"خربة أم اللحم" المهمشة..بين فكيّ الاحتلال وتردي الخدمات الحكومية
القدس المحتلة-القسطل: تعاني قرية خربة أم اللحم الواقعة شمال غرب القدس المحتلة، والتي يحدها جدار الفصل العنصري وعدد من المستوطنات، من ضعف في بنيتها التحتية وعدم توفر المؤسسات الضرورية لتقديم الخدمات التعليمية والطبية للسكان، نتيجة الإهمال الرسمي.
صادرت سلطات الاحتلال أراضي الخربة بين عامي 1984 و1967، وخلال بناء الجدار الفاصل 2001، والقريب من منازل القرية، بالإضافة لوجود مستوطنات تحيط بالقرية، وهي: "نطاف وهاردار ومعاليه حماشيه"، وفقا لما أوضح رئيس مجلس خربة أم اللحم هاني محمد ذياب
تهميش رسمي
قال ذياب لـ"القسطل":"إن قرية أم اللحم مهددة من قِبل الاحتلال، وتحتاج للدعم من أجل تمكين سكانها من الصمود، وقدمنا أكثر من مرة مطالبات لدعم وتطوير القرية ومن بينها مطالبات ببناء مركز صحي حتى لو بدوام جزئي، خاصة لخدمة أصحاب الأمراض المزمنة".
وتابع "كما قدمنا طلبات لوزارة الحكم المحلي ولأكثر من مؤسسة لتأهيل القرية كما باقي القرى، لكن دون استجابة. نحن مهددون من قبل الاحتلال "الاسرائيلي"، ونعاني من تهميش السلطة الفلسطينية لنا".
بدورها، تقول الناشطة المجتمعية في القرية نائلة الفقيه لـ"القسطل" إن مدرسة الخربة تقدّم التعليم لطلاب المرحلة الابتدائية فقط، من الصف الأول حتى السادس، مكونة من طابقين، إلا أنها تضم 50 طالبا فقط، وتم استحداث صف للتمهيدي مؤخرا.
تضيف أن المواصلات مؤمنة فقط للطالبات، وهو ما أثر على استمرارية الطلاب في العملية التعليمية، ويتضح ذلك في نسبة تسرّب ذكور القرية من التعليم وانتقالهم للعمل في الداخل المحتل أو في مدينة رام الله.
وحول مواصلات طلبة المدارس، بيّن أهالي القرية أن السيارة التي تقل الطلاب غير قانونية، وتقل 30 طالبا في الرحلة الواحدة رغم أنها تتسع لـ 10 أشخاص فقط.
وأوضح رئيس المجلس القروي للخربة أن ما يقارب 150 طالبا يدرسون في القرى المجاورة: قطنة وبدو والقبيبة، معتبرا أن مدرسة الخربة تشبه السجن لعدم وجود ساحة لها أو مكان لترفيه الطلاب.
وقال:"نحن بحاجة إلى بناء مدرسة مستقلة، ووضعنا ذلك بالخطة الإستراتيجية لعام 2022، وجميع المطالب موجودة لدى الحكم المحلي والمنصات والدول المانحة، ونرى أن هناك تقصيرا، وهو ما أدى لهجرة الناس من الخربة إلى القرى المجاورة في سبيل البقاء قرب الخدمات".
وأردف ذياب "طلبنا حافلة صغيرة من وزارة الحكم المحلي لنقل الطلاب للقرى المجاورة، وأيضا المواطنين لرام الله ولكن دون استجابة. كما طلبنا من الاتحاد الأوروبي المساعدة، ولم يوفرها، والحكومة ردت علينا بأن الاتحاد الأوروبي يمزح معنا!".
وحول معاناة المواصلات، تشير الفقيه إلى عدم توفر خط للمواصلات العامة في القرية، ما يضطر السكان للانتظار ساعة أو أكثر لوصول التاكسي، وهو ما يستدعي وجود خط للمواصلات. مشيرة إلى أن الوصول إلى رام الله من خلال التاكسي يكلّف 70 شيقلا، والوصول لقرية بدّو من أجل الحصول على الخدمات الطبية وغيرها يكلّف 50 شيقلا، وهذه تكاليف مرتفعة بالنسبة لأسعار خدمات المواصلات.
وبيّنت الفقيه عن وجود مطالبات من أهل القرية لافتتاح عيادة صحية يتواجد فيها طبيب مرة أو مرتين في الأسبوع لعلاج الأمراض المزمنة وتطعيم الأطفال، "لأننا نتوجه لعيادات القرى المجاورة في قطنة أو بدو، وهذا بحد ذاته يشكل عبئا على نساء القرية.
الخربة واستهداف الاحتلال
تقول صدقية شماسنة وهي من سكان بلدة قطنة وتملك قطعة أرض في خربة أم اللحم:" كان لنا أراض كثيرة هناك، أكثر من 20 دونما، سيطر الاحتلال على جزء منها عام 1967 عند احتلاله للضفة الغربية وما تبقى من القدس، والجزء الآخر استولى عليه الاحتلال خلال بناء جدار الفصل العنصري".
وأضافت لـ"القسطل" كنا نزرعها بالقمح والفول والبصل ومن ثم قمنا بتشجيرها بالزيتون، لكنهم صادروا الأرض واقتلعوا الأشجار، ولم يسمحوا لنا بدخول الاراضي المصادرة، " شو بدنا نعمل هذا عدونا وأغلب أهالي الخربة صودرت أراضيهم".
ولا يزال شفيق ذيبان (60 عاما) من قرية خربة أم اللحم يحتفظ بأوراق ثبوتية ورثها عن جده تثبت ملكيته لـ 200 دونم، حيث تم مصادرة بعضها في 1967، والآخر في 2001.
بصوت حزين يملؤه الحسرة، يقول ذيبان:"أوراق الأرض الثبوتية بحوزتي منذ أيام جدي، أي قبل وجود الاحتلال. جميع الأراضي المصادرة كانت مزروعة وللأسف اقتلعت الأشجار (..) بعوض الله".
الجهات الرسمية ترد
يعقب عبد السلام سلامة مدير عام مديرية الحكم المحلي في محافظة القدس لـ"القسطل" بأنه لا يستطيع الحديث عن بعض الوزارات كوزارة الصحة، أما الشق المتعلق بالمطالبات التي تختص بها وزارته فقد وعد بدراستها في أقرب وقت.
وقال:"أعدكم بالتواصل مع مدير مديرية صحة القدس من أجل الحصول على خدمات صحية للقرية لمدة يوم أو يومين بالأسبوع، وسيتم التواصل مع التربية فيما يتعلق بالمدرسة وإمكانية توفير صفوف إعدادية، وسيتم مناقشة موضوع المواصلات مع المحافظة".
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة المواصلات العامة موسى رحال لـ"القسطل" إن الوزارة تطلب من شركة الحافلات والنقل العاملة في المنطقة القريبة أو مجموعة القرى المحاذية توفير خدمة المواصلات للقرية، وإن وزارته ستتابع الإشكالية المتعلقة في هذا السياق.
وأكد المتحدث باسم التربية في ضواحي القدس محمد سامي لـ"القسطل" أن وضع البناية (المدرسة) ومساحتها وإمكانية الإضافة عليها صعبة، أما فيم يتعلق بتوفير مواصلات للطلبة فقد طرحنا مسألة توفير حافلة، وما زلنا بانتظار الجواب من وزارة التربية والتعليم، والتأخير جاء بسبب انتشار فيروس كورونا"، قائلا: "توفير حافلة للطلاب في القرية موجود في أولويات المديرية".
وتابع: "نحن مهمتنا توفير الدعم المالي لبناء مدرسة أو توسعتها، وعلى المجتمع المحلي توفير الأرض، إما من خلال التبرع أو الشراء".
. . .