هل يسعى الاحتلال لتهدئة الأوضاع بالقدس قبل زيارة بايدن؟
القدس المحتلة- القسطل: تجري الاستعدادات لدى الاحتلال لاستقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول زيارة له للشرق الأوسط ما بين 13 - 16 يوليو الجاري، ومن المقرر أن يزور الأراضي المحتلة، وسيلتقي المسؤولين "الإسرائيليين" والفلسطينيين. ورغم أن التقديرات تشير إلى أنه لن يحمل جديدا على مستوى القضية الفلسطينية، إلا أن آمالا علقتها السلطة على زيارته، فيما يبدو ما سيقدمه للاحتلال سيكون له أثر استراتيجي.
وتكشف تقارير إسرائيلية مختلفة أن حكومة الاحتلال لديها توجه بتقليص حدة التوتر في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، خشية أن تنزلق الأمور أمنيا وتتطور بشكل درامتيكي مما سيؤثر على زيارة بايدن، التي يرجو الاحتلال من ورائها أن تساهم في دفع علاقات بعض الدول العربية كما السعودية من السر إلى العلن، وبناء تحالف إقليمي جوهره الأساسي عسكري، يكون الاحتلال أحد ركائزه.
في السياق يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي محمد بدر في حديث لـ"القسطل" أن حكومة الاحتلال الحالية ضعيفة خاصة وأنها انتقالية، ولا تملك القدرة على اتخاذ قرارات جوهرية لإرضاء الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وبالتالي فهي تسعى لتقديم الهدوء وتخفيف الاحتكاك كواحدة من المبادرات التي يمكن للأمريكيين الاكتفاء بها، في ضوء أن الإدارة الأمريكية تبدو متفهمة لهشاشة الحكومة الحالية.
وأضاف أن هناك خشية من زيادة وتيرة التوتر في القدس المحتلة، لأن المدينة تعتبر في السنوات الأخيرة مصدرا للهبات الشعبية والمواجهات المسلحة مع المقاومة الفلسطينية، وبالتالي فإن الاحتلال يسعى لتجفيف عوامل التوتر فيها منعا لانزلاق الأمور إلى تصعيد الذي قد يؤثر على زيارة بايدن أو على جدول أعمالها.
وأوضح أن جدول أعمال المباحثات بين الإسرائيليين والأمريكيين كبير ومكتظ بالقضايا، سواء فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني أو التطبيع مع بعض الدول العربية، وكذلك المساعدات الأمريكية للاحتلال، وما يُطلق عليه التهديد الإيراني في المنطقة والذي يعد جوهر الذريعة لتشكيل ناتو إقليمي من عدة دول عربية بالإضافة للاحتلال، ولذلك لا تريد حكومة الاحتلال أي توتر قد يبعثر الأجندة أو يقلص مساحة الاهتمام والنقاش فيها.
وأشار بدر في حديث لـ"القسطل" إلى أن الأمر لا يقتصر على القدس، لكن يمكن ملاحظته في المدينة أكثر، لمعرفة الاحتلال بمدى حساسية الموقف تجاه ما يجري فيها من قبل الفلسطينيين، ولكن أيضا في الضفة الغربية كان هناك توجه بتخفيف التوتر فمثلا امتنع جيش الاحتلال عن هدم بيوت بعض منفذي العمليات حتى بعد دخول قرار الهدم إلى حيز التنفيذ، وقلص من اقتحاماته الواسعة للمدن الفلسطينية، ويجري الحديث عن تأجيل بعض العمليات العسكرية في جنين ونابلس إلى ما بعد زيارة بايدن.
ولا يتفق مع هذا الطرح المحلل والمختص بالشأن المقدسي راسم عبيدات الذي يرى أن إجراءات الاحتلال في القدس لا زالت متصاعدة، ولم يكن هناك أي تخفيف أو تجفيف مصادر التوتر، فمثلا اليوم كانت هناك عمليات هدم في عدة مناطق بالقدس من بينها العيسوية، وأيضا الاقتحامات لا زالت مستمرة، وبالتالي لا يمكن الافتراض بأن الاحتلال سعى لتقليل من حدة سياساته في القدس.
وقال عبيدات في حديث لـ"القسطل" إنه لا يمكن الاعتماد على موقف الإدارة الأمريكية من أجل الحصول على قرارات استراتيجية تخص القدس على صعيد الاستيطان وغيرها من القضايا، وحتى مسألة إعادة فتح القنصلية جرى الالتفاف عليها والإعلان عن مسميات أخرى.
وأضاف عبيدات "ما يجري الآن بالتزامن مع زيارة بايدن هو عبارة عن صفقة بين الاحتلال والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية التي سلمت الرصاصة للأمريكيين وبالتالي للإسرائيليين من أجل تشتيت الحقيقة وسحب الملف من سياق المتابعة الدولية كما حدث في كثير من التقارير السابقة التي كانت تدين الاحتلال الإسرائيلي.
اليوم، اقتحم عشرات المستوطنين وموظفون في حكومة الاحتلال اليوم الإثنين، المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، بحراسةٍ مُشددة من عناصر الاحتلال.
وأفاد مراسل "القسطل" بأن 174 مستوطنًا اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعاتٍ متتالية، من بينهم ما تسمى بـ "نساء من أجل الهيكل"، وموظفون في حكومة الاحتلال.
وأضاف أن المقتحمين أدوا صلواتٍ وطقوسًا تلمودية، ونفذوا جولاتٍ استفزازية في الباحات، خلال اقتحامهم للأقصى.
وبيّن أن الشرطة وعناصرها المدججة بالسلاح أمّنت الحماية للمُقتحمين خلال جولاتهم من “باب المغاربة” الخاضع لسيطرة الاحتلال بشكلٍ كامل، حتى الوصول والخروج من “باب السلسلة”.
جدير بالذكر أن هذه الاقتحامات تتم بشكلٍ يومي ما عدا الجمعة والسبت، وقد وثّقت “القسطل” اقتحام 4,457 ستوطناً المسجد الأقصى، خلال شهر حزيران الماضي، من بينهم طلاب معاهد دينية توراتية وضباط وجنود وموظفون في حكومة الاحتلال وأعضاء من برلمان الاحتلال "الكنيست".