تحدى السجون بعلمه وقلمه..الأسير حمزة الكالوتي المحكوم مدى الحياة يكتب بردة في ذكرى المولد النبوي
القدس المحتلة - القسطل: تصادف اليوم ذكرى ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، حيث تشرف الكون وأضاء بمولد سيد الخلق والمرسلين في يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الأول، حاملًا في طياته ذكرى جياشة لدى المسلمين.
ولاعتزاز ذكرى مولد سيدنا محمد في نفوسنا، كتب الأسير المقدسي المحكوم مدى الحياة، حمزة الكالوتي، قصيدة البردة الخامسة من داخل سجون الاحتلال، بحبٍ وخشوعٍ تام لدين الله تعالى.
كتب هذه البردة، الأسير المقدسي حمزة سعيد شحادة الكالوتي (53 عامًا) من بلدة بيت حنينا، في عامه الاعتقالي الـ23 على التوالي داخل سجون الاحتلال "الإسرائيلي".
وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت الكالوتي بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2001، وأدانته محكمة الاحتلال بالضلوع في أعمال المقاومة ومشاركته في عدة نشاطات، وأصدرت بحقه حكمًا بالسجن مدى الحياة.
ويعتبر الكالوتي من الأسرى المرضى الذين تعرضوا للإهمال الطبي المتواصل داخل سجون الاحتلال، وظل يعاني لسنوات طويلة من أجل إجراء عملية جراحية، ويعاني من أمراض أخرى أبرزها التهاب المفاصل، والتي تسبب له تشنجات دائمة في أطرافه السفلية والعلوية، وأحياناً لا يستطيع الحركة.
تحدى السجون بعلمه
تفوق الكالوتي وتابع تحصيله العلمي داخل سجون الاحتلال وحصل على البكالوريوس، والماجستير ومن ثم الدكتوراه في الإعلام مسجلًا بذلك نصرًا على السجان وسياسات الاحتلال الظالمة.
يقول الأسير الكالوتي، في مقدمة البردة الخامسة: "محمد ساد في خلق وفي خلق.. مدحًا قصدت وعجزًا أن أوفيه..عذرًا إليك رسول الله إن قصرت مني القصائد؛ تِمُّ الحب يغنيه.
محمد صفوة الرحمن ما طلعت..شمس على مثل أو قرب تشبيه
ومطلع الخير في ميلادِ ذي شرف..وجامع الفضل لا حد فيحصيه
فأشرقت بعطاء النور ناصعة..أرجاء مكة نورًا ليس تدريه
لقد كانت ولادة النبيّ المصطفى محمّد عليه الصلاة والسلام نورًا أضاء المشرق والمغرب، فوصف الكالوتي هدى ونور النبي بكلمات، وقال: لقد أضأت قلوبًا بالدُجى غمرت..واستحكمت بدروب الزيغ والتيه
كم من جهول بنور الهدي ترشده..حصنته القلب عن زيف لتحميه؟
كانوا قبيلك أجسادًا بلا مهجٍ..حتى بعثت لهذا الكون لتحييه
تاهوا قبيلك في ليلٍ بلا صبح..حتى أتيت لذاك الليل تضويه
ناداه ربه من فوق سابعةٍ..أن قم لتنذر من صال الهوى فيه
وفي حب الرسول ومدحه، كتب الأسير: عشرون عامًا توارى قيد محبسه..إن كان فيك فإن القيد يمنيه
حسبي رضاك وحسبي من محبته..تعطي الرجاء بعفو منك تعطيه
سبحانك الله إني ظالم ندم..ورحب عفوك دومًا ما أرجيه
وفي حبيبك من أرجو شفاعته..طب الفؤاد لداءٍ طال يبريه
يممت طيبة في روحٍ وفي أملٍ..يروي الصدا وغرام من يسليه
دنوت نحو رسولي هاميًا سحبًا..تحيي الفؤاد بحبٍ فيه يحييه
وعن شوقه للرسول، وصف الكالوتي ما يخالجه من مشاعر لهفة وحنين لرؤيا الرسول: شوقي إليك عياءٌ طال موجعه..وفي اللقاء رجاء أن يشافيه
إليك أحملُ أعبائي على كتفي..علي بفضلك ألقيها لتنزيهي
فارحم ضعيفًا بقيد الظلم مرتقبًا..ضوء النهار ووصلًا قد يواسيه
إنّها ولادة نبيّ الهدى محمّد عليه الصلاة والسلام الذي رُفع ذكره وكَمُل دينه وبارك الله تعالى في أمته وجعل رسالته خاتمة الرسالات السماويّة، صلّى الله عليه وسلّم.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في منتهى الشجاعة والإقدام، إذ يجعل نفسه في أوِّل صفوف المعركة فيكون أقرب أصحابه إلى العدو، ولم يكن منزويًا في مكانٍ ما ينظر من بعيد غير مكترث لأتباعه.
إن ما قدمه الأسير الكالوتي من علم داخل السجون، هو عصارة آلاف الكتب، التي قرأها أثناء اعتقاله، وهو انتصار على جهل وضعف دولة الاحتلال والكيان الهش، الذي حكم على حمزة الكالوتي بالسجن مدى الحياة.
ما أنتجه الكالوتي من علم وفقه وأدب ومعرفة، تفوق وانتصر على سياسات الاحتلال الضعيفة، فإن المعرفة سلاح الفقهاء، ومفاتيح التحرر.