الاعتكاف في الأقصى.. الأداة الفعالة في المواجهة والتصدي

الاعتكاف في الأقصى.. الأداة الفعالة في المواجهة والتصدي
صورة تعبيرية

القدس المحتلة - القسطل: تبنت حكومات الاحتلال «الإسرائيلي» المتتابعة استراتيجية التضييق على المسجد الأقصى، وتغيير ملامحه وإيجاد موطئ قدم للاحتلال فيه، وهي السياسة التي ظلت متبعة حتى اتفاقية أوسلو.

وطالبت حكومة الاحتلال الحالية، وعلى رأسها وزير أمن الاحتلال، إيتمار بن غفير، الشرطة "الإسرائيلية" بتشكيل وحدات خاصة، خلال شهر رمضان، للاعتداء على المصلين، ولتكثيف اقتحامات المسجد الأقصى.

وقال نائب مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، ناجح بكيرات، إن "المسجد الأقصى يمر بمحنة، خاصة بعد أن أعلن إيتمار بن غفير شن الهجوم على المقدسيين، والتجهيز لإقامة الأعياد اليهودية من خلال الجماعات التوراتية، بطقوسها كافة داخل المسجد الأقصى".

وأضاف بكيرات لـ"القسطل" أنه "يرى الأمور في خانة الخطر أكثر من أي وقت مضى"، مشيرًا إلى أن "مطالب «جماعات الهيكل» التي تستهدف المسجد الأقصى، في محاولة لتحقيق أطماعها، تسعى إلى فتح بوابات الأقصى كاملة أمام الاقتحامات، طيلة الأيام، بما في ذلك الأعياد".

الاعتكاف والتصدي

ذكر بكيرات أن "الاعتكاف هو الوسيلة الوحيدة والأمثل للتصدي في وجه الاحتلال ومخططاته" موضحًا أن "الاحتلال لا يمكن ردعه إلا من خلال المواصلة والثبات على أراضي وباحات المسجد الأقصى".

وأشار إلى أن "الأمور ستكون هذا العام مشتعلة، نتيجة الاعتداءات اليومية التي تصاعدت في المسجد الأقصى".


تاريخ الاعتكاف في المسجد الأقصى

يقول بكيرات: "على مر التاريخ كان المسجد الأقصى معتكفًا، حيث كانت تأتي إليه 120 جنسية إسلامية مختلفة، تتخذ من بوابات المسجد منازل لها، المغاربة، والغوانمة، والأفارقة والهنود في باب حطة".

وأوضح أن "شد الرحال قد بدأ بعد العام 1967 من غزة، وهم أول من اعتكفوا عند باب المغاربة".

وتابع: "في العام 1985 اتخذ من باب الرحمة معتكفًا، ومن ثم انتقل المعتكف لمصلى الأقصى القبلي، وبدأت من هناك دعوات الرباط، وأصبح الاعتكاف يتحول من الصورة الفردية إلى الجماعية".

وذكر نائب مدير دائرة الأوقاف أن "شرطة الاحتلال تستغل الأوقات التي يكون فيها عدد المعتكفين قليلًا، لتقوم بمضايقتهم وحبسهم في أماكن ضيقة، وتمارس عليهم دورًا تشريديًا وتعتقلهم".

واستطرد بالقول إن "موضوع الاعتكاف قد تطور لمرحلة مواجهة مع الاحتلال"، مشيرًا إلى أن "سلطات الاحتلال قد دخلت قبل عام للمصلى القبلي واعتقلت 400 مصلٍ".

واستدرك أن "الإبعاد، خاصة إبعاد المرجعيات المؤثرة في المسجد الأقصى، خلق فراغًا علميًا وإداريًا، لأن المرابطين القدماء المبعدين، كانوا على علم بكل أركان المسجد الأقصى، والأماكن التي يستهدفها المستوطنون".

ما الذي حققه الاعتكاف في المسجد الأقصى؟

أكد بكيرات أن "الاعتكاف استطاع أن يوفر عددًا كبيرًا من المرابطين في وقت الاقتحامات، وأن يحمي المسجد الأقصى من الإفراغ". واستطرد قائلًا إن "وجود المرابطين بحد ذاته رسالة للمستوطنين، تفيد بأنهم لن يستطيعوا أن ينفردوا في المسجد الأقصى".

ولفت إلى أن "مسألة الاعتكاف تطورت لتصبح اعتكافًا علميًا وثقافيًا، لذلك علينا قراءة الاعتكاف على أنه رافعة من الرافعات، التي لا بد لها أن تستمر وتبقى لحماية المسجد الأقصى، وصناعة جيل روحاني متفكر، يستطيع المواجهة".

من جهة أخرى، قالت المرابطة عايدة الصيداوي (62 عامًا)، إن "الاحتلال قد أبعدها عن المسجد الأقصى عشرات المرات، خلال 45 عامًا من المرابطة فيه".

وأضافت الصيداوي لـ"القسطل" أن الإبعاد لم يثنها عن مواصلة الرباط، فهي تصلي كل الصلوات في المسجد الأقصى، رغمًا عن الاعتداءات التي تتلقاها من قبل شرطة الاحتلال.

وذكرت أن أول تجربة إبعاد واعتقال تعرضت لها، كانت في العام 2007" مشيرةً إلى أن "قوات الاحتلال قد اعتقلتها أثناء وقوفها أمام باب المغاربة، حيث بدأت بالتكبير احتجاجًا على أعمال حفريات في ساحة البراق.

وأكدت الصيداوي أن "تصريحات حكومة الاحتلال الأخيرة، والتي تفيد بتكثيف الاقتحامات على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، هي خطة تنتهجها في سبيل إفراغ المسجد من المصلين".

بدوره، أشار المرابط المقدسي أبو بكر الشيمي، إلى أن "الأوضاع في حالة صدام حاد"، موضحًا أن "الاحتلال يهدف إلى تفريغ الأقصى من المصلين قبيل شهر رمضان المبارك".

وأكد الشيمي لـ"القسطل" أن "على الجميع تحمل المسؤولية تجاه المسجد الأقصى من أي أذى قد يلحق به بسبب مخططات الاحتلال".

وبين أنه بدأ "مرحلة الرباط منذ 10 أعوام، مواظبًا على أداء كل الصلوات في الأقصى"، مشيرًا إلى أن الاحتلال قد أبعده عن مدينة القدس عشرات المرات.


هل يقتصر الاعتكاف على رمضان؟

بدوره، قال المختص بشؤون القدس جمال عمرو إن "الاعتكاف جائز طيلة أيام العام، وليس مقتصرًا على شهر رمضان".

وأشار عمرو في حديثه لـ"القسطل" إلى أن "المعتكف بإمكانه الاعتكاف بمجرد دخول المسجد الأقصى، بنية الاعتكاف، ويحتسب له حتى لو كان وقت مكوثه قليلًا".

وأكد أن "المهم من الاعتكاف هو ألا يتخلى المقدسيون عن المسجد الأقصى، بكل الأحوال والظروف".

وأضاف أن "الاحتلال يحاول فرض تقييدات على المعتكفين، والكثير من المعوّقات" مشيرًا إلى أن "الأمور إذا بقيت على حالها، فإن الاحتلال سيقيد أداء الاعتكاف ضمن نطاق محدود، لا يتجاوز عشرة معتكفين".

وختم بالقول إن "الأوضاع التي يمر بها المسجد الأقصى، بحاجة إلى تضامن الجهود من كل العالم الإسلامي، لتوفير حرية العبادة للمصلين في المسجد الأقصى".

يذكر أن منظمة "عائدون للمعبد" قدمت طلباً رسمياً لشرطة الاحتلال للسماح لها بذبح قربان «عيد الفصح اليهودي» في نيسان/إبريل القادم داخل المسجد الأقصى المبارك.

وصعدت قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة من استهداف المقدسيين من خلال سياسة الإبعاد بهدف إفراغ المسجد الأقصى.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: