مساع لتشكيل هيئة للسلم الأهلي بالقدس تواجه مخططات الاحتلال
القدس المحتلة-القسطل: في ظل التحديات الاجتماعية التي تمرّ بها القدس المحتلة، وتصاعد الهجمة "الإسرائيلية" على كل مناحي الحياة، في محاولة لتفريغ المدينة وأسرلة المجتمع ونشر الفوضى، برزت مساع عديدة منذ سنوات لإنقاذ النسيج المجتمعي، من خلال تشكيل هيئة وطنية للسلم الأهلي في القدس، وما زالت حتى اليوم هناك جهود لإعادة بلورتها، وتجاوز العقبات التي كانت تحول في السابق دون تنفيذ عملها على أرض الواقع.
عضو الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الشعبي في القدس ناصر أبو خضير، أوضح في حديث مع القسطل، أن محاولات تاريخية عديدة برزت في القدس لتشكيل أجسام وطنية، تقوم بتحمل المهام الكبيرة والخطيرة في المدينة.
وأشار إلى أن مؤسسة بيت الشرق وعلى مدى سنوات عديدة، كان لها دور في تشكيل لجان موسمية للحفاظ ومتابعة السلم الأهلي في القدس، باعتبارها الحاضنة للقوى والمؤسسات الوطنية في المدينة.
وبيّن أنه في عام 2008 تم تشكيل المؤتمر الوطني الشعبي للقدس، وانبثق عنه عدة لجان منها: لجنة الإصلاح الاجتماعي، وهيئة السلم الأهلي، وذلك انطلاقا من الشعور بالخطر الداهم لمخططات الاحتلال لضرب العنصر البشري وأسرلة المجتمع ونشر الفوضى.
وقال أبو خضير:"هذا المجال لم يُتابع من قبل الجميع بشكل جدي ومستمر، لكن الجهود تواصلت، وفي عام 2010 كانت المحاولة الجدية، حين قمنا بجمع عشرات الوجوه المجتمعية والعشائرية، وبادرنا بتشكيل هيئة تضم رجالات الإصلاح في القدس، لمتابعة هذا الجانب، لكن هذه الجهود تعطلت بفعل إشكالات عديدة".
واعتبر أن العقبات التي حالت دون تشكيل هيئة للسلم الأهلي في القدس، انبثقت عن العقبة الوطنية التي تمر فيها القضية الفلسطينية. ونتيجة لتعطّل العمل الوطني العام وما يشوبه من فراغات، بات من الطبيعي أن يعكس نفسه على كل نواحي الحياة في المجتمع.
وأوضح أبو خضير أن هناك مشاورات جديدة مؤخرا، لإعادة إحياء فكرة هيئة وطنية عامة للسلم الأهلي في القدس، وإعادة البناء على المحاولات السابقة، وهو ما يستدعي توحيد كل الجهود.
وقال:"ما تشهده القدس اليوم وصل لدرجة خطيرة من الصراعات المجتمعية، ففي السنوات الأخيرة شهدت المدينة أحداثا دامية، آخرها كان ما حدث من شجار في بلدة الطور، وهذا مؤشر خطير على أن الأمور تسير نحو الهاوية".
وأضاف أن كل القوى الحريصة على القدس وعلى السلم الأهلي، تتسارع للمبادرة في تأسيس هيئة حقيقية تجمع كل رجال الإصلاح المجتمعي الجيدين، بتظافر كل الجهود الوطنية والمؤسسية في سبيل أن ترى هذه الهيئة النور.
وأردف أن الأمور في القدس مرشحة للتصاعد، وتتوجه نحو مزيد من الخطورة، وهو ما ينذر بكارثة مجتمعية، وهي ليست بمنأى عن تغذية الاحتلال لكل مظاهر الفلتان المجتمعي وسعيه لبث الخراب.
وتابع أنه لا بد من إعادة تنظيم البعد المجتمعي الوطني الشامل، لأن الحديث لا يتوقف عند السلم الأهلي، بل يمتد ليشمل التجار والحالة الاقتصادية، التعليم في القدس، العنف الأسري، وظاهرة المخدرات، وغيرها من الظواهر التي تحتاج لمتابعة جدية وطنية مجتمعية مؤسسية شاملة.
ضرب النسيج المجتمعي..أهداف إسرائيلية لتهويد المدينة
أشار أبو خضير إلى أن الاحتلال سعى منذ سنوات لتشكيل أذرع مجتمعية مساندة له، ومنبثقة عن جهاز الشرطة والمخابرات "الإسرائيلية"، ومنحها صلاحيات شبه رسمية للتغلغل في المجتمع، إذ أن هناك مركزا مخصصا في دوائر شرطة الاحتلال للجان الإصلاح الاجتماعي، لكن الوعي الجماهيري في القدس حال دون نجاح دورها.
وأوضح لـ"القسطل" أن الاحتلال يسعى لملاحقة كل من يسعى للحفاظ على مدينة القدس ويُفشل مخططاته الرامية لتهويد المدينة، إذ يعتقل ويبعد ويمنع تحت ذرائع واهية، ودون توجيه تهمة واضحة ومباشرة.
وأكد أبو خضير إلى أن محاولات الاحتلال ستصطدم بالوعي الجماهيري في القدس، رغم دوره في تخريب المجتمع المقدسي. وافساح المجال له سيساعده في تمرير مخططاته الهادفة لتدمير كل مناحي الحياة في القدس.
وبيّن أن هناك توجها مجتمعيا لإنقاذ هذه الهيئات من البعد العشائري في المدينة، لذلك يسعون للبعد عن العشائر في تسميتها.
وقال:"أطلقنا في البداية عليها "الإصلاح الاجتماعي"، لكن يتطور اليوم مفهوم السلم الأهلي ليأخذ بعين الاعتبار كل أبعاد المجتمع وليس فقط العشائر، ويكون دورها حل المشكلات المتنوعة، وليس فقط بين العائلات".
يمر الوطن بحالة غير مسبوقة من الخراب المجتمعي، يتمثل ذلك بحالات القتل، والسرقة، وانتشار المخدرات، لكن للقدس خصوصيتها فإن أي جريمة تحدث لها تأثير سلبي مضاعف، نظرا لما تتعرض له المدينة من عملية ذبح من الوريد للوريد على يد الاحتلال، وفقا لما أشار أبو خضير.
وأكد أن مهمة المقدسيين في المدينة مركّبة وذات بعد أكثر حساسية من الناحية الوطنية والاجتماعية، لأن الاحتلال يسعى لإنهاء ملف القدس، من خلال الأسرلة والتهويد والضم والمصادرة.
وقال:"الاحتلال يدرك أن ضرب العنصر البشري وتدمير النسيج المجتمعي، سيُسهل عليه تنفيذ مخططاته لأسرلة المجتمع، وآخرها كانت فتح باب التجنيس لـ20 ألف مقدسي، وهي خطورة تندرج في القضاء على آخر ما تبقى من أوراق وطنية في القدس".
وأردف أن فتح باب التجنيس يعني 20 ألف أسرة مقدسية، وأكثر من 100 ألف مقدسي ستكون هويتهم صهيونية بعد خمس سنوات، وإذا لم نسارع لردم كل الثغرات الوطنية والمجتمعية والمؤسسية، ستذهب القدس أدراج الريح.
. . .