مشروع "ماجن" المتمثل بتشكيل ميليشيا للمستوطنين في القدس.. ما هي خطورة تطبيقه في المدينة؟

مشروع "ماجن" المتمثل بتشكيل ميليشيا للمستوطنين في القدس.. ما هي خطورة تطبيقه في المدينة؟
منظمة لاهافا

القدس المحتلة-القسطل: قبل عقد تقريبا، ظهرت على السطح فكرة "الجيش الشعبي" لدى الاحتلال الإسرائيلي، والمقصود فيها تشكيل ميليشيات مسلحة من المستوطنين تؤدي دورا قتاليا في حالات الطوارئ، وقد تركزت الجهود في تلك الفترة في المستوطنات الواقعة على مقربة من الحدود الأردنية، وذلك لاعتبارات تتعلق بنقص القوات النظامية العاملة في تلك المنطقة، وإتاحة الفرصة أمام المستوطنين لتنفيذ مهام قتالية إن تطلب الأمر.

وللمضي قدما في هذه الخطوة، اختارت مؤسسة الاحتلال الأمنية ضباطا سابقين في جيش الاحتلال ووحداته المختلفة لتدريب المستوطنين الراغبين بالانضمام لهذه الميليشيا، على أن يتم توفير السلاح المناسب لهم، ويتم التواصل معهم من خلال مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي للتدخل في أي حدث يقع في المستوطنات، فيتحرك المستوطنون الأقرب على الحدث للتعامل معه. 

في السنوات الأخيرة، أخذت بعض الحركات أو المنظمات الاجتماعية التي أسسها مستوطنون على عاتقها القيام بدور قتالي عدواني ضد الفلسطينيين. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: منظمة لاهافا التي تنشط في القدس، والتي تعرّف نفسها على أنها تجمع يحاول الحفاظ على الروح اليهودية من الاختلاط بغيرها من الأديان، أي منع زواج اليهود من غيرهم، لكنها في حقيقة الأمر كان لها دور سياسي وأمني في أحداث القدس 2021 وقد دعت لشنق الفلسطينيين واعتدت على عدد منهم ونظمت مسيرات استفزازية في باب العامود. 

المثال الآخر، منظمة لافاميليا، التي تدّعي أنها منظمة رياضية، لكن خلال أحداث مايو 2021 في الأراضي المحتلة عام 1948 كان لها دور مهم في القيام بعدد من الأعمال العدوانية والاعتداءات على الفلسطينيين. وقد ظهر منتسبون لها في مقاطع فيديو وهم يلبسون قمصانا تحمل شعارها وهم يهاجمون فلسطينيين في يافا وعكا وعدة مناطق، وهو ما أكد على دورها الحقيقي بعيدا عن الترخيص الرسمي الممنوح لها من مؤسسة الاحتلال. 

قبل أيام، أعلنت وزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وجمعيات استيطانية، وبلدية الاحتلال في مدينة القدس المحتلة، عن خطة أمنية جديدة عرفت باسم "مشروع ماجن" وتقوم على فكرة تشكيل ميليشيات مسلحة من المستوطنين. وبحسب تقرير نشر في صحيفة معاريف العبرية، فإن هذه الميليشيات سيكون من مهامها التدخل عند وقوع عمليات فدائية من قبل الفلسطينيين داخل المستوطنات أو القدس المحتلة ومحيطها.

وأوضحت الصحيفة العبرية ستنفذ هذه الخطة تجريبيا في الوقت القريب من خلال تشكيل فرق احتياطية من عناصر من المستوطنين، يكون لهم حق التدخل حتى وصول جيش أو شرطة الاحتلال لمكان العملية والحادث. وأعلنت بلدية الاحتلال في القدس أنه سيتم إطلاق نموذج تجريبي من هذه الخطة في الأيام القليلة القادمة.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن المستوطنين المتطوعين سيحصلون على موافقة سريعة للحصول على الأسلحة والتدريبات اللازمة ومن ثم سيحصلون على شهادة من الشرطة ومعدات. وقد شارك في إعداد هذا المشروع فرقة "نيتسح يهودا" العاملة في جيش الاحتلال، والتي تضم المستوطنين المتدينين، وقد ارتبط اسمها بالسنوات الأخيرة بعمليات التنكيل بالمعتقلين الفلسطينيين. 

محللون: سنشهد عمليات إعدام بالجملة 

يؤكد الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي، محمد بدر، أن مؤسسة الاحتلال الأمنية وصلت إلى نتيجة بعد أحداث مايو 2021 في القدس والداخل المحتل، أنها ستكون عاجزة في التعامل مع عدة جبهات قتالية، وهي تعتقد بأن الخطر الأبرز يكمن في الداخل ومناطق الاحتكاك مع المستوطنين، ولذلك تحاول سد هذه الثغرة من خلال تدريب أكبر عدد ممكن من المستوطنين لتأهيلهم للمواجهة القادمة. 

ويوضح أن الاحتلال منذ سنوات يعمل على نموذج "الأحياء المقاتلة" أي المناطق السكنية التي تؤدي دورا قتاليا، وقد اختار مستوطنين يؤمنون بضرورة إنهاء الوجود الفلسطيني عبر القتل المكثف والاعتداءات المنظمة المستمرة، لكي يسكنوا بجوار الأحياء التي يسكنها الفلسطينيون في المدن الفلسطينية بالأراضي المحتلة عام 1948، وكان الهدف من ذلك استخدامهم كأداة قتل وترهيب في ظروف معينة. 

ويشير إلى أن مشروع "ماجن" يكشف عن حقيقة علاقة مؤسسة الاحتلال الرسمية بالعصابات المسلحة التي يقودها المستوطنون بالضفة الغربية، والتي تعرف باسم "فتية التلال"، حيث تتمتع هذه العصابات بغطاء قانوني غير مباشر للقيام بأعمالها العدوانية ضد الفلسطينيين، واليوم تتضح الصورة أكثر وتخرج العلاقة مع تشكيلات المستوطنين الإرهابية إلى العلن تحت مسمى "خلايا أمنية" وذلك لمنحها طابعا نظاميا.

وعن خطورة المشروع، يقول بدر إن "نيتسح يهودا" التابعة لجيش الاحتلال، وهي فرقة تضم المتدينين، معروفة بأنها الأكثر تنكيلا بالفلسطينيين، وسجلها حافل بالإعدامات، وهي تضم أنصار التيار القومي الديني، الذي يتزعمه إيتمار بن غبير وبتسلئيل سموتريتس، وهذا يعطي تصورا عن السلوك الذي ستقوم به هذه الميليشيا بعد تشكيلها، إذ سنشهد انتهاكات وإعدامات بالجملة بغطاء رسمي إسرائيلي. 

ويلخص الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي أنه كان من الخطأ فصل عصابات وميليشيات المستوطنات عن مؤسسة الاحتلال الرسمية، لأن العلاقة كانت واضحة لكنها غير معلنة، وهذه العصابات استفادت من قوانين سنت لصالحها في الكنيست على مدار العشرين سنة الماضية، واليوم يمكن القول إن "مشروع ماجن" هو إعلان إشهار لهذه العلاقة، وهو ما يجعلنا نعيد التفكير في الفصل بين مكونات مجتمع الاحتلال، هل بالفعل هناك منهم مدنيون كما يزعم البعض؟! أم أن المجتمع ككل عسكري ومجرد حتى وجوده على أرضنا يستدعي المواجهة مع كل مكوناته؟.

مشروع قديم جديد
لكن الباحث المقدسي خليل تفكجي يرى أن مشروع ماجن لا يضيف جديداً فهذا الوضع القائم منذ سنوات في الضفة الغربية والقدس، لكن تم الاعلان عنه بصورة رسمية وهذا الاعلان هو بمثابة شرعنة لوجود ميليشيات المستوطنين.

وأضاف تفكجي بالأساس هذه الميليشيات هي من جيش الاحتلال الاسرائيلي لكن بلباس مدني وبقانون إسرائيلي مدني وليس قانون عسكري يشرعن انتشارها وممارساتهم تجاه الفلسطينيين، وأكبر دليل على ذلك ما حدث أمس في عملية إطلاق النار عند مفترق رامون، مطلق النار على الشاب الفلسطيني كان مستوطن وليس جيش احتلال أو شرطة الاحتلال.

وأكد أن الاستيطان الرعوي أو ظاهرة الراعي العبري المنتشرة في مناطق القدس والضفة الغربية، التي تبيح للمستوطن استباحة الأرض والرعي فيها وهو يحمل سلاحه هذا، كشكل من أشكال الميليشيات المسلحة المنتشرة قبل الإعلان عن هذا المشروع.

 

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: