"شتاء يهودي في جبل الهيكل".. دعوات لاقتحام الأقصى وسط تفريغه
القدس المحتلة - القسطل: دعا قادة اتحاد “منظمات جبل الهيكل” المستوطنين إلى اقتحام المسجد الأقصى المبارك وتحويل هذا الشتاء إلى ما أسموه "شتاء يهودي في المسجد الأقصى”.
جماعات “الهيكل” المزعوم وضعت برنامجًا يتزامن مع ما يسمى عيد الأنوار العبري أو ما يطلقون عليه “عيد الحانوكاه” الذي يمتد من العاشر وحتى الثامن عشر من شهر كانون أول/ ديسمبر الجاري، أي بدءاً من الخميس القادم وعلى مدى الأسبوع الآتي بأكمله.
تحاول جماعات “الهيكل” تكريس الاحتفال بهذا العيد من خلال إشعال الشمعدانات والرقص ليلاً في ساحة الغزالي والتي تقع مقابل “باب الأسباط” (أحد أبواب المسجد الأقصى)، والتي باتت تشهد بشكل مستمر صلوات للمستوطنين ونفخ البوق، وسط حماية عناصر من شرطة الاحتلال.
وأمام خوف تلك الجماعات من محدودية الاستجابة لدعوتها، فقد جندت كل قادتها التاريخيين أمثال؛ جرشون سلمون وهو مؤسس “أمناء جبل الهيكل” للدعوة والمساهمة في اقتحامات الأقصى بشكل يومي لتشجيع جمهورها من المستوطنين على مرافقتهم.
يذكر أن هذه الجماعات ذاتها كانت قد وجهت نداءات مصورة على مدى الشهر الماضي للإمارات والبحرين (الدول المطبّعة مع الاحتلال) لمساعدتهم في إقامة صلوات مشتركة في الأقصى، ومساعدتهم في التخلص من إدارة الأوقاف الإسلامية للأقصى.
وفقًا للإحصائية التي زوّدتنا بها دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فإن 14356 مستوطنًا اقتحموا المسجد الأقصى منذ بداية العام الجاري حتى نهاية شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي، واليوم العدد تجاوز الـ15 ألفًا.
لم يعد اقتحام المستوطنين يقتصر على التجوال في باحات المسجد الأقصى ضمن مسار محدّد فقط برفقة شرطة الاحتلال، كما كان الحال عليه خلال السنوات الماضية، بل تعدّى ذلك إلى أداء الصلوات التلمودية بشكل علني، إلى جانب إدخال بعض رموزهم التلمودية، وارتداء ملابس تحمل صورة لـ”جبل الهيكل”.
وتُحاول شرطة الاحتلال يوميًا منع المصلين من التواجد في محيط مصلّى “باب الرحمة” الواقع في المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى، بل تُجبر كل من يتواجد هناك سواء للصلاة أو لقراءة القرآن على مغادرة المكان، وإلّا فإنها ستعتقله على الفور أو حال خروجه من المسجد الأقصى.
حتى وصل الأمر إلى توجيه “جماعات الهيكل” عريضة رسمية لوزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال أمير أوحانا، تتضمن المطالبة بالسماح لهم بتحويل الساحات الشرقية للمسجد الأقصى إلى “مدارس توراتية”، تُقرأ فيها التوراة، ويتم مناقشة تعاليمها، خلال كامل فترة الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى.
المختصون في الشأن المقدسي وأوضاع المسجد الأقصى أكدوا أن هذا الأمر يهدف إلى استغلال أوقات الاقتحام التي تفرضها شرطة الاحتلال إلى الحد الأقصى، بحيث يصبح دوام المدارس الدينية اليهودية داخل المسجد لمدة خمس ساعات يومياً، بمعنى أن يصبح الأقصى “حرم التدريس” الخاص بتلك المدارس.
كما أنه يمهد لاحقاً لإدخال الكتب ولفائف التوراة والكراسي، ومن ثم المطالبة بمظلات بلاستيكية على غرار تلك المنصوبة في ساحة البراق، وهو ما يؤسس مساراً جديداً للتقسيم المكاني للأقصى واقتطاع ساحته الشرقية بعد أن فشل الرهان الذي استمر 16 عاماً على اقتطاع مصلى “باب الرحمة” كنقطة انطلاق للتقسيم المكاني.
المستوطنون مستمرّون في اقتحامهم للمسجد الأقصى يوميًا من الأحد وحتى الخميس، ولفترتين صباحية ومسائية (ما بعد الظهر)، فيقتحمون المسجد من “باب المغاربة” ويتجوّلون ويصلّون في الباحات ثم يخرجون من “باب السلسلة”.
شرطة الاحتلال تعتقل كلّ من يحاول “تعطيل مسار المستوطنين” (على حد قولها) سواء كان أحد الحراس أو المصلين، فبعد أن منعت حراس الأوقاف من الاقتراب من اليهود خلال الاقتحام وألزمتهم بمسافة محدّدة، باتت تلاحق المصلين في أوقات الاقتحام بدءًا من عملية دخولهم للمسجد ومصادرة هوياتهم وإعطائهم بطاقة ملوّنة بدلًآ منها لتضمن عدم رباطهم لأطول مدة في المسجد، وتُلزمهم من خلال البطاقة بالخروج من الباب ذاته الذي دخلوا منه.
كما أنها تلاحق الصحفيين وكل من يقوم بتصوير المستوطنين وتوثيق انتهاكاتهم في المسجد الأقصى، أو من يتواجد على مقربة منهم، فيتعرّض للتحقيق في أحد مراكز شرطة الاحتلال في القدس، وبعدها سيُسلّم بشكل تلقائي قرارًا بالإبعاد عن المسجد الأقصى لأسبوع ثم يمدّد بعد انتهاء تلك المدة لعدة أشهر.
صعّدت شرطة الاحتلال من سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى، ليتسنى لها تفريغه من المصلين الذين يتواجدون يوميًا في مصلياته وباحاته ويعمرونه بالصلوات والذكر والدروس الدينية، فتحرمهم من حرية العبادة والصلاة في مسجدهم وأقصاهم، بهدف اقتحام أكبر عدد من المستوطنين بشكل يومي، وعدم وجود أي فلسطيني يُمكن أن يتصدّى لهم.
الفلسطينيون يتصدّون في كل مرة لدعوات المستوطنين لاقتحام المسجد من خلال شد الرحال للأقصى من الداخل والقدس وضواحيها وأحيانًا من الضفة ممن يمتلكون تصاريح لدخول مدينة القدس، ويُحاولون إفشالها والدفاع عن المسجد الأقصى.