عن “الغزلان الشاردة” في سجون الاحتلال

عن “الغزلان الشاردة” في سجون الاحتلال

القدس المحتلة - القسطل: لا شكّ أن حرمان الأسرى الفلسطينيين من زيارة ذويهم، يؤثر عليهم وعلى حياتهم داخل السجون بشكل كبير، ويؤثر في نفسيّاتهم فتصبح أكثر سوءًا، قد يكون هذا الإجراء عقوبة، أو بسبب التنقل ما بين سجن وآخر، أو بسبب العزل.

يُحاول الأسرى الفلسطينيون الاطمئنان على ذويهم، عائلاتهم، أطفالهم بكل الطرق الممكنة، قد يُساند الأسرى بعضهم، فمثلًا قد لا يتمكن أحد الأسرى من الزيارة لشهور أو سنوات، لكن يُمكن لذوي أسير آخر -يُمكن له الزيارة- أن يُحضروا له ملابس أو صور عائلته أو ما يُسمح بإدخاله للسجن عن طريقهم.

لكن هذا الأمر، لا يُبرّد النار التي يوقدها الشوق في قلبه، فهو يُريد أن يسمع أصواتهم ويطمئن على حالهم، وهذا الأمر يحصل فقط إذا وُجد “الغزال”، والغزال هو الهاتف النقّال المُهرّب داخل السجون الإسرائيلية للأسرى، وهو الكنز الذي يدفعون من أجله الكثير فقط من أجل صوت أحبابهم.

تجربة شخصية عاشها الصحفي أمجد عرفة، الذي كتب فيلم “غزال”، الذي حاكى قصة واقعية يعيشها الأسرى منذ سنوات طويلة، وبعد معاناة طويلة ومُعيقات كبيرة خرج الفيلم إلى النور.

يقول عرفة في حديثه لـ”القسطل”: “كتبت فيلمًا طويلًا عن تجربتي داخل السجون، وبعد البحث والعمل وعدم الحصول على إنتاجية للفيلم، اختصرته وقلت إن عملًا قصيرًا يُنجز بطريقة مميزة أفضل من فيلم طويل لا يغطي كافة الجوانب التي نودّ طرحها”.

ويضيف بناء على تجربته الشخصية مع كتابة فيلم “غزال”، أن أفضل الأعمال التي يُمكن الكتابة عنها، هي الجوانب التي عشناها ونعرف مضامينها ولدينا صورة واضحة وكاملة عنها، ويبين أن تجربته وتجربة الأصدقاء الذين كانوا حوله هي التي ساعدت في إعداد وكتابة القصة.

الفيلم لم يتجاوز النصف ساعة، حيث يُشير عرفة إلى أن الميزانية هي الأساس في كل شيء، والأمر لم يكن بسيطًا بالنسبة لهم، حيث لم تتوفر الميزانية المطلوبة، وقال: “هذه إنتاجية ضعيفة بأضعف ما يمكن لذلك قمت باختصار الفيلم، لأنني لم أكن قادرًا على تكاليفه، ولو توفر الإنتاج لقمنا بعمل كل شيء”.

أما عن المعيقات التي واجهت فريق العمل، فالميزانية كما سبق وذكرنا، كانت هي المُعيق الأساس، حيث بيّن عرفة أنه وعدد من الأصدقاء من قاموا بإنتاج الفيلم دون أي مساعدة من قبل مؤسسات أو شركات.

وأكد أن صعوبات عديدة واجهت فريق العمل، سواء من خلال التصوير أو الإعداد أو تدريب الممثلين الذين لم يخض معظمهم سابقًا تجربة “التمثيل”، لذلك تم عمل “بروفات” كثيرة”، للخروج بأفضل أداء، إلى جانب تصوير العمل في مدينة رام الله، وعمل الديكور اللازم والذي تطلب جهدًا ومالاً.

يُلفت عرفة إلى أنه تم استدعاؤه للتحقيق من قبل الاحتلال في اليوم الثالث من تصوير الفيلم، كما تم اعتقاله بعد الانتهاء من التصوير، وصادر الاحتلال جميع أجهزته ومواده، إضافة إلى احتجازه في الزنازين لعدة أيام.

عُرض فيلم “غزال” في عدة مهرجانات دولية وعالمية في كل من؛ مصر، الكويت، المغرب، فرنسا، بنغلادش، بولندا والهند.

الفيلم عُرض لأول مرة في أيلول من العام الماضي 2019، من سيناريو وإخراج أمجد عرفة، ومونتاج أسيد عمارنة، موسيقى جون حنضل، ومحمود شاهر تولّى مدير التصوير. عدد ممن حضر الفيلم الذي عُرض قبل عدة أيام على منصة “فيمو” ولفترة محدّدة، أكدوا أن الفيلم القصير حاكى واقع الأسرى بكل ممتاز، وخطف الأنفاس في لحظات معيّنة.

المحرّرة سوزان عويوي قالت إن هذا الفيلم “اجترّ من الذاكرة الكثير من المواقف، عشنا مثيلها داخل الأسر بل وربما كانت أقبح مما وردت فيه، نبش الكثير مما جاهدنا واجتهدنا لطيه في الصفحات الخلفية لذاكرتنا”.

وقالت: “تباً لتلك المفردات التي تقتلع الروح بمجرد تذكرها.. غصة القلب وانقباض النفس كلما تذكرنا من تركنا من خلفنا تحت ذات الظروف المؤلمة”.

المحرر قتيبة قاسم قال إن من عاش التجربة يعرف كم تعب الفريق على إعداد الفيلم، وكيف نقل جزءًا كبيرًا جداً من الصورة وتفاصيلها، ودعا إلى التوسّع في العمل ليصبح مسلسلًا يتحدث عن المزيد من تفاصيل حياة الأسرى داخل السجون.

رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، قال إن العمل كبير حيث نفذه ثلة من الإخوة الأحرار الذين عايشوا الاعتقال وعانوا ظلم الاحتلال، وأصروا أن يُخرِجوا الصورة الاقرب للحقيقة التي يعيشها الأسير بالرغم من شح الإمكانيات والدعم.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: