الغائب والحاضر في أحداث الأقصى

الغائب والحاضر في أحداث الأقصى
كتب مازن الجعبري لـ "القسطل: " إسرائيل " لن تتوقف عن تنفيذ وتحقيق أحلامها ومخططاتها في المسجد الأقصى، ولديها استراتيجية وسياسة ثابتة، ولكنها تُغيّر فقط في إجراءاتها تبعاً للمواقف السياسية الدولية والإقليمية والمحلية، ونحن نعلم أنّ " إسرائيل " استطاعت الحصول على الانجاز الأكبر من إدارة ترامب بالاعتراف بسيادتها على المسجد الأقصى لوحدها دون دور للآخرين، وأيضاً إعطاء الضوء الأخضر لصلاة غير المسلمين في المكان، وبنفوذ الإدارة الامريكية الأنجلو صهيونية فُتحت أبواب التطبيع العلني مع أربع دول عربية مسلمة، ورفعت مستوى علاقتها مع الإمارات إلى دولةٍ حليفةٍ مع " إسرائيل "، وأنجزت خلال السنوات الأخيرة مصالحَ متعددة مع الدولة الأردنية بحيث أفرغت الدور الأردني  من محتواه القانوني والتاريخي والديني على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية ، وأبقتها شعاراَ للسياسيين على جانب الضفتين وانتقلت بسياسةٍ واضحةٍ الى تقليص رعاية الأوقاف الإسلامية للمكان وتحويلة فقط إلى إدارة شؤون المصلين المسلمين في المكان، أيّ إقامةِ الشعائر الإسلامية، وما عدا ذلك أصبح بأمر الواقع من صلاحية الشرطة الإسرائيلية في المكان. ما سبق هو الحاضر اليومي منذ عدة سنوات، وأما الغائب فهو الدور الأردني المتمثل في الحكومة الأردنية ومؤسساتها، مجلس الأوقاف ودائرة الأوقاف، والمفروض أنّ مجلس الأوقاف هو المعني بشؤونِ المسجد الأقصى، وخاصة ملكية المكان، وما يدور فيه من شؤون دينية وإدارية وأيضاً سياسية، ولكن للأسف بعد الدور الكبير الذي قام فيه المجلس بفتح مصلى باب الرحمة تم تعليق مهامه وصلاحياته من قبل الحكومة الأردنية وتم تحميل كل الصلاحيات إلى مدير الأوقاف، لذلك عدم تصويب الأوضاع الداخلية لإدارة الأوقاف في القدس من قبل الحكومة الأردنية، لسوف يلغي عملياً أيَّ دورٍ فاعلٍ لمجلسِ الأوقاف حالياً، وهذا هو الواقع والغائب للأسف. ما حدث في الأيّام الماضية من مسح منطقة المسجد الأقصى المبارك، بما فيها التصوير الثلاثي الابعاد يمثلُ منعطفاً خطيراً في إجراءات الاحتلال ومؤشرٌ على قربِ قيامِ الاحتلالِ بخطواتٍ ميدانيةٍ داخلَ باحاتِ المسجد الأقصى، ولا أعتقدُ أنّ بيان دائرة الأوقاف  والهيئة الإسلامية، بالأمس كان على مستوى الإجراء الخطير الذي تم، وخاصةً الشرح والتوضيح للشارع المقدسي عن خطورة هذا الاجراء والخطوات الإسرائيلية المتوقعة، وكذلك تهيئة الناس لهذا التغيير في طابع المكان وهويته الدينية والتاريخية والسياسية.   إنّ الشارع المقدسي هو صمام الأمان الأول والأخير ويجب أن تتعامل المؤسسات الدينية مع الإرادة الشعبية باحترام وتقدير وصراحة إذا ما ارادت من هذا الشارع ان يحملها على الاكتاف مرة أخرى. أخيراً، لم يعد هناك متسعٌ من الوقت لتصويب الوضع الداخلي، وتمتين الجبهة الداخلية لمواجهة الزلزال القادم، حتى نكون واعيين بكيفية احتواء هذه الضربة المتوقعة مؤسساتياً وجماهيرياً، أما الخيار الثاني فسيكون ردة فعل مثل موج البحر سرعان ما تنحسر وسيتقدم فيها العدو حتماً. اللهم إني بلغت.
. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: