الاعتقال الإداري .. أداةُ الاحتلال لقمع وردع المقدسيين
القدس المحتلة - القسطل: اعتادت سلطات الاحتلال أن تستخدم “الاعتقال الإداري” كأحد الإجراءات العقابية التي تتبعها بحق الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو الداخل الفلسطيني المحتل أو القدس المحتلة، لكنها لم تكن تطبّقه على المقدسيين بالشكل الذي نراه اليوم.
بحسب متابعي المعتقلين المقدسيين في سجون الاحتلال، فإن الأعوام التي سبقت الـ2015 تكاد فيها قرارات الإداري للمقدسيين شبه معدومة، وهنا لا بدّ من التوضيح أن الحديث يدور عن أهل المدينة حاملي الهوية “الإسرائيلية” ويعيشون في القدس.
مفهوم الاعتقال الإداري..
الاعتقال الإداري بحسب ما عرّفته مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، هو اعتقال بدون تهمة أو محاكمة، يعتمد على ملف سريّ وأدلة سريّة لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، حيث يتم استصدار أمر اعتقال إداري لفترة أقصاها ستة شهور قابلة للتجديد.
ترجع القوانين العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بأوامر الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ الانتدابي لعام 1945، ويستند القائد العسكري الإسرائيلي في غالبية حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية، وهي بالأساس مواد البينات ضد المعتقل، والتي تدعي السلطات الإسرائيلية عدم جواز كشفها حفاظاً على سلامة مصادر هذه المعلومات، أو لأن كشفها قد يفضح أسلوب الحصول على هذه المواد، وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية في حالات عدة جواز إمكانية عدم كشف هذه البينات، وعدم إلزام السلطة باحترام حق المشتبه به بالحصول على إجراءات محاكمة عادلة، بما يعد انتهاكاً لحق المعتقل الإداري في معرفة سبب اعتقاله.
وبحسب “الضمير” تتزايد حالات الاعتقال الإداري أثناء الهبات والانتفاضات الشعبية حيث تستخدم سلطات الاحتلال هذه السياسة لقمع وترهيب الفلسطينيين، فمنذ عام 1967 تم إصدار أكثر من 50 ألف قرار اعتقال إداريّ.
منذ الهبة الشعبية عام 2015 حتى نهاية العام 2018، أصدرت سلطات الاحتلال 5068 أمر اعتقال إداري بحق فلسطينيين بين أمر جديد وتجديد.
إحصائيات لأعداد معتقلي مدينة القدس إداريًا
يوضح رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب في حديثه لـ”القسطل” أن هجمة “الإداري” ارتفعت وتيرتها منذ الهبة الشعبية عام 2015، حيث استطاع الاحتلال تحويل 33 مقدسيًّا إلى الاعتقال الإداري خلال هذا العام، من بينهم أربعة أطفال.
أما عام 2016 تم تحويل 17 مقدسيًا للاعتقال الإداري بقرارات صادرة عن وزير جيش الاحتلال، بحسب ما وثّقت لجنة أهالي الأسرى.
ووثّق مركز معلومات وادي حلوة إصدار سلطات الاحتلال لـ91 قرار اعتقال إداري لمقدسيين (حاملي الهوية الإسرائيلية) وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين عام 2015 وحتى العام الجاري 2020.
الإداري أداة الاحتلال لقمع وردع المقدسيين
يقول المحامي خالد زبارقة لـ”القسطل” إن الاعتقال الإداري أصبح أحد أدوات الاحتلال في عملية الملاحقة السياسية التي يتعرض لها الفلسطينيون بشكل عام وأهل القدس بشكل خاص.
ويضيف أنه في الآونة الأخيرة بدأنا نلمس أن أدوات الاعتقال الإداري بدأ الاحتلال الإسرائيلي باستعمالها ضد المعارضين لسياساته بشكل عام، حتى وإن كانت معارضتهم معارضة مدنية وقانونية ويجب على القانون الإسرائيلي أن يحميها، وأصبح الاعتقال الإداري الذي يمس بشكل واضح وصريح بالحريات الأساسية للبشر، أحد أدوات القمع القانوني، لأن الهدف من تنفيذه هو مسألة ملاحقة المعارضين للسياسات الإسرائيلية في القدس، وأصبح أيضًا أحد أدوات الردع التي يستعملها الاحتلال لإعادة هيبته في أوساط المقدسيين.
وبحسب المتابعين القانونيين لتطبيق السياسات الإسرائيلية في القدس، يوضح زبارقة أنهم “على قناعة كاملة بأن الاحتلال يستعمل الأدوات القانونية ليس من أجل تنفيذ القانون والنظام وإنما لتطبيق سياساته العنصرية وأجندته التهويدية”.
ويبين أن الاحتلال يستخدم الاعتقال الإداري كأداة قمعية بحق المقدسيين وحرياتهم والمساس بحقوقهم الأساسية الإنسانية، وأداة لتغيير الوعي الاجتماعي والمفاهيم عند المقدسيين داخل المدينة المحتلة.
استهداف شخصيات وشرائح معينة ..
يلاحق الاحتلال شخصيات بعينها في القدس من خلال اعتقالها وتحويلها لـ”الإداري” وتجديده. يوضح المحامي زبارقة أن الاحتلال يركز في ملاحقته على فئة معروفة في العاصمة خاصة الفئة التي تحمل المنهج الإسلامي، والفئة التي تحمل فكرًا وثوابتَ واضحة حول القدس والأماكن المقدسة وأهمها المسجد الأقصى.
ويشير إلى أن الاحتلال بكافة أجهزته يلاحق اليوم بشكل مركّز الشخصيات المؤثرة في الطابع العام لمدينة القدس، ولها دور مؤثر في قيادة المفهوم الديني في وعي الناس حول الأماكن المقدسة خاصة المسجد الأقصى.