معركة "طوفان الأقصى".. استراتيجيات عبقرية كسرت حدود المعجزات بأقل الإمكانيات
القدس المحتلة - القسطل: قال حسن نصر الله، في حرب تموز /يوليو 2006 العدوانية، التي شنتها دولة الاحتلال لأول مرة بالنيابة عن أمريكا، التي كانت تريد خلق ما تسميه بشرق أوسط جديد تحت هيمنتها، إن ما تحقق من نصر هو نصر إلهي.
وعندما قيل لنصر الله أن يطلق سراح الجنود الصهاينة الذين تم أسرهم في هذه العملية، مقابل وقف الحرب، رفض وقال، لو اجتمعت كل الدول علينا لن أطلق سراحهم.
واضح بأن ما تحقق في معركة "طوفان الأقصى" قد كسر حدود اللاممكن، واجترح معجزات، تعجز عن تحقيقها دول كبرى بإمكانيات عسكرية كبيرة؛ ففي أكثر السيناريوهات تفاؤلاً لم يتمكن أي فلسطيني وعربي توقع هذه العملية النوعية بكل معاييرها، لا من حيث الإعداد والتخطيط ودقة التنفيذ، ولا حتى التعمية والتمويه والخداع الأمني والاستخباري.
إن القوة النارية والصاروخية، التي جرى استخدامها في هذه المعركة، سيكون لها تداعيات كبيرة على صناع القرار في كافة المستويات القيادية؛ الأمنية والعسكرية والسياسية والاستخباراتية في دولة الاحتلال، وكذلك على قادة الوحدات العاملة في الميدان: من قوات النخبة "جولاني" و"عوز" و"اليمام" وغيرها، وسيتم تشكيل لجان تحقيق، وقد تكون الحكومة في طريق وصولها إلى خط النهاية؛ لأنها قد حفرت عميقا في ذاكرة ووعي ومعنويات الجنود والمستوطنين، الذين أصبحوا يشعرون خاصة من بعد معركة "سيف القدس" بأن قياداتهم الأمنية والعسكرية والسياسية غير قادرة على توفير الأمن والأمان لهم، لا على المستوى الشخصي ولا العام، ولعل ما حصل معهم اليوم من اقتحام المقاومين الفلسطينيين لغرف نومهم وثكناتهم، وإطلاق النار عليهم من نقطة الصفر، دون أن تتمكن قيادتهم وحكومتهم من استيعاب ما حصل بعد مرور أكثر من يوم على العملية، لن يرغب المستوطنون في البقاء على أرض ومنطقة لا يشعرون فيها بالأمان، ما سيدفعهم إلى الرحيل".
تعيش حكومة الاحتلال، حالة من التخبط والإرباك والفشل على المستوى الاستراتيجي، ما دفع بها إلى اتخاذ قرارات تعبر عن مدى حالة الإفلاس التي تعيشها؛ حيث خاطب رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو سكان غزة قائلاً لهم إن عليهم الخروج من قطاع غزة لأنه سيحولها لخرائب، حينها شن قصفاً عنيفاً في الجو، مستهدفاً المباني والأبراج والبيوت السكنية وحتى الأبراج التي تضم الصحفيين لم تسلم من هذا القصف.
ستجد أمريكا وقوى الغرب الاستعماري التبرير والحجة، فهي دائماً توفر الحجة والغطاء للهجمات والعدوان والجرائم التي ترتكبها دولة الكيان بحق شعبنا، تحت ما يسمى بحق دولة الاحتلال في الدفاع عن نفسها.
هذه العملية وإن كان عنوانها الأقصى، ولكنها لم تأت فقط في سياق الرد على كل أعمال العربدة والتنكيل والاقتحامات الواسعة، التي قامت بها الجماعات التلمودية والتوراتية برفقة رموز وشخصيات دينية وسياسية للأقصى، وما مارسته من طقوس وصلوات ومراسيم، التي تهدف بشكل واضح لإخراج الأقصى من حصرية قدسيته الإسلامية الخالصة إلى قدسية مشتركة،بل أتت العملية في إطار الرد الشامل على جرائم دولة الكيان على طول وعرض مساحة فلسطين التاريخية، حيث مسلسل الاغتيالات اليومية بحق شعبنا ومقاوميه، وتكثيف الاستيطان وعمليات الضم والتهويد.
عبرت هذه العملية عن فشل ذريع وهزيمة استراتيجية غير مسبوقة في تاريخ دولة الكيان، والتي ستؤرخ كحدث مفصلي في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني وحتى العربي، ما أنجزته وحققته المقاومة، تعجز عنه دول كبرى بإمكانيات عسكرية ضخمة، ويذهب إلى حد تحقيق المعجزات، في ظل إمكانيات شحيحة؛ حيث تمكنت المقاومة من كبح جيش له دولة بكل إمكانياتها وقدراتها العسكرية، التكنولوجية والسيبرانية والمخابراتية.
انهارت قدرات الاحتلال الدفاعية في زمن قياسي، ونجحت المقاومة رغم كل المعوقات المحيطة بقطاع غزة من سواتر وحواجز وجدران اسمنتية وأسلاك شائكة وقوات عسكرية وأجهزة إنذار وعربات مدرعة ودبابات ومسيرات على مدار الساعة بالجو.
فشلت أذرع الكيان المدعومة بأقوى الإمكنيات من الدول العظمى في أن توقف اندفاعات ألف مقاتل فلسطيني بسيارات دفع رباعي ودراجات نارية، غزوهم لكامل مستوطنات غزة ومواقعه العسكرية التي جرى تطهيرها، دون أن تتكون صورة واضحة للقيادات الصهيونية بكل مستوياتها العسكرية الأمنية عما يحدث.