باب العامود.. رح نعيدها
يتطلع الاحتلال اليوم إلى رد الصفعة التي تلقاها في باب العامود في رمضان الماضي، حين حاول إغلاق ساحة باب العامود أمام أهل القدس والوافدين إلى المسجد الأقصى من كل أنحاء فلسطين، وكان يريد إبقاءها مغلقة أمام المقدسيين حتى الثامن والعشرين من رمضان موعد "مسيرة الأعلام" لمستوطنيه، لتتركز المسيرة والأعلام الإسرائيلية فيها، فتكون ساحة لإعلان سيادته على القدس وحسمه لمعركتها.
جاءت الريح بعكس ما اشتهت سفينته تماماً، إذ أجبرته هبة شباب القدس على التراجع عن الحواجز الحديدية، وعلى فتح الساحة والدرج أمام المقدسيين والوافدين للمدينة، وبعد فشل اقتحام 28 رمضان أمام المرابطين تفرقت مسيرة الأعلام مساء على وقع صفارات الإنذار وتحت وطأة صواريخ المـقـاومة القادمة من غزة.
رغم كل تحذيراته التي أطلقها من تصعيد مرتقب في رمضان، وبوادر المـقـاومة المشتعلة في الضفة الغربية، واستمرار كل ما يدعو للمواجهة في القدس وغزة والداخل المحتل عام 1948، إلا أن الاحتلال ينظر لرمضان الحالي باعتباره فرصة لرد الصفعة، وهذا ما يقوله سلوكه الميداني.
أي أنه يظن أنه بالتحضير المبكر، والتحرك الأمني الاستباقي، والاعتقالات المكثفة، والتنسيق السياسي والأمني المتواصل مع صهاينة العرب، فإن هذه قد تكون فرصة لكسر الموجة الشعبية الفلسطينية، وكسر الإرادة الفلسطينية رغم توفر أسباب انفجارها، فيستعيد بذلك معنوياته ويستعيد زمام المبادرة بظنه.
لأجل ذلك بادر المحتل إلى الهجوم في باب العامود: ليلة رمضان وضع حواجز الحماية الجانبية لتغلق مساحات الجلوس وتضيق مساحة الحركة عوض أن كانت للحماية من السقوط عن الممر الحجري الداخل لباب العمود، وحوّل مخزن الشرطة الموضوع أمام الباب إلى مركز شرطة متقدم، وعزز مواقعه التي استحدثها عام 2017 في محيط باب العامود، وأخذت بلديته تحاول تبني أنشطة فنية واجتماعية لعلها تضع باب العامود تحت سيطرتها، ونشر لواء شرطة من 6 كتائب تضم ثلاثة آلاف عنصر يبدو واضحاً من طريقة عملهم أنهم من القوات الخاصة للجيش أدخلهم للقدس بلباس الشرطة حتى لا يفقد هيبته ولا يقول أنه اضطر لنشر جيشه في "عاصمته" المزعومة.
لكن هذه المبادرة في حقيقة الأمر ضحلة وفرص نجاحها محدودة وظروف نجاحها غير مكتملة رغم ما يتصنعه المحتل من تماسك ورباطة جأش، فهي تأتي في ظل انشغال أمريكي وغربي بالمواجهة مع روسيا وفي ظل حكومة شبه منهارة فقدت أغلبيتها في الكنيست، وأمام جيش وأجهزة أمنية تلقت صفعات متكررة وتمارس فيما بينها نكاية صبيانية غير مسبوقة، أما "النظام الرسمي العربي" الذي يستنجد به المحتل فقيمته باتت صفراً أو تؤول إليه في تقرير مسار الأحداث في فلسطين.
أمام ذلك كله فإن فرص هزيمة المحتل في باب العامود وفي كل معارك القدس التالية أكبر وأعظم من السابق إذا ما حضرت الإرادة الشعبية في مواجهته، وما مبادرته لاستباق هذه الإرادة ومحاولة وأدها إلا تعبير عن إدراكه المسبق بأنها ستهزمه إن حضرت، فهو يحاول أن يمنعها من الحضور.
ولأجل ذلك يجب أن يكون شعارنا في القدس جميعاً اليوم: رح نعيدها، سنجبر المحتل على تفكيك إجراءاته، وإعادة الحديد إلى مكانه بل وتفكيك مركز شرطته المؤقت لنعلن باب العامود ساحة لهويتنا التي لن تمحى ولن تطمس في القدس، رح نعيدها ونمنع الاقتحامات ونحمي الأقصى، رح نعيدها وندفع المحتل إلى التراجع تلو التراجع في القدس، لتكون القدس عنوان ذله وهزيمته من حيث أرادها عنوان سيادته.
. . .