باحثون يوضحون لـ "القسطل" خطورة مشروع "التسوية الإسرائيلي"
القدس المحتلة- القسطل: مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في خطواته الهادفة للسيطرة على مدينة القدس، أعلنت حكومة الاحتلال خلال عام 2018 عن بدء مشروع تسجيل وتسوية الأراضي في مدينة القدس، وقد أتى هذا المشروع ضمن المشاريع التي تستهدفها ما تسمى "الخطة الخمسية" (2018_2025).
وبدأ الاحتلال مؤخرا بتسجيل الأراضي في محيط المسجد الأقصى، وقد أكد الباحث المقدسي مازن جعبري أن هذه الخطوة تأتي ضمن مشروع تسوية الأراضي الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية في عام 2018-2025 ورصدت له ميزانية وصلت إلى 50 مليون شيقل. مشيرا إلى أن تسجيل الأراضي في الطابو تستخدمه الحركة الصهيونية كأداة استيطانية كولونيالية للاستيلاء على الأراضي في القدس، لذلك هدف هذا المشروع في القدس أولا هو عمل تسوية للأراضي بهدف تحويلها إلى أملاك دولة أو أملاك الغائبين.
ويتابع في حديثه لـ"القسطل" أنه نظراً لأن أكثر من 60% من المقدسيين الذين يملكون أراضي في القدس غير موجودين فيها، يصبح من السهل جدا تحويلها إلى أملاك غائبين بأسماء يهودية مثل ما حدث في الجزء الغربي من حي الشيخ جراح في كبانية أم هارون حيث تم في نيسان\ابريل عام 2021 تسوية هذه المنطقة وتسجيلها بأسماء الجمعيات الاستيطانية واليهود الذين يدعون امتلاكها.
ويوضح الجعبري أن وزارة القضاء في حكومة الاحتلال بدأت بالتسجيل في بعض مناطق القدس القدس، خاصة في منطقة بيت حنينا وبيت صفافا وصور باهر والشيخ جراح، على أن تستكمل تسوية 50% من الأراضي حتى عام 2025، وهذا المشروع من ضمن المشاريع الاستيطانية التي تهدف إلى نزع الأراضي والممتلكات من المقدسيين الفلسطينيين وتحويلها لجهات إسرائيلية، وكذلك فرض سيادة الاحتلال الكاملة على مدينة القدس.
ويشير الجعبري إلى أن المؤسسة الصهيونية "كيرين كيمت" تدعي هي الأخرى أن لها الآلاف من قطع الأراضي في مدينة القدس، منها وادي الربابة التي تحاول من خلال تسوية الأراضي تسجيل هذه الأراضي والقسائم بإسمها في الطابو الإسرائيلي، لكن نحن كفلسطينين لن نتعامل مع هذا المشروع لأن القدس هي مدينة محتلة و"إسرائيل" هي دولة استعمار واحتلال وتستخدم هذه الإجراءات في فلسطين التاريخية ومدينة القدس بعد احتلالها في عام 1967 حتى وسعت حدود المدينة إلى الشمال بحوالي 70 كيلو متر وصادرت أغلب الأراضي للمصلحة العامة الإسرائيلية وأقامت عليها المستوطنات.
وفي ذات السياق يرى جمال عمرو المختص في الشأن المقدسي وشؤون المسجد الأقصى أن الاحتلال منذ أن وطئت أقدامه الهمجية أرض فلسطين وهو يركز على العقارات والأرض لأن الأرض هي المشكلة، بينما يرفض إدارة الشؤون العامة للشعب الفلسطيني وسلمها للسلطة الفلسطينية وأخذ هو الأرض لأن ملكية الأرض هي جوهر المشكلة.
ويضيف "لذلك يسعى الاحتلال بكل الطرق الملتوية عبر السماسرة والتمويل والإغراءات للسيطرة على كل شبر مربع ويستخدم أساليب ملتوية مثل حارس أملاك الغائبين، وكل هذه الطرق والأساليب مجتمعة لم تشف غليل الاحتلال للسيطرة على أراضي القدس ذات القيمة، ولهذا السبب ابتدع هذه البدعة "تسجيل الأراضي" منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أعلن القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بقراره الهمجي الذي يعد أخطر من وعد بلفور، والذي شجع الاحتلال أن يصدق نفسه بأن القدس له.
ويتابع عمرو في حديث لـ"القسطل" أن الاحتلال استخدم أساليبه الهمجية في السيطرة على هذه الأراضي، فأعلن ضمن مخططات متعددة عن تسجيل أراض محددة باعتبارها "حدائق قومية"، وفي بعض الأحيان تطلق عليها الجمعيات الاستيطانية الحدائق التلمودية أو الحدائق التوراتية وأحيانا مسار سياحي.
ويشير إلى أنه "من ضمن هذه الحدائق يوجد إطار أخضر بمحيط البلدة القديمة حدده الاحتلال، ويمنع الفلسطيني من ممارسة أي عمل في هذا المكان. وهذه الأماكن الآن يجري التجهيز من قبلهم للسيطرة عليها وقد خرج الاحتلال لأهل القدس بتوليفة غريبة عجيبة كونه هو الذي يصنع القانون بالقدس، وبموجب هذا القانون يلزم أهل القدس بوجود إثباتات ملكية هذه الأراضي ومن ثم التوجه إلى دائرة هيئة الأراضي لتسوية أراضيهم، وهذا الأمر مستحيل لأن الاحتلال هو الذي هجر أهل القدس، وأي مقدسي يعيش الآن في الضفة الغربية أو عمان أو أي مكان خارج القدس هو غائب وبالتالي لا يستطيع الإثبات وبالتالي يضع الاحتلال بده على هذه الأملاك من خلال قانون "حارس أملاك الغائبين.
وكان المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان قد أكد أن الاحتلال يهدف من وراء تسجيل الأراضي في محيط الأقصى إلى نزع ملكية الفلسطينيين من أراضيهم وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على المزيد من الأراضي.
وأوضح المكتب في تقرير خاص حول القضية أنه على الرغم من وصف الاحتلال للمشروع بأنه إجراء يهدف إلى (خلق مستقبل أفضل ) للسكان الفلسطينيين، فإن ما تم تنفيذه يؤكد أنه يستخدم لصالح المستوطنين والجمعيات الاستيطانية، حيث تم استخدام هذه الإجراءات إلى حد كبير لتسجيل أراض لصالح المستوطنات الإسرائيلية القائمة فضلا عن الاستيلاء على المزيد من الأراضي في شرق القدس، ما يؤدي في النهاية إلى إنشاء مستوطنات جديدة والمزيد من نزع ملكية الفلسطينيين.
وبيّن أن الاحتلال بدأ تلك الاجراءات في الثوري وفي حفريات القصور الأموية يعد تطوراً خطيرا ما يزيد بشدة من خطر استيلاء الاحتلال على الممتلكات الفلسطينية ويهدد بمزيد من زعزعة استقرار الأوضاع في القدس.
وتابع موضحا أن الاجراءات الإسرائيلية تغطي نحو 240 دونما هي معظم حي الثوري، وهي منطقة مكتظة بالسكان وتضم مئات العائلات الفلسطينية، وتعتبر ذات طابع استراتيجي وباتت مستهدفة بشكل متزايد من قبل منظمة (العاد) الاستيطانية.
وقال المكتب إنه كما هو الحال في الأحياء الفلسطينية الأخرى في شرق القدس حيث يتم الترويج لتسوية سندات الملكية فمن المرجح أن يواجه سكان الثوري واقعا قد يؤدي إلى فقدان ممتلكاتهم، خاصة اذا ما استخدم الاحتلال قانون أملاك الغائبين على الأراضي التي تخضع لهذه الإجراءات، ما يؤدي إلى احتمال تسجيل مساحات واسعة من الأراضي باسم دولة الاحتلال.
ويعمل الاحتلال على دفع عملية تسوية حق الملكية في القصور الأموية من أجل السيطرة على هذه الأرض من خلال تسجيلها رسميا كأراضي دولة، مع مساعدة مجموعات المستوطنين المدعومة من المؤسسة الرسمية الاحتلالية في جهودها العدوانية من أجل السيطرة على هذه المواقع شديدة الحساسية.
وبحسب تقرير المكتب فإن المنظمات الاستيطانية مثل منظمة "العاد” تعمل على إعادة إنشاء مسار الحج اليهودي إلى ما يسمى الهيكل بتمويل من الثري اليهودي الأسترالي، كيفين بيرميستر، وهو مؤيد معروف للاستيطان الصهيوني في القدس الشرقية، ويساند مع غيره جميع المشاريع التي تستهدف تعميق السيطرة الإسرائيلية على المدينة.