بنية المجتمع تتآكل من الداخل

بنية المجتمع تتآكل من الداخل

الاحتلال على مدار سنوات احتلاله لم يكن يلهو أو يتسلى قادته وهم يدركون بأن بقاء دولة الاحتلال واستمرار سيطرتها على شعبنا الفلسطيني غير ممكن بدون مخطط ممنهج يخترق جدار نسيجينا الوطني والمجتمعي، هذا الاختراق يحتاج إلى تكريس العصبيات القبلية والعشائرية والطائفية، والتفتيت للنسيج المجتمعي، وجعل شعبنا أشلاء متناثرة تتحكم فيه العصابات والمافيات والزعران.. وهذا يتطلب ضخ كميات كبيرة من السلاح إليهم المعروف مصدره واتجاهات استخدامه وكذلك نشر المخدرات في أوساط شعبنا وكل ما يتصل بالانحلال الأخلاقي والقيمي، وما هو غريب عن عاداتنا وتقاليدنا، وبما يضمن أن يتم مأسسة تلك العصابات والمافيات وحتى سيطرتها على مفاصل الحياة في مجتمعنا من خلال الترشح لقيادة المجتمع عبر المؤسسات والبلديات والمجالس المحلية والقروية..الخ.

وليس هذا فقط فلا بد من ترويع المجتمع وجعله في حالة من الخوف والقلق الدائمين، عبر القيام بعمليات القتل والتصفيات وفرض الخاوات والأتاوات والتعدي على الممتلكات والكرامات والأعراض وبما يدفع بالناس إما الاستجابة لشروط وإملاءات تلك العصابات والمافيات أو الاحتماء بالعشائرية والقبلية والطائفية أو التحصين العشائري والقبلي عبر شراء السلاح  للدفاع عن ذاتها واستخدامه في مناسباتها  أو اللجوء إلى عشائر أكبر تؤمن لها الحماية، أو الدفع بأفرادها للخدمة في جيش وشرطة الاحتلال أو مغادرة البلد، وخاصة في المدن المختلطة كاللد والرملة وعكا ويافا من أجل تفريغها من مواطنيها العرب.

هذا المخطط الممنهج ليس قصراً على الداخل الفلسطيني، بل يجري تعميمه على القدس والضفة الغربية، هذا المخطط المترافق مع بنية عشائرية وقبلية مقيتة، وثقافة قائمة على الدروشة والجهل والتخلف وتكريس اللاوعي، وتوظيف واستخدام الدين لأغراض الفتن والنعرات المذهبية والطائفية من قبل رجال دين وشيوخ يدّعون الفضيلة، وهم خير مثال للرذيلة.

وفي ظل غياب وتراجع دور القوى الوطنية المنهكة من الاحتلال والتي يجري أضعافها من قبل سلطة هشة مثقلة مؤسساتها وأجهزتها بالفساد، فلا  غرابة  بما يحدث ويجري في مجتمعنا من قتل وعنف وجريمة، يحتاج منا إلى مراجعة شاملة ورسم خطط وإستراتيجيات وطنية تمكن من تقوية وتصليب العامل الذاتي وتحصينه مما يجري من اختراق وهتك للنسيجين الوطني والمجتمعي، وهذا بحاجة إلى قادة ميدانيين، وإلى رجال فكر وثقافة وإعلام وسياسة، وكذلك إلى علماء وأخصائيين تربويين ورجال دين مخلصين ليسوا موظفين لخدمة أجندات ومصالح مجتمعنا، ونسيجنا الوطني والمجتمعي في خطر شديد وبالضرورة أن يتقدم تحرير الإنسان على تحرير الأرض .

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: