بعد انقضاء فترة حظرها من استخدام الإنترنت..

المرابطة هنادي الحلواني تروي لحظات اعتقالها القاسية

المرابطة هنادي الحلواني تروي لحظات اعتقالها القاسية
المرابطة المقدسية هنادي الحلواني لحظة الإفراج عنها

القدس المحتلة - القسطل: روت المرابطة المقدسية والأسيرة المحررة هنادي الحلواني، مساء اليوم الخميس، اللحظات القاسية التي مرت بها خلال اعتقالها الأخير في سجون الاحتلال "الإسرائيلي".

وقالت الحلواني، في منشور شاركته عبر صفحتها على "فيسبوك"، بعد انقضاء فترة حظرها من استخدام الإنترنت، إنها تعرضت "للاعتداء بالضرب والتنكيل، والتفتيش العاري".

وأشارت إلى أن جنود الاحتلال قيدوها وسخروا منها، وحاول أحدهم تصويرها بجانب علم الاحتلال.

وأضافت أن جنود الاحتلال عندما اعتقلوها "شرعوا بتفتيش المنزل بكل همجية، وكسروا محتوياته، وسلبوا العديد من الأوراق والكتب".

يشار إلى أنه أفرج عن الحلوني في 30 كانون الثاني/يناير الماضي، بشرط الإبعاد عن المسجد الأقصى، ودفع كفالة مالية بقيمة ألفي شيقل، وعدم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب منعها من التواصل مع شخصيات عديدة.

يذكر أن الاحتلال يلاحق المرابطين والمرابطات بشكل مستمر، سواء بالاعتداءات، أو الاعتقال، أو إبعادهم عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وفي بعض الأحيان عن القدس.

 

فيما يلي تفاصيل ما كتبت المرابطة الحلواني:

اعتقالي الأخير…….

منذ لحظة خروجي من السجن لم أتمكن من النشر لمنع الاحتلال لي من استخدام الانترنت كشرطٍ من شروط الافراج ، وإن طالت مدة المنع فلا بدّ من أن تخرج تلك الفترة المظلمة إلى النور ، ليعرف العالم كثيراً من القصص التي نواجهها في أقبية التحقيق ، ولتتكشف بعض الحقائق التي زيّفت .

بدأت القصة فجر يوم 24/1 حين اقتحمت قوات الاحتلال بيتي ، وهتكت حرمته بدخولهم وأنا بالكاد تمكنت من إتمام تحجبي ، وهم يملكون قراراً باعتقالي وتفتيش منزلي وسيارتي تفتيشاً دقيقاً بحثاً عما يثبت التهم الموجهة لي وهي : "انتمائي لتنظيم المرابطات المحظور وترأسي له ، التحريض ، تأييد وتشجيع عمليات إرهابية بالبلاد" . وبدؤوا بتخريب البيت وتكسير محتوياته بحقدٍ دون أن يجدوا دليلاً يذكر ، إلا أنهم احتجزوا بعض الكتيبات مثل : ليتني أكون مرابطاً ، ادعاءات اليهود الكاذبة حول أحقيتهم بفلسطين . وبعض الأوشحة والاوراق المكتوب عليها : ونبيع للأقصى الحياة ، إنما الاقصى عقيدة ، باب الرحمة إلنا، دمت يا أقصى لنا يا وصية الرسول، فتواصوا بالقدس جيلا بعد جيل . وبعض كتب الشيخ كمال الخطيب والشيخ رائد صلاح .

لحظة وصولي أُدخلت إلى غرفة المخابرات غير المراقبة بالكاميرات ، وكان في الغرفة ضابط حاقد توعدني مرة أن يصورني مع العلم الاسرائيلي رغما عني كما أتصور مع قرارات الإبعاد ومنع السفر، وهددني أن لا أذكر اسمه في أي مكان ولا بأي وسيلة وإلّا فسيجهز لي ملف اعتقال دسم، تبادل نظرات المكر مع من في الغرفة وحاول تصويري مع علم الكيان الاحتلالي المعلق على الخزانة…..

ابتعدت بسرعة حين لاحظت ذلك ، فدفع بي للحائط في محاولة لإجباري على ذلك فأزحت العلم بيدي وأبعدت الشرطية التي دفعتني على الخزانة هي الأخرى لترغمني على التقاط الصورة . لينهالوا علي ضربا بأيديهم وأقدامهم بكل غل . وخيرني بين البقاء واقفة أو الجلوس أمام العلم فاخترت البقاء واقفة لمدة قاربت ال6 ساعات . غاظهم شدة إصراري فاجتمعوا علي وجروني وانا مقيدة أمام العلم وقاموا بتصويري على هواتفهم الخاصة وتصويري صور سلفي وأخذوا يتبادلون الصور ويتضاحكون في مشهد مهين . ليضاف لمجموعة التهم المجهزة لي اتهاما جديداً وهو نزع العلم الاسرائيلي وضرب الشرطية ، رغم أنني أنا من تم ضربي .

في التحقيق ، سألني الضابط عن الرباط كتهمة موجهة إلي وبأنني أنتمي الى تنظيم المرابطات وأنني رئيسة هذا التنظيم، أجبته أن الرباط جزء من عقيدتنا كالصلاة والزكاة والصيام وأنّه ليس تنظيما ولا مؤسسة ورغم ذلك سيستمر الرباط الى يوم الدين كجزء من عقيدتنا . وفي محاولة اثبات تهمة أنني أشجع على العمليات الارهابية وجدوا عندي بحثاً كنت قد أعددته في الجامعة أثناء دراستي الماجستير يتحدث عن احتجاز جثامين الأسرى والشهداء وعن أبسط حقوقهم في الكرامة الإنسانية وحقهم بالدفن وأنهم ليسوا أرقاماً ، فقال لي المحقق لما لم توضحي في البحث أنهم إرهابيين ومخربين ……. وفي نقطة أخرى تم التحقيق فيها محاولتهم لفهم سبب وجود مبلغ صغير من النقود في بيتي طبيعي جداً أن يتواجد بأي بيت اخر كمصروف أسبوعي حتى وليس شهري ، أجبته أنها بقايا النقوط التي حصلت عليها كما هو موثق في دفتر النقوط ، وفي الحقيقة لم يتعدى ذكر دفتر النقوط هذا الأمر ، ولم يكن محوراً للتحقيق أو تهمة كما فُهم للبعض .

استمر التحقيق لأكثر من خمس ساعات وأنا لا زلت بلا طعام ولا شراب ، وحين طلبت شربة ماء ألقوا إلى بقنينة صغيرة بعد انتظار طويل ، ورمقني ذات الضابط الذي صورني عنوة أمام العلم بنظرة انتصار وهو يقول لي أن قنينة الماء تحمل علم اسرائيل ، وأنني اشرب من خير دولتهم وأنكر فضلها . فأجبته : بل هي خيرات بلادي التي سرقتموها منا . تم نقلي لبوسطة السجن واستدعاء مجموعة من النساء التي اعرف بعضهن في محاولة من الاحتلال لاثبات التهم الملفقة لي ، وأؤكد أن أغلب من تم استدعاؤهن وعددهن ١٢ امرأة، لم تكتب اسماؤهن في دفتر النقوط وربما ليس لي علاقة مباشرة ببعضهن إلا أن جميعهن من رواد الاقصى في محاولة لاثبات انتمائهن لما يدعيه الاحتلال بمنظمة الرباط الارهابية !

تم نقلي لسجن الرملة الخاص بالسجينات الجنائيات كنوع من محاولة اذلالي والتنكيل بي ، وتعرضت في كل مرة دخلت فيها للسجن خلال هذا الاسبوع للتفتيش العاري المهين الذي نتعرض له بعد كل محكمة أو تنقل في مزيد من اذلالنا ومحاولة اهانتنا . وككلّ مرة أرسلوا بأخصائية نفسية للجلوس معي لإشعاري أنني أعاني من مشكلة تجبرني على الاستمرار بهذا الطريق . عُرضت خلال هذه الفترة على خمس محاكم ، كانت شروط الافراج عني في المحكمة الأولى : الابعاد عن المسجد الاقصى وأنا أصلا مبعدة، دفع كفالة مالية بمقدار ألفي شيكل ، وعدم تواصلي مع من تم استدعاؤهن للتحقيق لفترة معينة مع أنهم لم يذكروا لي اي اسم ولم أعلم مع من حققوا، وعدم استخدام الانترنت لفترة أيضاً ، وان اخضع للتحقيق والمحاكمة في اي وقت يتم استدعائي لذلك. إلا أن المخابرات الاسرائيلية استأنفت الحكم حالا واعترضت عليه مطالبة بتمديد اعتقالي ل5 ايام اخرى، وقد تم تمديد الاعتقال مرتين بناءً على موافقة القاضي الاحتلالي ونزولا عند رغبة المخابرات التي كانت في كل مرة تبرز للقاضي أوراق وملفات سرية ضدي فيوافق لها القاضي على تمديد اعتقالي .

لم يكن ببالي وأنا يتم اقتيادي من محكمة لأخرى دون أن أعلم ما يبيت لي وما يمكر لي إلا اية واحدة : "وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه" ، لن ينجيني من مكرهم إلا الله ولن يخلصني من شرورهم سواه ! علماً أن المدعية العامة أخبرت المحامي أن قرار التنكيل بي واعتقالي جاء من سلطة أعلى منها . حين وصلت للمحكمة الاخيرة كانت شروط الافراج ابعادي عن البلدة القديمة لمدة شهرين ودفع غرامة مالية كبيرة لا طاقة لزوجي بها ، الذي لا يعينني بهذا الطريق سواه ، ولا أجد من يكفلني في كل مرة عداه ! فاعترض المحامي على القرار طالبا العودة لشروط الافراج في المحكمة الأولى ، وقد كان !

كانت المحكمة في تمام الساعة 11:00 صباحاً وفي غضون ساعة كان زوجي قد دفع الكفالة المالية ووقع على كفالة مالية كبيرة أخرى، إلّا أنه لم يكن يعرف عن مكان تواجدي أي شيء، وبقيت ساعات طويلة ما بين المحكمة والبوسطة ومن ثم أعادوني للسجن ومن هناك أفرجوا عني دون أن يعلم زوجي مكان وجودي ،ولا أمتلك مالاً حتى استأجر تكسي ولا امتلك هاتفاً حتى أخبر زوجي عن مكاني، ورموني في الشارع وحدي أمام سجن الرملة في البرد والمطر لساعات ،حتى ينغصوا فرحة الافراج عني حتى اخر لحظة وحتى ينهكوني ويتعبوني لآخر لحظة. لتكون هذه الصورة هي اول صورة لي بعد الافراج ، بعد أن جردني الاحتلال من جميع الدبابيس الموجودة معي!

انتهت تلك الأيام بكل ما فيها من تعب وضرب وذل وإهانة ، أيام طالت رغم أن المحامي قدم لهم تقريراً بوضعي الصحي الذي لا يسمح باعتقالي واحتجازي كل هذه المدة من أوجاع في العظام والمفاصل وهبوط ضغط وجرعات حديد وريدية ما يزيد سوءاً في ظروف الاعتقال التي مررت بها .. ولكن رباطنا لا زال شوكة في حلق المحتل وسنظل بأمر الله على الحق ظاهرين ، لعدونا قاهرين حتى يأتي نصر الله وهو بإذن الله قريب.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: