الاحتلال يبدأ بتسجيل أراضٍ حول المسجد الأقصى.. ما هي خطورة الخطوة؟
القدس المحتلة- القسطل: كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن سلطات الاحتلال بدأت بعملية تسجيل أراضٍ باسم مستوطنين يهود، حول المسجد الأقصى المبارك.
ووفقاً للصحيفة، فإن إجراءات التسجيل بدأت الأسبوع الماضي، وتشمل الأراضي الواقعة ضمن مخطط "الحديقة القومية" حول أسوار البلدة القديمة جنوب المسجد الأقصى.
وتواصل سلطات الاحتلال أعمالها بشكلٍ يسابق الزمن في مدينة القدس، تمهيداً لفرض وقائع جديدة، وطمس وتهويد كل ما هو عربي وإسلامي فيها حتى تصبح ذات طابع يهودي.
وأشارت "هآرتس" إلى أن مسؤول تسجيل الأراضي في القدس "دافيد روتنبرغ"، شرع بإجراءات تسجيل العديد من الأراضي في القدس خلال العامين الماضيين، عقب صدور قرار حكومي في هذا الشأن عام 2018.
وبيّنت الصحيفة أن عملية التسجيل انتهت تقريباً في حي الشيخ جرّاح في القدس المحتلة، وقالت إنه "تم تسجيل جميع الأراضي تقريبًا باسم ملاك يهود". كما تستهدف أراضٍ في أرض السمار (منطقة التلة الفرنسية)، حيث من المخطط أن يتم بناء حي استيطاني جديد يسمى "غفعات هشاكيد" في جنوب القدس.
وتستهدف عملية التهويد منطقة تقع بين مستوطنة "هارحوما" وبلدة صور باهر، بالقرب من المستوطنة الحريدية "هار شلومو" مسجلة بملكية "حارس الأملاك"، بالإضافة إلى منطقة أخرى من المقرر أن يقام بها حي استيطاني جديد في مستوطنة "عطروت" شمالي مدينة القدس المحتلة، مسجلة كذلك باسم "حارس الأملاك".
ولفتت "هآرتس" إلى أن عملية التسجيل التهويدية للأراضي في القدس تتم بميزانية كانت تهدف في الأصل إلى "خلق مستقبل أفضل لسكان شرقي القدس"، كما جاء في منشورات وزارة شؤون القدس في حكومة الاحتلال.
وكانت حكومة الاحتلال قد صادقت عام 2018، بحسب التقرير، على خطة خمسية لـ"تقليص الفجوات" في شرقي القدس، وكجزء من القرار، الذي بلغت ميزانيته أكثر من ملياري شيكل، تم تخصيص ميزانيات لمجموعة متنوعة من الوزارات. وبضغوطات من وزيرة القضاء حينها، ايليت شاكيد، تلقت الوزارة ميزانية لإنشاء نظام لتسجيل الأراضي شرق المدينة المحتلة.
أبو دياب: تحويل أراضي وقفية لأراضي تابعة للاحتلال
يوضح الباحث والمختص في شؤون القدس فخري أبو دياب لـ "القسطل" أن سلطات الاحتلال تدّعي بأن مشروع "تسوية الأراضي" يهدف لتحسين المعيشة ومن أجل مصلحة المقدسيين؛ لكن في باطنه وجوهره يهدف للاستيلاء على هذه الأراضي وتحويلها لممتلكات دولة الاحتلال ومن ثمّ للجمعيات الاستيطانية.
ويُبيّن أن هذه العملية بدأت في منطقةٍ مهمة جداً وخطيرة، وهي منطقة القصور الأموية وحائط البراق المحيطة بالمسجد الأقصى؛ بهدف محاصرته وتحويلها لأن يسري عليها قرار رقم "3970" الذي صدر عام 2018، أيّ تحويلها من أراضٍ وقفية تابعة للأوقاف الإسلامية والوصاية الأردنية لأراضٍ تابعة لدولة الاحتلال.
ويضيف: "حتى يتم قطع الطريق أمام الأوقاف الإسلامية والسلطات الأردنية لاتخاذ أيّ خطوات قانونية أو إعاقة هذه المشاريع، بدأت سلطات الاحتلال بوتيرةٍ متسارعة في أعمال حفرٍ وتهويد في محيط الأقصى، والتي أدت لتصدع بعض الجدران وسقوط الحجارة، ونتيجةً لعدم تدخل الأوقاف فُرضت التسوية على 17 دونماً في هذه المنطقة".
