أهداف خطيرة ومتلاحقة..عقب عقد اجتماعين لحكومة الاحتلال في الأنفاق المجاورة للأقصى
القدس المحتلة - القسطل: عقدت حكومة الاحتلال اجتماعًا خاصًا مع ممثلي منظمات "الهيكل"، لتوحيد الأهداف والمشاريع بينهما، من أجل فرض السيطرة اليهودية على المسجد الأقصى.
ويقول الباحث المقدسي، جمال عمرو إن "جماعات الهيكل لم تعد منفصلة عن المجتمع والحكومة الإسرائيلية، وأصبحت عنصرًا أساسيًا وجزء لا يتجزأ من حكومة الاحتلال، ولها وزراء وأعضاء في الكنيست، وشخصيات مؤثرة، وارتباطات مع الشرطة والأمن والاستخبارات، وكل الأجهزة الحكومية الإسرائيلية".
وأضاف عمرو لـ"القسطل" أن "ما يراد من عقد الاجتماعات، هو تنظيم البرامج وترتيبها، ووضع الأولويات والميزانيات، ومن ضمن تلك المخططات التي بدأت تنفذ على أرض الواقع هو وضع ميزانيات، لجلب المستوطنين من أجل إقامة مناسباتهم من أعراس وغيره في باحات المسجد الأقصى".
وأردف أن "حكومة الاحتلال قد أخذت في اجتماعها الذي أعلنت عنه صورًا تذكارية كثيرة، وحظي بتغطية إعلامية واسعة، إلا أن اجتماعهم مع جماعات "الهيكل" لم يعلن عنه حتى الآن في خطوة مقصودة، لمفاجأة المجتمع الفلسطيني، ولكن هذا الاجتماع الاستثاني، هو أيضًا استعراض للقوى، وترهيب للمقدسيين، حتى يستسلموا لسياسة الأمر الواقع، التي تفرض عليهم بالقوة".
وختم بالقول إن "موضوع الاجتماع مع جماعات الهيكل حساس وخطير جدًا، ويجب أن يدرك القائمون على العمل بالمستوى الرسمي في فلسطين والأردن، أن الأمور لم تعد كالسابق" مشيرًا إلى أن "لاحتلال أنجز اجتماعين للحكومة، للمرة الثانية منذ العام 2016، بعد توقف طويل، في دلالة على تحدي الدول العربية، بعد انعقاد مؤتمر جامعة الدول العربية".
من جهته، يقول المختص في شؤون القدس، زياد ابحيص، إن "حكومة الاحتلال قد دأبت على تخصيص جلستها الأسبوعية التالية للذكرى العبرية لتوحيد القدس؛ لتخصيص ميزانيات لتهويد المدينة، وإقرار مشروعات جديدة فيها، إلى جانب قراراتها الأخرى، وقد سبق لها أن أقرت ميزانيات ومشروعات أكبر مما أقرته اليوم في الاجتماع المشابه في العام 2017 في الذكرى الخمسين لاستكمال احتلال المدينة".
وأوضح ابحيص لـ"القسطل" أن "لعل أهم ما في هذا الاجتماع إلى جانب موازنة دعم الحفريات وتهويد جوار المسجد الأقصى هو التركيز على الجانب الرمزي، وعلى انعقاده في الأنفاق المجاورة للمسجد الأقصى، وعلى حضور الحكومة بكامل طاقمها تقريبًا والحرص على أخذ صورة تذكارية، وهي إشارات رمزية كانت تخص بها الاجتماعات العشرية بالأساس، أي في 2007 وفي 2017، وهو تعبير عن مدى تعلق حكومة الصهيونية الدينية الحالية بمشروع تهويد القدس أما قدرتها على ذلك فمسألة أخرى لا تؤيدها موازين القوى الدولية أو الإقليمية أو حتى داخل فلسطين المحتلة".
وأشار إلى أن "الاجتماع قد جرى في قاعة تسمى «خلف جدارنا»، تقع أسفل كنيس «خيمة إسحق» المقام على أوقاف حمام العين المملوكي إلى الغرب من باب القطانين، وتقع القاعة تحديدًا بجوار سور الأقصى ما بين بابي القطانين والمطهرة".
وأردف بالقول: "رغم أن أبرز المخرجات التي ركز عليها الاجتماع هي، تمويل الحفريات بـ17 مليون دولار، إلا أن القاعة المملوكية التي اجتمعوا فيها جرى تنظيفها وتدعيمها وتأهيلها على مدى 10 سنوات ما بين 2005 و2015 بتمويل من الملياردير اليهودي الأوكراني «زفي هيرش» وهو يحمل الجنسية البريطانية ويعرف باسمه الأوكراني جينادي بوغوليوبوف. ومعظم الحفريات والأبنية التهويدية في محيط الأقصى ما تزال تمول بمساهمات خاصة من أثرياء الصهاينة عبر العالم بمبالغ أكبر بكثير مما تخصصه حكومة الاحتلال، وهذا ما يجب التنبه إلى ملاحقته وإفشاله بجهود منظمة يمكن لها أن تضرب مشروع التهويد بشكل حقيقي".
الخط الزمني التاريخي
يقول ابحيص: "قد بُني حمام العين وأوقافه والقاعة أسفله في عهد تنكز الناصري الوالي المملوكي في عهد السلطان ناصر الدين محمد بن قلاوون عام 1337م، وهو السلطان الذي استكمل طرد الصليبيين من آخر معاقلهم في المشرق في جزيرة أرواد، وخصص الحمام إلى رواد المسجد الأقصى للوضوء والاغتسال".
وأشار إلى أن "مع بداية الهجرات الصهيونية الدينية الأولى من أتباع جماعة «عشاق صهيون»، كانوا حريصين على استعراض حضورهم الديني؛ فأسسوا ثلاثة كنائس في البلدة القديمة باستئجارها من متولي الأوقاف كعقارات سكنية ثم تحويل وجهة استخدامها إلى كنيس، وكانت تلك الكنس هي «خيمة إسحاق» التي تأسست في أوقاف حمام العين، و«كنيس الخراب» الذي تأسس على أوقاف المسجد العمري الكبير، وكنيس «مفخرة إسرائيل» الذي كان أكبرها وأعلاها وآخرها اكتمالاً في عام 1872" موضحًا أن "هذه الكنائس كانت محل نزاع مع أهل المدينة، وتعطل تأسيسها لعشرات السنين واستخدم المستوطنون اليهود الرشوة لتمريرها عند من استطاعوا من المتصرفين والقضاة".
واستدرك أن "في حرب الـ1948 لجأت العصابات الصهيونية لهذه الكنس، بعد حصارها في البلدة القديمة، فلجأت القوات الأردنية والسورية والعراقية التي كانت تدافع عن المدينة إلى نسفها على رؤوس المقاتلين المحتمين فيها".
وتابع بالقول إن "في العام 2008 أعيد بناء وتأهيل «كنيس خيمة إسحاق» وافتتاحه، وكان الهدف افتتاحه في الـ2007 في الذكرى الأربعين لاحتلال المدينة ليكون أول استعادة للوجود الديني التاريخي، في القدس القديمة مع مرور السنة الأربعين على احتلالها".
وأوضح أنه "أثناء تأهيل الكنيس، وفي عام 2005 تحديداً بدأ العمل على تفريغ الردم من القاعة الكبيرة الواقعة إلى الشرق منه والواصلة بينه وبين سور الأقصى وتقع تحت جزء من سوق القطانين امتداداً لباب المطهرة، ومساحتها 400 م مربع، واستمر تأهيلها عشر سنوات، وافتتحت في حزيران/ يونيو 2015، أي بعد شهر من ذكرى احتلال القدس وكان الهدف أن تفتتح في نفس المناسبة لكنها تأخرت".
وأضاف أن "في أيار/مايو 2017، اجتمعت حكومة الاحتلال في هذه القاعة، ليكون أول اجتماع لها في الحفريات المجاورة للمسجد الأقصى، وأقرت فيه مشروع بناء تلفريك البلدة القديمة بقيمة 56 مليون دولار، الذي ما زالت التحضيرات تجري لبنائه، ومصعد وممر يربطان الحي الاستيطاني اليهودي إلى ساحة البراق بقيمة 14 مليون دولار وهو قيد البناء حالياً، إضافة إلى أكبر خطة تطوير خمسية لتهويد القدس منذ احتلالها".
وختم بالقول: "بالنظر إلى هذا الخط التاريخي، ومحطاته الحديثة منها بالأخص، فإن التطور الصهيوني في تهويد المدينة ما يزال بطيئاً ومتعثراً وإن حقق تقدماً على الأرض، وهو ما ينبغي أن يدفعنا لخوض معركة القدس بجدية وثقة أكبر، لأنها معركة ما تزال مرشحة للانتصار فيها رغم كل شيء، شرط أن نخوضها كما يجب وأن نكرس لها الطاقات والإمكانات".