الطابغة، أُعلن عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية عن اكتشاف العديد من الوثائق المكتوبة من قبل المستوطنين المشاركين في عملية الحرق، وبعضها كان منشورا عبر مدونات عامة عبر الإنترنت.

وتظهر الوثائق أن هدف عمليات الحرق هو إعادة ما يسمى بـ"مملكة إسرائيل" إلى "العصور التوراتية"، من خلال إعادة بناء "الهيكل" المزعوم في القدس، والقضاء على غير اليهود.

وهذه الفكرة في حد ذاتها ليست جديدة وقد اعتنقتها طوائف مسيانية في الماضي وما زالت تتبناها، ويكمن الاختلاف فقط في من لديه الاستعداد لتنفيذ الأفكار وتطبيقها على أرض الواقع عبر استهداف الوجود غير اليهودي على كامل الجغرافيا الفلسطينية أو ما يعتبره هؤلاء "أرض إسرائيل".

ويظهر بعض الحاخامات المنتمين للصهيونية العداء حتى للمسيحيين من غير سكان "أرض إسرائيل"، وقد تجلى ذلك في تعقيب حاخام مستوطنة بيت إيل، شلومو أفينير، على حريق كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس عام 2019، بتصريحه "أن هذا مجرد عقاب إلهي للمسيحيين".

ورغم أن أجهزة الأمن الإسرائيلية لديها معلومات مفصلة حول هؤلاء الحاخامات وأتباعهم والمواد التي ينشرونها وتلك التي يتدارسونها، إلا أنها لا تحرك ساكنا ضدهم إلا في حالة قيامهم بفعل يمكن أن يحرج دولة الاحتلال، ويتم احتجازهم لفترات قصيرة في ضوء القيود القانونية التي تجعل من الصعب إدانتهم واستمرار احتجازهم.

ويتلقى حارقو الكنائس دعما كبيرا من قيادات المستوطنين، وحاخامات صهاينة، وأعضاء كنيست نجحوا في صياغة معايير قانونية تشدد من القيود المفروضة على توقيفهم، وهو ما تدلل عليه بيانات نشرت عام 2015، وتبيّن من خلالها أن 85% من قضايا حرق الكنائس والمساجد، التي بلغت في حينها 44 عملية حرق، تم إغلاقها دون محاكمة.

. . .
رابط مختصر
Bader

هيئة التحرير

مشاركة الخبر: