احتفالات النبي موسى.. طقس من تراث القدس الديني والشعبي

احتفالات النبي موسى.. طقس من تراث القدس الديني والشعبي
صورة أرشيفية من احتفالات النبي موسى في القدس

القدس المحتلة-القسطل: في كل عام في الجمعة الثانية من شهر أبريل-نيسان تنطلق في القدس احتفالات موسم النبي موسى التي هي أحد طقوس تراث القدس الديني والشعبي التي ما زالت تحافظ عليه منذ مئات السنين، وهو أحد أكبر المواسم الدينية والاجتماعية في فلسطين، كانت تشارك فيه جميع المدن الفلسطينية، لكن الاحتلال الاسرائيلي في الوقت الحالي حال من مشاركتهم.

تبدأ الاحتفالات في مقام النبي موسى المتواجد الآن في طريق القدس-أريحا، وهذا المقام بناه صلاح الدين الأيوبي على الطريق القديم وهو طريق التجارة ما بين الشرق والغرب، وهدف الأيوبي من إقامته أن يكون تواجد واضح للمسلمين في صحراء القدس، يمنع الغزاة والمستعمرين من السيطرة على المكان في لحظات غفلة، ومن هنا بدأت فكرة الاحتفالات والتواجد في مقام النبي موسى.

وفي التاريخ الفلسطيني المعاصر أعاد أمين القدس الحاج أمين الحسيني إحياء هذا الموسم، حيث كانت تأتي مواكب من كافة المدن الفلسطينية بالتزامن مع مسيرات شعبية، ومع مرور هذه المواكب من كل منطقة ينضم أهلها للموكب، ومن ثم تمكث الوفود في المقام في المقام وتحتفل به لمدة عشر أيام ومن ثم تعود للقدس بموكب ينشد فيه أناشيد وطنية ودينية.

وتم استغلال هذا الموسم واستثمار هذه الاحتفالات لتحريض الوفود على الانتداب البريطاني ووقف الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، حيث انطلقت شرارة ثورة عام 1920 من هذه الاحتفالات مع وصول وفد جبل الخليل إلى القدس.

ويقول الباحث المقدسي عيسى قواسمي في حديث لـ"القسطل" بعد إحياء عشرة أيام كاملة من الاحتفالات في مقام النبي موسى، والتي كانت تشارك بها وفود عديدة من مختلف قرى ومدن فلسطين، يبدأ زوار المقام من مساء الأربعاء الإستعداد لطلعة البيارق.

ويوضح القواسمي أن طلعة البيارق تعني العودة إلى البلدة القديمة بعد الانتهاء من احتفالات موسم النبي موسى، حيث كانت الوفود تغادر المقام وهي رافعة البيارق متوجهه للقدس حسب الترتيب الذي بدأت به دخولها أول الاحتفالات، وفي العادة كان الموكب يتوقف عند حي رأس العامود ثم ينزل إلى قرية سلوان في ( خيمة الباشا ) والتي كان السلاونة ينصبونها بهدف إستضافة الحاج أمين الحسيني ورفاقه، فكانت الخراف تنحر لأجل إطعام الموكب كله، والذي كان يقوم بذبح هذه الخراف ( ابو كامل الغول ) أحد أهالي بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.

ويتابع  عيسى القواسمي في حديثه:" بعد الإنتهاء من الطعام تقوم فرق الدبكة بإحياء العروض أمام الموكب، خاصة من قرى السواحرة وسلوان والتعامرة، كما كان يقام سوق كبيرة لبيع كافة البضائع، بالإضافة للمأكولات والمرطبات، وبعد الإستراحة يصل وفد حملة البيارق من حي وادي الجوز ليدعوا الموكب إلى القدس، ثم يبدأ الموكب السير على الأقدام وعلى ظهور الخيل نحو البلدة القديمة، يتقدمهم لاعبو السيف والترس وضاربو الكأس والطبل".

ويشير إلى أن الحاج امين يسير مع الموكب يحفونه الأهالي وينشرون مدائحهم وقصائدهم، يتبعهم حملة البيارق المختلفة، إلى أن يصل الموكب باب الأسباط ومنها إلى طريق المجاهدين عابرين الصلاحية وباب حطة نحو طريق الواد ثم إلى المجلس الإسلامي الأعلى، بحيث يدخل الوفد إلى باحات المسجد الأقصى لتستمر إحتفالات العودة بداخله، وما أن يدخل حملة البيارق حتى تبدأ المبارزة بينهم فيمن يستطيع رفع بيرقه إلى أعلى نقطة فوق أشجار المسجد.

ويختم حديثه أن كان شباب مدينة القدس القديمة يتجمعون مع بيارقهم لوداع الوفود حاملين بيارقهم كل حسب حارته داخل السور وخارجه، ومنهم بيرق الشيخ لولو، بيرق الشيخ ريحان، بيرق الشيخ جراح، بيرق الشيخ حسن، بيرق باب حطة، بيرق عقبة السرايا والخالدية وعقبة المفتي والأصيلة وحب رمان وحارة السعدية وحارة المغاربة والسلسلة والحبشة وغيرها.


 

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: