جدير بالذكر أن قوات الاحتلال اعتقلت نحو 470 فلسطينياً، وأصابت بقنابلها ورصاصها أكثر من 150 من بينهم أطفال ونساء وكبار في السن؛ إثر الأحداث التي اندلعت في المسجد الأقصى فجر وصباح أمس الجمعة (15 نيسان الجاري).
مراسل القسطل يروي تفاصيل التعذيب الذي تعرّض له خلال اعتقاله الجمعة
القدس المحتلة- القسطل: لم يكن يوماً عادياً يوم الجمعة الماضي، خاصة في باحات المسجد الأقصى المبارك وداخل أسوار البلدة القديمة، التي شهدت مواجهات عنيفة جداً، تخلّلها إطلاق الرّصاص والقنابل بشكلٍ متعمّد باتجاه الجميع، بينهم حرّاس المسجد والطواقم الصحفية والطبية.
كان الصحفيون يوثّقون لحظات اقتحام قوات الاحتلال المدججة بالسلاح لباحات المسجد الأقصى، ومحاصرة المصلين المتواجدين داخل المصلى القبلي، إلى جانب إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت في كل اتجاه.
كان من بينهم مراسلو الشبكة الذين لم يسلموا من اعتداءات الاحتلال خلال تغطيتهم للأحداث، حيثُ أصيب مراسلنا محمد سمرين بعيار مطاطي في ساقه، وكان ضمن المعتقلين ومن تم التنكيل بهم في المصلى القبلي، أما مراسلتنا نسرين سالم فأصيبت بقنبلة صوت في الرأس.
يروي مراسل "القسطل" محمد سمرين تفاصيل ما حدث معه يوم الجمعة، ويقول: "بعد انتهاء صلاة الفجر بدقائق اقتحمت قوات الاحتلال المسجد الأقصى وهي تطلق قنابل الصوت والغاز والرّصاص المطاطي بكثافة".
ويُبيّن أنه اختار أن يوثّق الأحداث من داخل المصلى القبلي رغم علمه المسبق بخطورة ذلك، مؤكداً أن الحاجة للتغطية من الداخل أكبر.
ويتابع: "وصلت قوات الاحتلال إلى باب الجنائز في المصلى القبلي، وأطلقت الرّصاص المطاطي بشكلٍ كثيف وعشوائي ما أدى لإصابتي في ساقي اليمنى، ثمّ تمكن المسعفون من نقلي إلى الشرفة الخارجية في الجهة الجنوبية للمصلى القبلي، وهناك شاهدت عشرات الإصابات معظمها في الرأس والوجه".
بعد نحو ساعتين، شعر سمرين بتحسنٍ في قدمه فعاد لتوثيق الأحداث داخل المصلى القبلي، وما هي إلا لحظات معدودة حتى اقتحمت قوات الاحتلال القبلي بأعدادٍ كبيرة من وحدات "اليمار" والشرطة وحرس الحدود والمخابرات.
في حينها، حاول العودة إلى الخارج لكن إصابته وسرعة تقدم الجنود حالت دون ذلك، فاحتمى مع مجموعة من المعتكفين خلف أحد الأعمدة لاتقاء الرّصاص المطاطي.
ويضيف: "حرصت على تغطية رأسي بيدي حتى لا أصاب في وجهي او عيني، وأصبت برصاصتين مطاطتين في فخذي الأيسر، وعندما هدأ إطلاق القنابل والرّصاص، تقدمت القوات نحو المعتكفين، وبدأوا بالضرب والتكبيل".
وحول التنكيل والاعتداء الوحشي، يقول سمرين: "شاهدت وحشية غير مسبوقة، أرسلت رسالة صوتية للزملاء في القسطل أن هناك قمع عنيف، ثم بدأت بتصوير مقطع فيديو لما يجري، وما هي إلا لحظات حتى انقض عليّ أحد جنود الاحتلال وصادر هواتفي ولم يتم توثيقها كأمانات، وألقاني على وجهي وأنا أصرخ فيه أنني صحفي ومصاب بقدمي، عندها استل هراوته وبدأ بضربي على ظهري وقدمي"
مرت لحظات عصيبة جداً، استمر فيها سمرين بالحوقلة والدعاء، وبعد نحو نصف ساعة وبعد تقييد كافة المتواجدين في المصلى القبلي، اقتادت القوات المعتقلين إلى باب المغاربة، وهناك حدث ما لم يكن متوقعاً.
ويسترجع سمرين بذاكرته هذه اللحظات الصعبة، مردداً: "هناك شعرت بنوع من الراحة ظناً مني أن فقرة الضرب قد انتهت وأننا سننقل إلى مركز تحقيق أو سجن؛ لكن تفاجأت بوجود صفين من قوات الاحتلال على طول جسر باب المغاربة يقومون بركل وضرب كل من يمر بينهم من المعتكفين".
ويتابع: "دماء كثيرة سالت على الجسر، وكثير من المعتقلين فقدوا وعيهم من شدّة الضرب، ولم تعد قدماي تحملاني فاتكأت على أحد الشبّان حتى وصلنا آخر الجسر بعد نحو ساعتين من دخوله!".
وفي حينها، تم التحقيق مع سمرين بشكلٍ أولي، وأخبرهم أنه صحفي ومصاب، لكن ذلك كان سبباً في المزيد من الشتائم والضرب. وعندما نُقل كافة المعتقلين بواسطة حافلات إلى مركز تابع لحرس الحدود قرب بلدة العيساوية، تعرّضوا من جديد للضرب الوحشي على أيدي وحدة "اليمام"، وتمت إعادة التحقيق معهم، ثم تم نقلهم إلى مركز "المسكوبية".
ويُبيّن سمرين أنه عندما وصل إلى "المسكوبية"، أخبروه أنه موقوف وسيتم عرضه على المحكمة في اليوم التالي.
مردداً: "انتظرنا حتى جاءت بوسطات النحشون وبدأت بنقل الشبّان إلى سجن بئر السبع، لكنهم رفضوا نقلي وشابين آخرين بسبب إصاباتنا البليغة، وفُقد ملفي مع كثرة الأعداد وتم الإفراج عني وعن الشابين المصابين عند أذان المغرب، وكان في استقبالنا عدد من المحامين والأهالي".
وفور الإفراج عنه، توجه سمرين لمركز طبي في القدس وتبين إصابته بكسور وتهتك في عظم ساقه اليمنى، ورضوض بليغة في فخذه الأيمن، إضافة لرضوض في ظهره وأكتافه، واصفاً حالته بقوله: "ها أنا ذا ملقى على فراشي لا أستطيع الحركة".
وأردف: "اليوم أخبرني المحامي أن قاضي محكمة الاحتلال استدعاني للمحاكمة ظناً منه أنني لا زلت معتقلاً، لكن طاقم الدفاع استصدر قراراً بالإفراج عني".
مؤكداً في ختام حديثه أنهم "نالوا من جسدي كثيراً، لكنهم لن ينالوا من عزيمتي وحبي للأقصى".
. . .