البامية البلدية .. أتعرفون ماذا قيل عنها قديمًا في تراثنا؟

البامية البلدية .. أتعرفون ماذا قيل عنها قديمًا في تراثنا؟
البامية

يكتب الحكواتي الفلسطيني والباحث في التراث الشعبي حمزة العقرباوي عن موسم البامية فيقول:

للبامية لذة في مذاقها، وجمالٌ في طعمها لا يَعْدُله شيء، فَتُحِسُ وأنت تأكلها كأنها البلابل مُغردةً على لسانك.. فأنعم بها من مأكل وأنعم بِمُحبيها. ولا عيب في البامية إلا ما قد تُحدثه من نفاخ وغازات في المعدة. ولأجل ذلك قيل عنها في المثل الشعبي: (عَ اللسان بلابل وفي المعدة قنابل).

والبامية من أكلات الأكابر والذوّاقة، والناس الأفاضل الذين يُحسنون انتقاء أطايب الطعام وأفخمه وأفيده ويحترمون أنفسهم وموائدهم، ولا يكرهها إلا من ينطَبِقُ عليهم قول المثل: (بعرفوش طعم ثمهم) ولولا جهلهم بها لما تجنبوها و(الإنسان عدو ما يجهل). 

ولو أردت الحديث مادحاً البامية لاحتجت لأيام وأيام، لكن نختصر الكلام وندعوكم لتجربة المذاق و”الحكي مُش مثل الذوق”. 

وأنصحكم بالابتعاد عن خرافة الفوائد التي يَحشرها الناس في كُل شيء، فنحن لا نأكل الشيء بحثاً عن فوائده، وإنما نأكل لحشو المعدة بما يُعجبنا طعمه ومذاقه، والفوائد هذه تأتي تحصيل حاصل.

وعن طبخ البامية: فإنها تطبخ بكذا ألف طريقة، ولكل سيدة وصفات وأطباق وليس هذا من اختصاصي، إذ تركته للسيدات الماجدات العاكفات القائمات في المطابخ. لكن أظن أن أطيب طبخاتها حين تكون شوربة مع لحم الضأن (يخنة) أو صواني (صنية بامية). ويمكنكم أن تعدوا (قلاية البامية) مع السُماق من أجمل نعم الرب الرزاق. 

ولأنني فلاح أزرع البامية وأقوم بتعشيبها ورعايتها ثم أقطفها وأعاني من شوكها (آه لها شوك خفيف عند قطفها)، أدرك معنى أن يكون سعرها مُرتفعاً فيصل الكيلو اليوم إلى 15 شيقلًا (قريب من 4 دولار) وهو زهيد مُقارنة بتعبها وجهدها الذي خَبِرتُه بنفسي.

المُهم أنّ الناس تُحب البامية الصغيرة للطبخ وما عَملِتْ أن الصواني لا يَكتَمِلُ سِحرُ مَذاقها إلا بالبامية الكبيرة لا الصغيرة. أما (اليخنة) فروعتُها بقطع البامية الصغيرة التي تتدحرج من فمك إلى معدتك من غير جهدٍ ولا مضغ أو هضم.

 أحب البامية وأنحازُ لها على الرغم من استغلالها من قبل النسوة في أغانيهن ضد الرجال المُحبين للتعدد، كما في أغنية:

أخضر يا عرق البامية .. أخضر يا عرق البامية

جـوزي اتجـوز عليا  ...  وأنا صـبية وغـاوية

أخضر يا عرق البامية .. أخضر يا عرق البامية

جـوزي تجـوز عليا  ...  والحنّـة لـسـا بايديـا

أحب البامية رغم كل ذلك، أحبها حباً جماً يَصحُ معه القول: (مرآيه الحب عاميه تخلى الكوسا باميه)، ذلك أن حَبة البامية صَغيرة جداً أمام حبات (الكوسا)، لكنّ الحُب أعمى، والمعدة وما تهوى.

أما تخزينها وتفريزها وشكّها كقلائد الزينة وتجفيفها وخزنها للشتاء فذلك أمرٌ عظيم تستحق عليه النساء شكراً وتبجيلًا. 

ودعوني أقول لكم أن هناك نوعان على الأقل كما أعرف من البامية، هما؛ قرن الغزال (الطويلة)، والبامية القصيرة (المدَحْبَرَه)، وكلاهما إذا كان بلدياً فإنه لذيذ وطيب.. ولا عجب أن نقول فيها مدحاً وتشبيهاً بالحسناوات: "لداوية الباميه يا حبابة وهذي البنت غاوية يا حبابة". 

 

 

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: