47 عامًا على يوم الأرض.. والهجمة الاستيطانية في القدس تزداد شراسة
القدس المحتلة - القسطل: روى الفلسطينيون في الثلاثين من آذار/مارس 1976، بدمائهم أرض فلسطين، حيث سجلوا بطولات كبيرة بعد أن ارتقى ستة فلسطينيين من الداخل المحتل إثر إصابتهم برصاص قوات الاحتلال، أثناء احتجاجهم على مصادرة الحكومة "الإسرائيلية" 21 ألف دونمًا من أراضي بلدات عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد، لصالح إقامة مستوطنات جديدة، ضمن مشروع "تهويد الجليل".
يقول المحلل السياسي المقدسي، راسم عبيدات إن "محور الصراع مع الاحتلال على الأرض، يدور منذ بداية المشروع الصهيوني القائم على الاستيطان، من خلال الفكر المتطرف الذي يقوم على إقصاء الفلسطينيين وعدم الاعتراف بهم".
وأضاف عبيدات لـ"القسطل" أن "في العام 1967 تبنى الاحتلال سياسات مصادرة الأراضي وخلق بيئة قسرية تمييزية أدت إلى تهجير الفلسطينيين بشكل مستمر، وجلبت المستوطنين من مختلف بقاع الأرض".
وأشار إلى أن "الاحتلال قد أدخل الروايات التلمودية الكاذبة، واستخدم المقولات، وأقنع الناس في أقطار العالم بأن هذه الأرض هي «أرض الميعاد» من أجل استقطاب المستوطنين لفلسطين".
وأكد أن "الاحتلال ينظر إلى الفلسطينيين على أنهم بمثابة غدة سرطانية يمكن اقتلاعها، وبالتالي زرع الأرض بالمستوطنين بدلًا منهم".
وأردف بالقول إن "ممارسات الاحتلال التعسفية منعت الفلسطينيين من حقهم في الزراعة والرعي في الكثير من المناطق، وعملت على تجميعهم بمناطق محصورة، ليتم استيطان المناطق الواسعة الفارغة، وعلى النمط ذاته يسعى الاحتلال «الإسرائيلي» لتفريغ وهدم الخان الأحمر".
وتابع أن "حكومة الاحتلال تصادق على تنفيذ مشاريع استيطانية جديدة متوغلة" مشيرًا إلى أن "الاحتلال بدأ العمل على مشروع القناة السفلى في جنوب القدس، لفصلها عن مدن جنوب الضفة الغربية، بيت لحم والخليل".
واستطرد بالقول إن "المشروع يقسم الضفة من شمالها إلى جنوبها، ويفصل الأحياء المقدسية عن بعضها، ويمنع التواصل الجغرافي بينها، ويؤدي إلى تغيير الصورة الحضارية للقدس".
وأشار إلى أن "الاحتلال يسعى إلى ربط مستوطنة «هارحوما» مع «جفعات همتوس» والتي تمثل مشروع القناة السفلى، من خلال مشروع يفصل بلدة صور باهر عن بيت صفافا، ويفتت البلدة ويحولها إلى كتلة بشرية هلامية، مطوقة بالمستوطنات والشوارع الالتفافية التي تقسمها".
وكشف أن "في شمال القدس يجري العمل على مشروع لإقامة 9 آلاف وحدة استيطانية على أراضي قلنديا" موضحًا أن "المراد من هذا المشروع، هو إغلاق البوابة الشمالية لمدينة القدس وعزلها عن مدن شمال فلسطين".
ولفت إلى أن "هناك عشرات المشاريع الاستيطانية في القدس، على سبيل المثال في شمال شرقي مدينة القدس يجرى العمل على مشروع توسيع مستوطنة معاليه أدوميم، وهناك مشروع آخر في جنوب شرقي القدس، يرمي إلى ترحيل عرب الجهالين وإقامة 3500 وحدة استيطانية في تلك المنطقة، ما يتسبب بإغلاق البوابة الشرقية لمدينة القدس من جنوبها وشمالها، ليؤدي إلى عزلها عن محيطها الجغرافي والديموغرافي بشكل كامل".
وذكر عبيدات أن "المشاريع الاستيطانية تحول سكان القدس إلى جزر متناثرة في المحيط «الإسرائيلي»"
وختم بالقول إن "المستجدات الاستيطانية ستؤدي إلى ربط البؤر والمستوطنات المقامة خارج جدار الفصل العنصري، وبالتالي يتم قلب الوجود السكاني المقدسي الديموغرافي فيها، ليكون في صالح المستوطنين".
بدوره، يقول مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد الحموري إن "هذا يوم مشهود لكل فلسطين، فقدت فيه الكثير من الأراضي، ويتم اليوم استيطانها بشكل مقلق، وكل هذه القرارات المربوطة بالاستيطان هدفها إفراغ المقدسيين".
وأكد الحموري لـ"القسطل" أن "سياسيات التوسع الاستيطاني والهدم كلها مؤشرات مخيفة، لذلك فإن تمسك الفلسطيني بأرضه هو من يحسم المعادلة".
وأوضح أن "جميع البلدات في القدس أصبحت محاصرة، من كثرة المستوطنات المنتشرة والمتمددة، ولا زالت تطمح حكومة الاحتلال بجلب المزيد من المستوطنين" مشيرًا إلى أن "في القدس على وجه التحديد، هناك استيطان مكثف، ويتم التخطيط في الفترة القادمة لجلب أكثر من 50 ألف مستوطن".
وتابع أن "معظم المستوطنات المحيطة بالقدس تتمدد بشكل ضخم، وهناك زيادة ملحوظة في أعداد الوحدات الاستيطانية" مشيرًا إلى أن "من الجهة الشرقية للقدس في منطقة قلنديا، توجد مستوطنة ضخمة يتم التخطيط لها، حيث منحت الجهات الممولة لها تصاريح بناء 9 آلاف وحدة ويتم التخطيط لإيصالها إلى 20 ألف وحدة، أي مدينة كاملة ستقسم القدس عن بلدات الضفة الغربية، وستؤدي إلى إفراغ الكثير من المقدسيين في هذه المناطق".
واستدرك أن "هناك عشرات المستوطنات في القدس، والأمر الكارثي فيها أنها تبدأ من 5 آلاف مستوطن، حتى تصل إلى أكثر من 20 ألف".
وختم بالقول إن "المقلق هو أن كل محيط القدس أصبح اليوم عبارة عن مستوطنات، حتى داخل أسوار البلدة القديمة في القدس هناك 28 بؤرة استيطانية، ويلتف القدس عشرات البؤر الاستيطانية في حي سلوان وبيت حنينا والطور، وهم يحاولون ربط المستوطنات ببعضهم، لفرض طوق حول البلدات المقدسية".
وفي يوم الأرض الفلسطينيّ ومع الحالة الخاصة التي نمر بها، التي تدفع الفلسطيني الغيور على أرضه إلى المزيد من الصبر والثبات والصمود، يواجه المقدسيون قرارات الهدم والتهحير، فوق الجغرافيا التي تنهش كل يوم، أمام آليات الاحتلال وكل الممارسات التي ينفذها في سياق المحو والتغييب والإزالة.
وتشير إحصائيات "القسطل" إلى أن العام 2022 شهد إقرار عدة مشاريع استيطانية في القدس المحتلة، بينها إضافة 4 آلاف و900 وحدة استيطانية إلى المدينة، وإقرار بناء 9 آلاف وحدة أخرى في منطقة "عطروت" شمال القدس المحتلة.