"معركة العلم" .. حربُ سيادة بين الفلسطينيين والاحتلال في القدس

"معركة العلم" .. حربُ سيادة بين الفلسطينيين والاحتلال في القدس
"معركة العلم" .. حربُ سيادة بين الفلسطينيين والاحتلال في القدس

القدس المحتلة - القسطل: بدا مشهد العلم الفلسطيني خلال أحداث القدس الأخيرة لافتًا، وذلك بعدما رُفع في عدّة مناسبات وأماكن خلال أقل من عام بشكل واضح وجليّ للاحتلال، حتى قرّر مُحاربته وإنزاله واعتقال حامله، حتى الأطفال، والنساء اللواتي يلبسن حجابهنّ بألوان العلم.

بات يُحارب الاحتلال العلم الفلسطيني في كل مكان يُرفع فيه؛ سواء في المسجد الأقصى، الميادين، أزقة القدس وشوارع بلداتها، وحتى في الجنازات والتشييع. فليس ببعيد ما حصل خلال تشييع جثمان الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة ورفع عشرات الأعلام منذ انطلاق موكب التشييع وحتى دفنها في مقبرة صهيون قرب باب الخليل. وكيف حاول وضع شرطه على عائلة الشهيد وليد الشريف بعدم رفع أي علم فلسطيني خلال التشييع، لكنّ الشبّان رفعوه “خاوة”.

من الناحية القانونية..

بحسب المحامي محمد محمود، فقد أوضح لـ"القسطل" أنه لا مخالفة قانونية لمن يرفع العلم الفلسطيني.

وأضاف أن رافع العلم يُصبح مخالفًا للقانون فقط في حال صاحَبَ ذلك “أعمال شغب”، وقال: “إذا تم اعتقال شخص رفع العلم، فإن ادّعاء الاحتلال يكون بأنه عرقل عمل الشرطة أو أخلّ بالنظام، بمعنى أنه لا يوجد أمام المحكمة “مخالفة رفع العلم”.

وأشار إلى أن المعتقلين على هذا السبب عادة ما يتم الإفراج عنهم لأن رفع العلم لا يُعتبر مخالفة قانونية.

نتذكّر هنا، الفلسطينية هالة الشريف (58 عامًا) التي وقفت في باب العامود، عدّة مرات، تزامنًا مع "مسيرة الأعلام التهويدية"، لتحمل العلم الفلسطيني في وجه المستوطنين، فكانت نموذجًا للسيدات والناشطات اللواتي يقفن للتصدي للمسيرة والمستوطنين، فيقوم الاحتلال إمّا بإنزال العلم أو اعتقالها.

وبعد ساعات من التحقيق معها، يقوم بالإفراج عنها، كونها لم تخالف القانون، ثم يقرر الاحتلال إبعادها عن منطقة الحدث أو القدس لفترة محددة.

في تشييع شهداء الوطن .. 

في الثالث عشر من أيار/مايو الجاري، تزامنًا مع تشييع جثمان الشهيدة أبو عاقلة، ورفضًا لشروط الاحتلال، عمّت أجواء وطنية رُفع خلالها العلم، وعلت أصوات هتافات جميع المشاركين بالشعارات الوطنية المناصرة لقضيتنا، والمنددة بجريمة الاحتلال في اغتيال صوت الحقيقة "أبو عاقلة".

وما هي إلا لحظات، حتى استنفرت قوات الاحتلال عناصرها وفرق الخيالة، واعتدت على المشيّعين بالدّفع والضرب والهراوات، وأطلقت صوبهم القنابل الصوتية وغاز الفلفل، في محاولةٍ منها لمنع رفع الأعلام الفلسطينية.

لكنهم لم يرضخوا للاحتلال وشروطه، وفي مشاهد كانت أقرب لمشاهد تحرير البلاد، قابل الشبّان ذلك بالإصرار أكثر، رفعوا الأعلام الفلسطينية التي لم تنزل ولم تنحنِ، وبقيت تُرفرف عاليًا على مرأى قوات الاحتلال، وهتفوا بصوتٍ أعلى، فهذه البلاد بلادهم.

وعندما وصلوا منطقة باب الخليل، شاهدوا أعلام الاحتلال التي تنشرها بلدية الاحتلال في كل فترة، فكانوا يمشون في التشييع ويُنزلونها، ويرفعون العلم الفلسطيني أعلى وأعلى.

ولاحق جنود الاحتلال خلال تشييع جثمان أبو عاقلة، شابة فلسطينية بسبب ألوان حجابها التي ضمّت ألوان العلم صدفة كما أوضحت.

"معركة العلم" ليست وليدة لحظات، وإنمّا هناك مناسبات عديدة جدًا، نستعرض وإياكم مشهدًا آخر في السياق ذاته، وهو مشاهدة إزالة مستوطنتين علم الاحتلال عن مركبتهما؛ خوفًا ورعبًا، من مسيرة فلسطينية نددت باغتيال الشهيدة أبو عاقلة، رُفع خلالها العلم الفلسطيني في سماء بيت حنينا شمال القدس، وعلى مركبات شرطة الاحتلال.

ولم تقتصر "معركة العلم" على ذلك، ففي السادس عشر من أيار الجاري، تحوّل تشييع جثمان شهيد الأقصى وليد الشريف، موشحًا بالعلم الفلسطيني، إلى ساحة حرب، فهذا هو الحال مع هذا الاحتلال.. لا حرمة لمقبرةٍ أو شهيد.

وتزامنًا مع انطلاق موكب التشييع من الأقصى باتجاه البلدة القديمة ثم إلى باب الساهرة حيث مقبرة المجاهدين في شارع صلاح الدين، انتشرت قوات الاحتلال بشكلٍ مُكثّف وهاجمت المشيّعين مطلقة القنابل والرصاص، والذين بدورهم استمروا بترديد الهتافات الوطنية واستطاعوا رفع العلم الفلسطيني داخل المقبرة خلال عملية الدفن.

أمّا في شهر رمضان الماضي 2022، فالعلم رفرف مرارًا وتكرارًا مع صلوات الفجر وما بعد العشاء، حتى أنه رُفع على قبة الصخرة المشرّفة، القبة الذهبية، وبقي عدّة أيام، ما أثار غضب المستوطنين، ولم تستطع شرطة الاحتلال إنزاله.

ويستعد المستوطنون لتنفيذ "مسيرة أعلام" تهويدية عصر غد 29 أيار، يتخللها الغناء والرقص ورفع أعلام الاحتلال في شوارع القدس، من غربي المدينة (باب الخليل والجديد) نحو باب العامود، مرورًا بالبلدة القديمة، وحتى حائط البراق.

ولمواجهة ذلك، أُطلقت حملة لاعتبار يوم غد، يوم العلم الفلسطيني، ورفعه في كافة الساحات والشوارع وفوق المنازل، وصولًا لرفعه والتجمهر به في ساحة باب العامود.

وللتخفيف من حدّة الأمر، قررت شرطة الاحتلال السماح للضباط الكبار فقط بإنزال الأعلام الفلسطينية المضادة لمسيرة المستوطنين في القدس وباب العامود، ما يمنع الشرطة وأفرادها أو الضباط الصغار من إنزال العلم. صباح اليوم، شرع الفلسطينيون برفع الأعلام الفلسطينية في شوارع القدس وبلداتهم وأسطح منازلهم، ونشر الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي. شرطة الاحتلال لم يرق لها ذلك، فبدأت اليوم بإنزال الأعلام الفلسطينية التي رُفعت في شوارع بلدتي الرام (شمالًا) وجبل المكبر (جنوبًا).

     

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر:

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *