مؤسسة الجذور الشعبية.. نموذج لمقاومة الأسرلة والتهويد بالمعرفة
القدس المحتلة- القسطل: لم يأل المقدسي جهداً في الحفاظ على هوية مدينته في ظل ما تتعرض له بشكل يومي من محاولات تهويد وأسرلة. وفي هذا السياق تعدّ مؤسسة الجذور الشعبية واحدة من مؤسسات عديدة تبذل جهوداً رغم المعيقات للحفاظ جذور الهوية والمعرفة المتعلقة بمدينة القدس، لكن ما يميز عمل هذه المؤسسة أنها تسعى لتوفير القاعدة المعرفية اللازمة للمجتمع من خلال تعزيز السردية المقدسية الفلسطينية كأداة مواجهة ومقاومة.
يقول خالد فرّاج المدير العام لمؤسسة الجذور الفلسطينية إن عمل المؤسسة بدأ في عام 2011 في مدينة القدس من خلال دعم المبادرات الحركات المجتمعية والتنسيق بينها بهدف الوصول إلى الرؤية المجتمعية المتعلقة بالتحرر من الاستعمار، إلى جانب العمل وفق شروط الاستقلال الاقتصادي عن المنظومة الاستعمارية كجزء من محاولات الوصول إلى التحرر.
ويتابع فرّاج في حديث لـ "القسطل" أن "المؤسسة تبحث في القدس وتاريخها وتجري أبحاثاً ميدانية، حيث بحثنا في 40 قرية ومخيم وحي في القدس لسرد تاريخ القدس من خلال سرد تاريخ هذه الأحياء والقرى التي تتضمن حكايا مدينة القدس، ويتم جمع المعلومات من خلال عدة مصادر بحثية، لكن الاعتماد الأساسي يكون على مصدرين الأول يتعلق بالرواية الشفوية من خلال عمل مقابلات سواء مع أهل المدينة أو الباحثين وغيرهم، والمصدر الثاني يتعلق بالكتب والمراجع الأساسية التي وثقت أحداث فلسطين ومدينة القدس، وجغرافيتها وتاريخها السياسي والاجتماعي".
كما تسعى المؤسسة إلى استخدام السياحة كأداة فعّالة لمواجهة الاستعمار تحت اصطلاح "السياحة التحررية" وتعتمد هذه السياحة على عدة أشكال تبدأ من لقاء السياح والأجانب بأهل مدينة القدس وسكانها حتى لو كان هذه اللقاء بسيطاً لكن له أهميته ودلالته من خلال سماع هؤلاء السياح رواية أهل المدينة بلسانهم وبشكل مباشر ويشاهدون كذلك واقعهم المعاش تحت الاحتلال بشكل يومي، والأمر الآخر يتعلق بالجانب الاقتصادي من خلال تناول وجبات الغذاء والفطور أو المبيت في بيوتهم وبالتالي تكون السياحة مدمجة مع البحث في هذا المنحى بحسب ما يقول خالد فرّاج.
كما تنظم مؤسسة الجذور الشعبية العديد من الجولات السياحية للأحياء والقرى المقدسية، وتتناول خلال تلك الجولات سياسات التهجير من قبل سلطات الاحتلال ضد المقدسيين من قبيل سحب تصاريح الاقامة ومصادرة الأراضي وتستعرض مختلف سياسات التهجير التي توظّفها سلطات الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من القدس وهدم البيوت، وخنق الاقتصاد الفلسطيني إلى جانب سياسات الإهمال والتهميش الممنهجة للقرى والأحياء المقدسية وسياسة الإهمال الممنهجة للقرى والأحياء المقدسية، كما عملت المؤسسة على توفير هذه الجولة بصيغة افتراضية خلال جائحة كورونا للتغلب على عوائق الوصول واتاحة التعرف على المدينة عن قرب.
وتعاني مدينة القدس من انتشار عشرات الحدائق القومية التي تعتبر جزءا من السياحة "الموجهة" التي تسعى من خلالها دولة الاحتلال إلى استخدام الآثار والتاريخ لتقديم سردية زائفة تربط المستوطن والسائح بأرض إسرائيل وفق تعبيرهم، إلى جانب تغييب الوجود الفلسطيني عن الخرائط الصادرة عن الجهات الإسرائيلية وبالتالي يصبح التركيز والثقل السياحي على غرب القدس، إلى جانب العديد من الممارسات الإسرائيلية الأخرى لذلك تسعى المؤسسة إلى تقديم روايتها الحقيقية المتعلقة بمدينة القدس من خلال المعلومات والمعرفة المقدسية من خلال عدة وسائل سواء مواقع التواصل الاجتماعي أو الموقع الإلكتروني الذي يحتوي خرائط معلوماتية وفيديوهات انفوجرافيك عن مناطق القدس وأحوالها والأوضاع السياسية والاقتصادية والهدف من هذه المعلومات والمواد أن تكون متاحة للفلسطيني سواء في القدس أو خارجها حتى يكون أمامهم فرصة للبحث أو تنفيذ مشاريع بالتالي هذه المواد توفر أمامهم خلفية معلوماتية جيدة، إلى جانب هدفنا في بثها إلى كافة العالم ويتم تقديم هذه المعلومات باللغة العربية والانجليزية لتأكيد الرواية تأكيد الفلسطينية والمقاومة من خلال جميع الأدوات الممكنة.
ويوضح فرّاج أن الصعوبات المتعلقة بعمل المؤسسة تنبع بشكل أساسي أنها تحاول التحرر والابتعاد عن التمويل المشروط، إلى جانب الأزمات المالية المتعلقة بوجود أي مؤسسة في مدينة القدس، إلى جانب أن المؤسسة تسعى جاهدة منذ عام 2015 إلى بناء نموذج تمويلي يضمن لها حريتها واستقلاليتها المالية.
. . .