فلسطين في المونديال.. الدلالات وسر الاهتمام في الإعلام "الإسرائيلي"
القدس المحتلة - القسطل: اعتمد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ عام 2009 وحتى عام 2021 سياسة تهميش القضية الفلسطينية كاستراتيجية قائمة على تجاوز الفلسطينيين في معادلة العلاقات التي تقيمها دولة الاحتلال في محيطها، الذي يفترض أنه معادٍ لها.
ردد نتنياهو في أكثر من مناسبة بأن الحل مع العرب ليس بالضرورة أن يمر بالفلسطينيين ولذلك سعى لتوقيع اتفاقيات تطبيع مع عدد من الدول العربية، ونجحت مساعيه مع أربع دول.
بالتزامن مع السير في تطبيق هذه الاستراتيجية، صاغت المؤسسات الرسمية لدى الاحتلال سياسات جديدة في التعامل مع الفلسطينيين، بما في ذلك المقدسات، كما المسجد الأقصى المبارك، الذي أصبح يتعرض لانتهاكات مختلفة نوعا وكما عن الماضي، وكان الاعتقاد السائد لدى الاحتلال أن الشعوب العربية سئمت الوضع الذي تكون فيه القضية الفلسطينية والمقدسات جزء من نظرتها للعالم، لكن هذه الصورة لم تكن دقيقة كما يبدو، وبدأت تتكشف حقيقتها المزيفة يوما بعد يوم، لكن بعض الإشارات التي حملها المونديال في قطر، كحدث عالمي تتابعه الملايين، أثارت اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية.
لم يغب المسجد الأقصى عن المونديال، فينما كانت الفرق الرياضية والجماهير الغربية تستعد لأول مباريات المونديال، كانت جماهير عربية وفلسطينية تهتف للقدس والمسجد الأقصى، وتقسم بأنها ستحميه.
قسم لم يرق لوسائل الإعلام الإسرائيلية التي سلطت الضوء على الحدث، واعتبرت أن هذا دليل إضافي على أن الفلسطينيين والعرب متمسكون بقضيتهم المركزية ومقدساتهم، ويحاولون في كل مناسبة وفرصة أن يؤكدوا على هذا الأمر، وبالتالي فإن فرضية النسيان مع الوقت، لا يمكن أن تنطبق على المحيط العربي والإسلامي، على الأقل في المستوى الشعبي.
إشارات أخرى خرجت من المونديال للعالم تؤكد على عجز كل الاستراتيجيات الإسرائيلية في تطبيع الوعي العربي مع الاحتلال كحالة طبيعية. العلم الفلسطيني رفعه فلسطينيون وعرب وأجانب، حتى أن مشجعين من البرازيل ودول غربية رفضوا التعاطي مع الإعلام الإسرائيلي.
سعوديون عبروا أمام الكاميرات عن رفضهم لفكرة وجود "إسرائيل" أصلا، ورفضوا التعاطي مع الاسم ومع المراسل الإسرائيلي. كل ذلك يؤكد على أن الصورة المزيفة التي حاول المطبعون والاحتلال أن يخلقوها عن الشعوب العربية في السنوات الأخيرة، سقطت في أول اختبار عملي.
لا بد من الإشارة إلى أن الإعلام الإسرائيلي أولى أهمية كبيرة لتعبيرات الرفض في المونديال، قد يكون ذلك مجرد انتقاد هادئ لكل السردية التي حاولت أن تقنعنا وتقنعهم بأن العرب تغيروا وأن فلسطين لم تعد مركز اهتمامهم.
ولعل حجم الميزانيات والهيئات والخطط التي عمل عليها الاحتلال الإسرائيلي في العقود الأخيرة لهندسة الوعي العربي، لم تحقق أهدافها كما يجب، ولكنه اختار أن يستخدم تقنيات إعلامية ودعائية لخلق واقع غير موجود، فجاء المونديال وما رافقه من اهتمام في هذا الجانب لدى الإعلام الإسرائيلي، ليقول: هذا هو الواقع، لقد ضللنا بواقع فوق الواقع.