"أُبعدت عن موطني وحرمت من عائلتي"..مقدسي يروي معاناة إبعاده عن القدس
القدس المحتلة - القسطل: "خسرت بلدي ومنزلي وحرمت من عائلتي" بهذه الجملة بدأ المقدسي مراد العباسي، بسرد قصته المؤلمة، والتي حرم فيها من الإقامة في وطنه، عن طريق تلقيه قرارًا بالإبعاد القسري عن مدينة القدس.
"كانت حينها التاسعة صباحًا، الشمس حارقة، والجو يشي بموجة حر شديدة قادمة، تبعث على الغميان، وأنا أجلسُ على أريكة المنزل التي اعتدت على شرب القهوة فيها صباحًا مع زوجتي وأبنائي، كانت لحظات من الحزن والألم، والأسى أثناء توديعي لعائلتي قبيل مغادرتي مدينة القدس، كنت أتفكر في اللّحظة التي ربما تتلاشى من خيالي مع مرور السنوات".
في السادس من حزيران قبل عام، خلال ساعات الصباح، داهمت قوات الاحتلال منزل الشاب المقدسي مراد العباسي (42 عامًا)، وأجبرته على مغادرة وطنه القدس، تبعًا لقرار تعسفي صدر عن محكمة الاحتلال بتاريخ 19 أيار/مايو، بإبعاده عنها نهائيًا.
يقول الشاب المقدسي، مراد العباسي: "عشت 41 عامًا في بلدة سلوان بالقدس مع زوجتي وأطفالي وأهلي، والآن أصبحت لديّ حياة مختلفة تمامًا بعيدةً عن أبنائي ومنزلي".
ولفت إلى أن الاحتلال قد أبعده بحجة أنه يشكل خطرًا على أمن دولة "إسرائيل"، وبفعل قرار الاحتلال هذا يسكن العباسي حاليًا في مدينة بيت لحم، الواقعة إلى الجنوب من مدينة القدس بحوالي 6 أميال.
وذكر العباسي لـ"القسطل" أن "آخر جلسة في المحكمة بخصوص العودة للقدس، كانت بتاريخ 27 كانون الأول/ ديسمبر، وكان القرار من المخابرات والشاباك الإسرائيلي برفضه أن يعود للقدس مطلقًا، ومدى الحياة".
سياسة الابعاد والقانون
يندرج إبعاد العباسي ضمن السياسة "الإسرائيلية" الداخلية السرية، التي تحاول حكومة الاحتلال التستر عليها، بصفتها قرارات جائرة، تخترق الإنسانية.
ويعتبر إبعاده عن مدينته القدس تشريع احتلالي جديد لطرد فلسطينيين آخرين عن القدس، وهو امتداد لسلسلة قوانين وسياسات عنصرية سنّتها سلطات الاحتلال منذ عام 1967، لتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة وتحقيق أغلبية يهودية.
تتبع سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد؛ بهدف تفريغ مدينة القدس، وعلى وجه الخصوص بلدة سلوان، التي تعج بالمشاريع الاستيطانية؛ لإتاحة المجال للمستوطنين للاعتداء على سكانها لدفعهم للهجرة عنها، وإتمام إقامة المشاريع التهويدية فيها.
ويعمل الاحتلال ضمن خطة معمقة؛ لإبعاد المقدسيين عن القدس ومختلف البلدات فيها، من أجل ترسيخ وجود المستوطنين فيها.
غربة الإنسان في وطنه
سلبت أنظمة حكومة الاحتلال العنصرية وغير القانونية حق العباسي في قضاء أيامه مع زوجته وأبنائه الستة، وحرمته من حضور مناسباتهم، وأفراحهم بمجملها، وروى خلال حديثه: "كنت أشعر في رمضان هذا العام بثقل كبير على صدري، لأنني كنت بعيدًا عن عائلتي، وحينها كنت أقضي الوقت بالتزامن مع آذان المغرب برفقة زوجتي وأبنائي لنتناول الطعام معًا، عن طريق مكالمة فيديو".
ويذكر العباسي أن "اقتراب فترة الأعياد يشعرني بالحزن الشديد، والألم والغصة في القلب، فلا أعياد ولا أفراح بعيدًا عن أسرتي، بسبب سياسة الاحتلال التعسفية التي أدت إلى حرماننا جميعًا فرحة العيد".
ويقول: "أنا حي، ولكنني أشعر بأنني متُّ منذ اللحظة، التي خرجت فيها من دياري، وودعت فيها أهلي، ورأيت دموع والدي التي لم تتوقف عن الانهمار".
وأردف "يبعدني عن عائلتي جدار الفصل العنصري، وقرار إبعاد قسري من محكمة الاحتلال يحدد مصير حياتي".
وختم بالقول: "أنا ما زلت في الحدث، الذي أعتبره كابوسًا سينتهي، لا نعرف ماذا نقول، وإلى أين سنصل، لن يهزني قرار الإبعاد، وسأبقى أناضل حتى أعود لمنزلي في القدس، وأدعو جميع الجهات للتدخل السريع والعاجل، من أجل إعادة حقوقي أنا وعائلتي، التي شتتها قرار ظالم".