معركةُ الأقصى تتجدّد.. رباطٌ تحت زخّات الرصاص والغاز
القدس المحتلة - القسطل: في خضمّ الاعتداءات والرّصاص والقنابل، لم يتراجع المرابطون عن الدفاع عن المسجد الأقصى، ورغم اعتقال المئات يوم الجمعة الماضية وسط تهديدات المستوطنين بإدخال القرابين لباحاته، عادوا مجدّدًا، شدّوا الرحال للأقصى، اعتكفوا ورابطوا ودافعوا عنه بأجسادهم وعتادهم وأساليب تكتيكية.
صحيح أن شرطة الاحتلال سمحت لأكثر من 2500 مستوطن باقتحام المسجد الأقصى في عيد الفصح العبري من الأحد وحتى الخميس، إلّا أنها فعلت ذلك بالقوّة، وبعدما فرّغت المسجد الأقصى بالاعتداء على المصلين والمرابطين بالضرب بالهراوات والقنابل والرصاص، واستطاعت القلّة القليلة ممن بقي هنا وهناك بين جنبات المسجد عن الاحتلال أن يدافع عنه ولو بصوته مُكبّرًا.
خمسة أيام عصيبة على المسجد وأهله، كانت كفيلة بأن تُبيّن للعالم أن هذا المكان للمسلمين وحدهم، يُدافع الفلسطينيون عنه بأرواحهم، وهو خط أحمر بالنسبة لهم، المساس به يعني اللعب بالنار، وهذا ما أظهره الشبّان الذين تحصّنوا طيلة هذه الأيام في المصلّى القبلي، وقاوموا الاحتلال بحجارة وألعاب نارية.
سمحت شرطة الاحتلال لآلاف المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى خلال هذه الأيام الخمسة، لكنّ هذا حصل بعدما تم تغيير مسارهم، وتقليل مدّة الاقتحام، وعدم الوصول إلى أماكن في المسجد كانوا ينتهكونها طيلة الأيام والشهور والسنوات الماضية، خاصة الشرقية، التي وضعه فيها الشبّان عوائق لمنع مرور المستوطنين منها.
واستخدم الشبّان أساليب شكّلت إرباكًا ورعبًا للمستوطنين، من بينها بثّ صوت “أبو عبيدة”، صوت المقاومة، وصفّارات الإنذار التي كلّما سمعوا صوتها اختبأوا في الملاجئ، والطّرق على أبواب المصلّى القبلي، محدثين توتّرًا في الأجواء، ناهيك عن الهتافات الوطنية والتكبيرات على وقع صوت الرّصاص والقنابل الغازية التي تملأ “القِبْلي”.
عشرات الإصابات التي تم التعامل معها من قبل الطواقم الطبية التي أعاقت قوات الاحتلال عملها أيضًا، وتعرّضت للضرب كما المرابطين، وكذلك الطواقم الصحفية التي حاول الاحتلال إخلاءها من الباحات والمسجد كلّه لمنع بثّ الحقيقة والاعتداء المتواصل. ورغم الإصابات سواء الخطيرة منها أو الطفيفة وكما قال الشبّان “فداء للقدس والأقصى”.
على الناحية الأخرى، هناك من كان يُرابط أيضًا بطريقته، فالنساء كنّ عُرضة للاعتداء والمحاصرة في مصلى قبّة الصخرة، وأُصبن جرّاء الاعتداء عليهنّ بالهراوات والضرب والسقوط جراء الملاحقة.
حملن القرآن، رتّلن آياته، رابطن عند البائكة المقابلة للمصلى القبلي، أمامهنّ عناصر الاحتلال بأسلحتهم، لم يخفن، لم يتراجعن، كلّما دخلت مجموعات المستوطنين علت تكبيراتهنّ أرجاء المكان.
أمّا الأطفال، فشاركوا في التصدي، ومنهم “رعد” الذي بدا رجلًا كبيرًا، يتحدّث عن اعتداءات الاحتلال على المصلين، وقف وصلّى في المكان الذي يمرّ منه المصلون قرب متوضأ “الكأس”، وعلا صوته بالقرآن. كما كان لهم نصيب من الاعتداءات بالضرب، ولربمّا المقطع المصّور القريب من بابي الملك فيصل وحطة، لطفل بجانب شاب آخر ضُربا بالهراوات يصف ما كان يحصل مع الأطفال في المسجد والانتهاك الذي تعرّضوا له.
ما يؤلم حقًا في هذه الأيام، منذ الجمعة الماضية وحتى اليوم، هو تدمير المصّلى القبلي، بتكسير نوافذه الجبصية الجميلة الملوّنة، وحرق سجّاده الداخلي والخارجي، تكسير أبوابه، تحطيم سمّاعاته ومكبّرات الصوت.