وستشمل "التسوية" العديد من المناطق، خاصةً في "الحوض المقدس" الذي يمتد من الشيخ جراح شمالي البلدة القديمة وصولاً إلى سلوان جنوبي المسجد الأقصى، أما في منطقة الثوري، هناك 335 دونماً سيتم إجراء "التسوية" عليها، وفقاً للباحث.
ويؤكد أبو دياب لـ "القسطل" أن "تسوية الأراضي" من أخطر المشاريع التي تُنفذها سلطات الاحتلال في القدس، تحديداً حول المسجد الأقصى، فالاحتلال يُخطط لإغلاق محيطه بمشاريع تهويدية وتحويلها لأراضي دولة، بهدف محاصرة الأقصى وتغيير واقعه الذي يُدلل على هوية القدس العربية والإسلامية، ومسح هذه الشواهد واستمرار المشاريع الاستيطانية فيها.
كيف يمكن مواجهة ذلك؟
وحول طرق المواجهة، أكد أبو دياب أنه يجب أن لا تكون الأراضي المقدسية لقمةً سائغةً بيد الاحتلال، داعياً كافة المقدسيين إلى عدم التعاطي والتعامل مطلقاً مع مشروع "تسوية الأراضي".
وأوضح أنه يجب على الجميع أن يعي تماماً أن إفشال هذه المخططات واجبٌ شرعي ووطني، يجب الوقوف ضدها بفعاليات ونشاطات جماهيرية وشعبية، ورسمية وقانونية.
إضافةً إلى الضغط السياسي من العالم العربي والإسلامي، فالأمر يمسّ كل أراضي القدس، تحديداً الأراضي الوقفية والمقدسات التي أصبحت في عين العاصفة، كما أوضح.
وقال إن "أغلب الأراضي التي بدأوا بتحويلها إلى أراضي دولة هي وقفية وتتبع مباشرة للوصاية الأردنية؛ لذلك على الأردن محاولة إلغاء ونزع عدم وقفية هذه الأراضي، والأردن والدول العربية تمتلك أوراق ضغط وعليها استعمالها؛ خاصةً أن الاحتلال يبدأ بجس نبض محيط الأقصى، وإن نجح ولم يجد أي اعتراض ستكون الخطوة الثانية الدخول لباحات الأقصى واعتبار أي جزء منها أراضي دولة واقتطاعها".
وشدد أنه في حال تم تنفيذ هذا الأمر على الأراضي الوقفية، فإنه سيتم على كل الأراضي في المدينة المقدّسة، وستؤدي حتماً إلى تغيير المشهد فيها وتهويد واقعها.
ونوّه إلى الأراضي الخاصة في القدس، أن "أغلبها تم توارثها أباً عن جد وليس لها أي تسجيلات رسمية مما يرجح للاحتلال سهولة تحويلها لأراضي دولة وأراضي للجمعيات الاستيطانية".
حماس: معركتنا مع الاحتلال مفتوحة وتتطلب استدامة الاشتباك معه
من جهته، قال المتحدث باسم حركة حماس عبداللطيف قنوع في تصريحاتٍ صحفية إن "الاحتلال يصعد من وتيرة الاعتداء والتهويد في محيط المسجد الأقصى، ويُسجل أراض واسعة باسم يهود محتلين؛ بهدف قلب الحقائق وتسهيل بسط السيطرة عليها".
وشدد على الخطر الحقيقي الذي يتهدد المسجد الأقصى ومحاولات تقسيمه زمانياً ومكانياً والتي تتزايد يوماً بعد يوم، من خلال الحفريات تحت أساساته والاقتحامات وبناء المستوطنات.
وأضاف أن "الاحتلال يسارع الوقت في عمليات التهويد وتغيير المعالم وتمرير مخطط التقسيم الزماني والمكاني لبسط السيطرة والسيادة على المسجد الأقصى".
وأكد قنوع أن "معركتنا مع الاحتلال مفتوحة وتتطلب استدامة الاشتباك معه، وتكثيف الرباط في ساحات المسجد الأقصى، وعدم السماح له بتمرير مخططاته".