لإقامة حدائق "تورتية".. الاحتلال يواصل تدمير المقابر الإسلامية بالقدس
القدس المحتلة – القسطل: صباح الإثنين، شرعت طواقم من بلدية الاحتلال وما تسمى بـ”سلطة الطبيعة الإسرائيلية” وعبر جرّافة صغيرة بهدم أجزاء من سور “مقبرة الشهداء” في القدس المحتلة.
في التاسع والعشرين من شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي هدمت طواقم الاحتلال الدرج التاريخي المؤدي إلى “مقبرة الشهداء” والتي تُعتبر امتدادًا للمقبرة اليوسفية، بغية تمكّن الآليات من اقتحام المكان مجدّدًا واستكمال العمل.
واليوم حضرت طواقم الاحتلال لتستكمل عمليتها في هدم سور “مقبرة الشهداء” التاريخية، تمهيدًا لبدء تنفيذ مخطط الحدائق التوراتية، ومحو كل ما هو عربي وإسلامي في القدس.
مقبرة الشهداء تحوي “صرح الشهيد” وعدد من القبور القديمة والحديثة، مساحتها تبلغ نحو أربعة دونمات، وهي الامتداد الشمالي لمقبرة اليوسفية (مساحتها نحو 25 دونمًا) والتي تعرّضت للعديد من انتهاكات أذرع الاحتلال في الآونة الأخيرة.
يشار إلى أن بلدية الاحتلال تنوي إقامة حدائق توراتية ومدرجات تطلّ على سفوح جبل الزيتون شرقي القدس على أرض المقبرة، وقامت خلال السنوات الماضية بتغيير المعالم المحيطة بها من خلال أعمال ادّعت بأنها “عمليات ترميم”.
الاعتداء على المقابر الإسلامية في القدس ليس جديدًا، فسبق أن اعتدى الاحتلال على مقبرة “مأمن الله” غربي المدينة، والتي تبلغ مساحتها نحو 200 دونم، تضم عددًا من الرفات والأضرحة التابعة للصحابة والشهداء منذ الفتح الإسلامي للمدينة، ليستولي على أكثر من 70 بالمائة من مساحتها.
الاحتلال أقام على مقبرة “مأمن الله” عدّة مشاريع استيطانية من بينها “حديقة الاستقلال، متحف التسامح، المدرسة الدينية، وفنادق ومواقف سيارات ومتنزّهات ومحال لبيع الخمر” في اعتداء واضح على المقبرة وقبور المسلمين فيها.
ورغم كل هذه التغييرات، يوجد على أرض المقبرة قبّة كبيرة شاهدة على أن كل المساحة التي أُقيمت عليها المشاريع الاستيطانية مؤخراً هي تابعة لأرض المقبرة الإسلامية.
كما يعتدي المستوطنون بشكل مستمر على مقبرة “باب الرحمة” الملاصقة لأسوار المسجد الأقصى، من خلال أداء صلواتهم وطقوسهم التلمودية والنفخ في البوق، إضافة إلى الاعتداء على شواهد القبور الموجودة فيها.
رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس، مصطفى أبو زهرة، يفيد لـ”القسطل” بأن ما حدث اليوم يقع ضمن سلسلة من انتهاكات الاحتلال لمقابر المسلمين وانتهاك حرمة القبور، فهي اعتداءات لم تتوقف منذ سنوات طويلة.
ويوضح أنه في بداية التسعينيات منع الاحتلال المسلمين من دفن موتاهم في الجزء الجنوبي من مقبرة “باب الرحمة”، واقتطعوا مساحات من المقبرة وبنوا حولها سورًا حديديًا، كما صادروا الأراضي المحيطة التابعة للأوقاف.
ويُشير إلى أن الاحتلال دمّر أيضًا قبل ست سنوات ويزيد، نحو عشرين قبرًا في الجزء الشرقي من مقبرة “باب الرحمة”، وصبّ فوقها “الباطون”.
كما تحدّث أبو زهرة عن سلسلة الانتهاكات التي حصلت لمقبرة مأمن الله، ومصادرة نحو 70 بالمائة من أراضيها، وبناء مشاريع استيطانية عليها.
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين عمليات التجريف التي قامت بها سلطات الاحتلال في المقبرة اليوسفية، وهدم سور مقبرة الشهداء، بحجة تنفيذ مخطط “مسار الحديقة التوراتية” في المكان.
واعتبرت بأن ما حصل اعتداء استفزازي سافر على هذا المكان المقدس وعلى مشاعر الملايين من العرب والمسلمين، مؤكدة أن هذه الاعتداءات تندرج في إطار مخططات الاحتلال الرامية إلى أسرلة وتهويد المدينة المقدسة ومحيطها، من خلال فرض تغييرات جوهرية على واقعها، وطمس هويتها الحضارية العربية المسيحية والإسلامية.
وحملت الوزارة حكومة الاحتلال المدعومة بشكل كامل من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي ترتكبها بحق شعبنا وأرضه ومقدساته وممتلكاته، وحذرت من تداعيات تنفيذ تلك المخططات الهادفة إلى تهويد القدس وفصلها بالكامل عن محيطها العربي الفلسطيني.
وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئاتها المختصة بتحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية تجاه هذا التمرد الإسرائيلي الفج على القانون الدولي والتطاول على الشرعية الدولية وقراراتها والاعتداء عليها.