الشهيد أحمد عريقات.. عامان على ارتقائه والجرحُ غائر
القدس المحتلة - القسطل: “حكالي بدّي أقدّم العرس.. وراح أحمد”، استطاع أحمد أن يقدّم موعد زفافه لكن ليس لعروسه وإنّما للشهادة لتكون مفاجأة صاعقة للعائلة التي كانت تنتظره ليزفّ شقيقته في يوم زفافها.
وبدلًا من أن يلتقط المصور له وللعائلة مع العروس صورًا من الزفاف للذكرى، وضعوا صورته على لافتة كبيرة كُتب عليها “عذرًا يا أختاه فنحن حتى في أفراحنا ترافقنا تفاصيل المحتل” وغاب أحمد ولم يعُد.
في الـ23 من شهر حزيران/ يونيو 2020، ارتقى الشهيد أحمد عريقات برصاص الاحتلال على حاجز الكونتينر الذي يفصل بيت لحم ومناطق شرقي القدس المحتلة، حينما كان في طريقه لتزيين سيارته ليزف بها شقيقته التي تنتظره والعائلة في أبو ديس.
منذ ذلك الوقت، احتجز الاحتلال جثمان الشهيد عريقات ولم يسمح لذويه برؤيته، واستمرّت العائلة في المطالبة بتسليم جثمانه. اليوم، مرّ عامان على ذكرى استشهاده، وما زال جرح العائلة على فراقه غائرًا.
وعن ذلك اليوم، تقول والدته في حديثٍ سابق مع "القسطل": “ساعدنا جميعًا، أوصل كل واحد منّا إلى المكان الذي يُريد، وبدلته وأغراضه كانت في انتظاره، لكنّ أحمد لم يعد”.
وتُضيف: “أحمد يُحبّ أن يفعل كلّ شيء كما يُريد وفقًا لمخططاته، أوصلني للعيزرية وغادر متجهاً إلى بيت لحم لتزيين السيارة هناك، وقبل العصر بقليل كنا جميعًا قد تجهزنا لاستقبال أهل العريس، وفي انتظار أحمد، لكن جاءنا نبأ إصابته برصاص الاحتلال على الكونتينر”.
بطرحة العروس وبالأعلام الفلسطينية زُيّن بيت عائلة عريقات، الذي تحوّل من حفل زفاف إلى عزاء، ومن زفة عروس إلى زفة شهيد، تقول والدته: “كان عندي عرسين .. عرس صغير وعرس كبير”.
أحمد كان زفافه قريبًا، تم تحديده في شهر أيار/ مايو 2020، لكنّ بسبب “كورونا” تم تأجيله حتى أيلول، لكنه قال لخطيبته قبل يوم من استشهاده: “بدي أقدّم العرس”، وبالفعل كان الاتفاق أن يكون عرسه في المنزل وسط أجواء عائلية بسيطة، فالبيت جاهز وكل الأمور مترتبة. “راح أحمد.. وأخذ مفتاح البيت معه”، تقول خطيبته.
وأضافت: “اتصل وحكالي جهزي حالك للعرس، بدي آجي آخذك بدري، ما بدي أتأخر، راح أحمد وتأخر عليّ العمر كله”.
أحمد شاب محبوب، يساعد الجميع، بطل، وصاحب نخوة، قدّم الكثير لوطنه بحسب ما قالت والدته، وقالت موجّهة حديثها له: “كنت بدّك عرس صغير بالدار.. صارلك أحلى عرس وكل شباب البلد اجت على عرس شهادتك”.
ساعتان فقط فصلتاه عن موعد زفاف شقيقته، وسرق الاحتلال فرحتهم، بزعم أنه حاول دهس أحد جنود الاحتلال على حاجز الكونتينر، الرصاصات اخترقت جسده، والمحتلون سرقوا جثمانه، والعائلة تنتظره لتودّع العريس الذي نال الشهادة.
جثمان الشهيد عريقات ما زال محتجزًا إضافة إلى 17 جثمانًا لشهداء آخرين من القدس المحتلة، ارتقوا منذ عام 1968، لا تكفّ عائلاتهم عن المطالبة باسترداد جثامينهم.