المقدسي محمد البكري.. وَهم ما بعد الحريّة

المقدسي محمد البكري.. وَهم ما بعد الحريّة
المحرر محمد البكري

القدس المحتلة- القسطل: يدرسون ويتعلّمون ويحصلون على شهادات جامعية كي يعوّضوا تلك السنوات التي حاول الاحتلال خنقهم بها داخل قلاع الأسْر، لا يضيّعون وقتهم بل يستغلّون كل دقيقة للدراسة والتخطيط لما بعد الحريّة. 

لكنّ واقع الأسرى المحررين في القدس بات غاية في الصعوبة، فرغم شهاداتهم التي حصلوا عليها إلا أنه لا يوجد مؤسسات فلسطينية تحتضنهم، والاحتلال يُضيق على عملهم بسبب "ملفاتهم الأمنية". 

هذا الواقع يعيشه المحرر المقدسي محمد البكري (26 عاماً)، الذي لم يمنعه السجن من إكمال حلمه ومسيرته التعليمية، فقد تحرر وفي جعبته الكثير من الشهادات والإنجازات. 

وعندما عانق حريّته وعاد إلى مدينته، وجد أن حياة "ما بعد الأسر" في الواقع، تختلف تماماً عن تلك التي رسمها في خياله، إذ لم تشفع له السنوات السبع ونصف التي قضاها من عمره في الأسْر، من تحقيق حلمه الذي طالما خطّط له، واشتكى من قلة فرص العمل وغياب دور المؤسسات الرسمية. 

يُبيّن البكري لـ "القسطل" أن هناك العديد من الأسرى المقدسيين الذين أمضوا أعمارهم داخل السجن، وكانوا أقوى منه ومن السجان بتعليمهم وإنجازاتهم، على أمل إيجاد فرصة عمل ودعم عقب التحرر. 

ويقول بغصّة: "عندما تحررنا، تفاجئنا بأن تلك الأحلام لم تكن سوى وهم؛ لم نستطع أن نتقدَّم خطوةً واحدة في حياتنا، ولم نجد القبول من أيّ مؤسسة فقط لأن ملفاتنا أمنية". 

البكري هو أحد أبطال رياضة الباركور في القدس، لا يكفّ عن ممارستها في باحات المسجد الأقصى وأزقة البلدة القديمة، وتعليمها للأطفال والأشبال المقدسيين، وعندما ذهب لتقديم شهادة الرياضة في أحد المعاهد تم رفضه؛ بحجة "ملفه الأمني". 

لم يستسلم البكري وافتتح محلاً تجارياً، محاولاً بناء نفسه بشتى الطرق، لكنه أكد أن ذلك أصبح استنزافاً وخسارة، حيث أثقلت كاهله الضرائب المالية الباهظة، والملاحقات التي لم تتوقف للحظة. 

مضيفاً بحرقة: "التأمين يُلاحقنا من ناحية، و"الأرنونا" من ناحيةٍ أخرى، كل الضرائب أصبحت تتكاثر علينا، وكل فترة يتم استدعاؤنا للتحقيق.. نُعاني من التضييقات والتشديدات من كافة النواحي، ولا يوجد أيّ فرصة لأن نتقدّم خطوةً واحدة". 

سنواتٌ طويلة أمضاها البكري وبقية الأسرى من أعمارهم في السجن، حيثُ اختطف زهرة شبابهم، والتهم القيد أجسادهم، وعندما عانقوا حريّتهم باحثين عن ما حُرموا منه، لم يجدوا أيّ دعمٍ أو قبول، لافتاً إلى أن فرصة العمل الوحيدة التي بقيت أمامهم، هي العمل لدى "اليهود". 

ويقول لـ "القسطل": "وصلنا لمرحلة أن نعمل لدى اليهود في التنظيف وتوصيل الطلبات، وعندما يعلمون أننا أسرى يتم فصلنا.. هذا حالي وحال 30 أسيراً مقدسياً، في جعبتهم الكثير من المؤهلات والشهادات". 

ويُطالب البكري في رسالته، باحتضانهم ودعمهم من المؤسسات الفلسطينية، وتوفير فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم التعليمية، حتى يتمكّنوا من التقدّم وإنشاء جيلٍ مُثقف، والبقاء في مدينتهم وعاصمتهم.

. . .
رابط مختصر