"خواطر من نور"..كتاب وُلد لأسير مقدسي رغم ظلمات السجون

"خواطر من نور"..كتاب وُلد لأسير مقدسي رغم ظلمات السجون
كتاب الأسير محمد سلهب

القدس المحتلة - القسطل: أصدر الأسير المقدسي محمد فايز سلهب (22 عامًا)، كتابًا بعنوان "خواطر من نور"، من داخل سجون الاحتلال، بعد 20 شهرًا قضاها في الأسر.

وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت سلهب بتاريخ 26 كانون الثاني/ يناير 2021، وحكمت عليه بالسجن 38 شهرًا.

وكتب سلهب كتابه ترجمة لواقع يعيشه كفلسطيني مناضل، يقبع في سجون الاحتلال، عانى منذ طفولته ولا يزال يعاني ويكابد، فهو صنع الكلمات من المواقف والآلام التي مر بها في السجون وخارجها، وهي نابعة عن جرح مؤلم، لن يشفى غليله، إلا بالثأر الذي كتب لأجله، وهو الأمل في تحرير الأقصى وفلسطين.

كانت خواطر هذا الشاب الملهم، عصارة آلاف التجارب التي عاشها، والهموم التي تجول في خاطره، تحدث عن قصة مطارد جريح تم طرده من قبل أحد أبناء شعبنا المتخاذلين، وتحدث عن الجهل المتفشي بين الأفراد في بلادنا، نتيجة سياسة تجهيل مبرمجة متعمدة ممنهجة.

المطارد الفلسطينيّ

الفعل الذي جاء الكتاب بصدد مداورته في العقول، هو فعل تسليم أبناء شعبنا المطاردين للعدو، والخضوع والانحطاط للاحتلال، فما يُدهشني في الواقع إلى حدّ الذهول، هو سقوط الكثيرين في مصيدة الخروج عن الصف الوطني والانتماء الفلسطيني، على حساب أن يحصل على رضى الاحتلال وأعوانه، مقابل أن يكسب بعض الشواقل، وفي الجانب الآخر يؤكد الكاتب بأن فلسطين لا تخلى من رجالها الأوفياء، الذين لطالما حموا المقاومين والمناضلين المطاردين، وضحوا بدمائهم من أجل حمايتهم.

وفي خواطره النابعة عن إحساسه بالانتماء والغيرة على وطنه، وجه سلهب نصيحة، بل هي دعوة بشكل أوضح لكل فلسطيني طرق المطاردون منزله، موضحًا أن عليهم أن يقدموا للمطاردين يد المساعدة، بدلًا من أن يطردونهم، مشيرًا إلى أن المطاردين قد تعبوا طيلة حياتهم وطرقوا كثيرًا من الأبواب للاحتماء ومن ثم إكمال العمل وأخذ الثأر من أجل الوطن، فلسطين، القدس، الأقصى كاملة للمسلمين وحدهم، وعلى وجه الخصوص الفلسطينيين، الذين لطالما كانوا في المعركة وواجهوا لوحدهم، أمام دول وسلطات وحكومات متخاذلة ومطبعة مع الكيان الصهيوني القاتل المغتصب.

وفي ذات سياق دعوة فتح الأبواب للمطاردين وحمايتهم، يقول سلهب: "أخي الحبيب لا تكن جبانًا، إن طرق مطارد بابك يومًا فلا تتردد، فهو قد خرج لتحيا أنت، خرج ثأرًا لك وللدين، خرج لتكون كلمة الله هي العليا، والله قدّر له أن يختارك أنت من بين الناس، امتحانًا لك ولرحمتك، فلا تخذلوه، وأعينوه، فربما تطرده أنت اليوم، فيطرد ابنك غدَا".

السلطة الفلسطينية وجهود المقاومة

يقول سلهب في كتابه، إن السلطة في بلادنا تختار المقاومة السلمية الناعمة، على حد قولها، والذي لا نراه موجودًا في الحقيقة أيضًا، وتتهم المقاومة في غزة على أنها خشنة تجلب الدمار والدماء، ولكن من الواضح أن نهج مقاومة غزة هو من يسلك طريق التحرير وليس الدمار، مشيرًا إلى أن أعداد الشهداء في الضفة والقدس أكبر من غزة، نتيجة أن الأفراد في الضفة قد يأسوا من الصمت المؤسساتي والفصائلي الحاصل في المنطقة، فقرروا وحدهم أن يخوضوا الحرب، دون جهة تحميهم، أما عن هدم المنازل فإن عددها في القدس والضفة "مناطق المقاومة الناعمة" فهو أضعاف ما في غزة، مؤكدّا على أن المشروع السياسي المُسمّى بـ"إقامة دولة" قد انتهى فعليَّا. 

هل درب الفلسطينيون أنفسهم على الجهاد؟

الجهاد لغويًا يعني جهد حثيث، وفي فلسطين فإن المصطلح بمسمياته المختلفة، الكفاح، والنضال والمقاومة، هو وليد قسوة ظروف الحياة، والواقع الظالم الذي يعيشه الفلسطينيون، والجهاد هو لأصحاب العلم فقط، لا يجاهد من لا يفقه الكلمة والمعنى، مؤكدًا على أن الشخص غير الفقيه هو بعيد عن معنى الجهاد.

لم يأت الجهاد في نفوس المناضلين دون أسباب ومرجعيات، فهو نابع عن تجارب حياة عديدة، علم وافٍ، وفقه موزون، وهو عصارة مئات بل آلاف الكتب، التي قرأها المناضلون، ونتاج نقاشات مع أصحاب عقول واعية، رزينة وحكيمة، يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام "انتقِ جلاسك فإن الأفكار معدية"، كما قال "واجعل جليسك سيدّا تحظى به..حبر لبيبٌ عاقلٌ متأدب".

النصرة 

يوضح سلهب في كتابه أن النصرة واجبة على كل مسلم عربي حر لا يرضى الذل والهوان، ويقول إن على مدار 70 عامًا ونحن نسمع صرخات الثكالى وهي تستنجد بالأمة العربية؛ لنصرة فلسطين والمسجد الأقصى، ولكن لا نلقى أي ردة فعل، بل على العكس نجدهم قد صاروا ينتصرون للعدو الصهيوني، الذي يريد بالأمة العربية والإسلامية أن يحل الدمار بها، يتلاعب بعقولهم، كما تلاعب بعقول من وافق على اتفاقية أوسلو، يوهمهم بأنهم سيصبحون الأوائل في العالم، في الصناعات والعلم من خلال العلاقات والاتفاقيات، التي سيدركون نتائجها قريبًا، وسيعلمون حينها أي مصيبة حلت بهم.

في سياق النصرة، قال رسول الله: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم"، قد ثبت في الكتاب والسنة واجتماع الأمة أن الجهاد لتحرير أرض الإسلام ممن يحتلونها من الأعداء هو واجب محتم، وفريضة مقدسة؛ فكيف إذا كانت هذه الأرض هي بيت المقدس؟
يقول سلهب إن الفلسطينيون في القدس خاصة، يبذلون الدماء بسخاء، ويقدمون الأرواح بأنفس طيبة، ولا يبالون بما أصابهم في سبيل الله، وتحرير الوطن.

وتساءل، فلماذا المسلمون في كل مكان لا يعاونون أهل فلسطين؟ ألم يقرؤوا قول العزيز "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر"، ألم تلامس صرخاتهم مسامعكم ولم تلامس نخوة المعتصم؟

يذكر أن الأسير قد نال درجة الدبلوم في تفسير القرآن، والصحافة والإعلام، ويكمل دراسة البكالوريوس من داخل السجون.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: