مسيرة الأعلام.. من استعراض المستوطنين الهش إلى الردع الذي تحقق
القدس المحتلة - القسطل: بعد مرور نحو عام على الإلغاء الأول من قبل سلطات الاحتلال لمسيرة "الأعلام الإسرائيلية" على إثر سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية من غزة في مدينة القدس المحتلة في أيار 2021، تعود للواجهة سجالات جديدة حول إقامة هذه المسيرة هذا العام، ما بين القلق "الإسرائيلي" من تهديدات المقاومة في غزة من إقامة هذه المسيرة الاستفزازية، وإصرار جماعات الصهيونية الدينية على إقامة هذه المسيرة.
تقام هذه المسيرة في "يوم القدس" -حسب تسميتهم- حيث تُحدَّد هذه المناسبة حسب التأريخ العبري، في الثامن والعشرين من الشهر الثامن من السنة العبرية، اليوم الذي أتمّ فيه جيش الاحتلال سيطرته على شرقي القدس في نكسة 1967، ووافق يومها السابع من يونيو/ حزيران.
يُطلق عليه رسمياً اسم "يوم القدس"، لكنّه يُسمّى أحياناً "يوم توحيد القدس"، أي يوم "توحيد" شرقها وغربها تحت سيادة وسيطرة الاحتلال.
وتُعتبر "مسيرة الرقص بالأعلام" الاحتفالية الأبرز التي تتصدر عناوين هذا اليوم، بحيث تنطلق من غربي البلدة القديمة باتجاه باب العامود ثم البلدة القديمة.
الاحتفالات بهذا اليوم بدأها لأول مرة الحاخام تسفي يهودا كوك وطلاب مدرسة "Merkaz Harav" الدينية عام 1968، من ثم ابتدع المستوطن يهودا حيزني، أغاني ورقصات في المسيرة التي كانت تقام ليلاً ليتقرر بعدها إقامتها خلال ساعات الظهيرة.
وأصبح المنظم الأبرز للمسيرة تلك، حاييم دروكمان، وهو من رواد الصهيونية الدينية، كما تقام فعاليات مركزية لهذه المسيرة في مركز "هراف- يشيفا" العالمية الصهيونية وهي أول مدرسة صهيونية دينية في العالم.
ويتخلل الاحتفالات عدة فعاليات يشارك فيها نشطاء الاستيطان بشكل خاص ومستوطنو القدس والضفة الغربية، إلى جانب العروض الغنائية. وليلًا يقيم الحاخامات جلسات في المعابد والكنس اليهودية برفقة سياسيين وأعضاء في برلمان الاحتلال.
قديمًا، كانت تمنع سلطات الاحتلال المستوطنين من الاحتفال بهذا اليوم في البلدة القديمة؛ منعاً للمواجهات مع أهالي مدينة القدس، لكنها باتت تمنحهم الضوء الأخضر، فتُجبر أصحاب المحال التجارية من المقدسيين في البلدة القديمة على إغلاقها منعاً للاحتكاك مع المستوطنين، إلى جانب نصب العديد من الحواجز العسكرية واستدعاء عناصر إضافية من قوات الشرطة.
خلال هذه الاحتفالية، يُصعّد المستوطنون من اعتداءاتهم على الفلسطينيين بدءًا من استهداف المتواجدين منهم عند بابي الجديد والخليل (نقطة انطلاق المسيرة)، وصولًا إلى باب العامود، الساحة الأكثر مواجهة، والتي يتخللها اعتداء على أهل المدينة والصحفيين والمسعفين، بألفاظ نابية وصراخ بـ"الموت للعرب"، وشتم لرسول لله محمد عليه السلام.
وعند وصولهم البلدة القديمة، يكسّرون أبواب ونوافذ منازل المقدسيين هناك، ويعتدون أيضًا على المحال التجارية ويكسرون أقفالها أو يُحكمون إغلاقها بأدوات "اللِّحام" كي لا يستطيع أصحابها إعادة فتحها من جديد في اليوم التالي.
ويُمكن القول إن العلامة الفارقة والأبرز فيما يخص هذا اليوم و"مسيرة الأعلام" كان عام 2021، حينما اخترق صاروخ من قطاع غزة سماء العاصمة في معركة "سيف القدس"، التي اشتعلت إثر اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، فمُنعت المسيرة بسبب ذلك، وهرب المستوطنون خوفًا أثناء تحضيرهم للوصول لباب العامود حاملين أعلام الاحتلال.
عام 2021، وافقت حكومة الاحتلال على تنظيم المسيرة في البلدة القديمة حيث قادها عضو "الكنيست" المتطرف ايتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، في الوقت الذي كان أهالي حي الشيخ الجراح تحت تهديد الطرد من منازلهم واستيلاء المستوطنين عليها، ما أدى لاندلاع مواجهة عسكرية مع المقاومة في غزة استمرت لـ11 يوماً خلقت معادلة جديدة في القدس ظهرت نتائجها بشكل حقيقي بعدما أعادت حكومة الاحتلال إقرار تنفيذ المسيرة في 7 يونيو- حزيران، لكن التهديدات المقاومة في وقتها أوقفتها.
وصادق وزير الأمن الداخلي للاحتلال بشكل نهائي على السماح لـ"مسيرة الأعلام" بالمرور من باب العامود والبلدة القديمة في 29 من شهر أيار الجاري.
. . .