تشديد "عنصريّ" في شرقي القدس .. و"فلتان" في غربيّها

تشديد "عنصريّ" في شرقي القدس .. و"فلتان" في غربيّها

القدس المحتلة - القسطل: هنا تشديد وإغلاق ومحاصرة، وهناك “يسرحون ويمرحون” كما يحلو لهم، هنا مخالفات تنكيلية، وهناك إرشاد ومساعدة وضع كمّامتك، هي مقارنة بسيطة جدًا ما بين شرقيّ القدس وغربيّها، في ظل الإغلاق الذي تفرضه حكومة الاحتلال.

تفرض حكومة الاحتلال على المقدسيين في شرقي المدينة إجراءات مشدّدة، تُلاحق الجميع بحجة عدم وضع الكمّامة، إلّا أنها فعليًا تكون معهم ويلبسونها لكنّها تترصّد بهم بشكل كيديّ وتنكيلي. في المقابل لا تفرض قوات الاحتلال أيًّا من تلك الإجراءات في غربي القدس، كما حدّثنا العديد من المقدسيين ممن يعملون هناك.

تمييز واضح وعنصري

المحرّر الحاج نهاد زغير يسكن في البلدة القديمة، ومكان عمله يبعد نحو 500 متر وأقل عن مكان سكناه، ولكنه حين يذهب لعمله يتعرض للتوقيف والمساءلة أربع مرّات من قبل قوات الاحتلال المنتشرة في البلدة، والتدقيق في الهوية ومكان السكن.

ويوضح في حديثه لـ”القسطل” أن الإجراءات التي تقوم بها قوات الاحتلال داخل البلدة القديمة وبالتحديد المسجد الأقصى ليس لها مثيل في جميع أنحاء البلاد، فباقي الأحياء والقرى التي يسكنها اليهود، تجد الحياة فيها طبيعية جدًا، والمحال تعمل بدون إغلاق ولا تضييقات، ودور العبارة الخاصة باليهود تفتح بشكل طبيعي، أمّا إذا حاول أحدنا في البلدة القديمة أن يفتح محله فإنه يتعرّض لمخالفة قيمتها 5 آلاف شيقل، ويُحرم من يسكن خارج أسوارها من الدخول والصلاة في المسجد الأقصى.

يؤكد المحرّر زغير أن “هناك تمييز واضح وعنصري بين التعامل مع اليهود العرب في العاصمة المحتلة، وأن الإحصائيات التي أجرتها مؤسسات تُعنى بهذا الشأن أكبر دليل على ما أقوله، فنسبة الذين تعرضوا لمخالفات من السكان العرب أضعاف أضعاف اليهود الذين تعرضوا للمخالفات في ظل جائحة كورونا”.

تضييق سياسي بحجة كورونا

المقدسيّ باسم زيداني الذي يعمل في حي الطالبية غربي القدس المحتلة، ويسكن في حي رأس العامود ببلدة سلوان، أن الإجراءات المتخذة من قبل الاحتلال في منطقة سكنه تكاد تكون قهرية وتعجيزية، فأينما نظرت تجد عناصر شُرَطيّة وجنود من “حرس الحدود” ينتشرون في جميع الأزقّة يبحثون عن طفل خرج ليشتري بعض الحاجيات بدون كمامة ليقوموا بمخالفته.

ويضيف لـ”القسطل” أن الشرطة تصل لأي مكان حتى لو كانت لا تعرفه من أجل فرض المخالفات الكيدية، لكننا لا نراها لو كانت هناك حاجة ماسّة إلى تدخل شُرَطيّ لفض شجار أو مساعدة مريض.

بالمقابل يجد زيداني في طريق عمله في “الطالبية” أن دوريات شرطة الاحتلال بدأت بالاختفاء بعد الخروج من منطقة المصرارة أو “باب الجديد”، واصفًا بأن الحياة شبه طبيعية باستثناء المحلات المغلقة والتي بطبيعة الحال تعمل عن طريق الإرساليّات.

يوضّح الشاب المقدسي أن شرطة الاحتلال فرضت مخالفات على أهل المدينة المقدّسة خلال فترة “كورونا” لم تُفهم أسبابها، ولكن في المقابل في الشق الآخر من المدينة، وزّعت الشرطة الكمامات على “الإسرائيليين”.

وعن البلدة القديمة، يؤكد زيداني أنه لا يُمكن وصف ما تمر به جرّاء التضييق السياسي بالدرجة الأولى، بحجة جائحة “كورونا” تم عزل البلدة عن محيطها، ومُنع من هم من غير سكانها من الدخول إليها، وأُغلقت المحال التجارية التي تعيل عددًا كبيرًا من الأسر، بالإضافة إلى إغلاق المسجد الأقصى في وجه كل من يقطن خارج البلدة القديمة، ويُفتح للمستوطنين القادمين من مستوطنات جبال الخليل.

مخالفات وإجراءات تنكيلية وعقابية

أمّا الشاب المقدسي عبد العفو زغير الذي يسكن في بلدة بيت حنينا شمال القدس، ويعمل في البلدة القديمة بالمدينة المحتلة، فقد وصف وضع الإجراءات المتخذة من قبل الاحتلال بـ”المشدّدة جدًا” في مناطق شرقي المدينة، وفي منطقة سكنه، تتمثل في تحرير مخالفات للمحال التجارية والمشاة باستمرار، وتطبيق قانون الإغلاق بشكل صارم وبشكل أكبر بصورة واضحة من الأحياء الغربية للمدينة والمناطق اليهودية.

وأكّد أن المقارنة بين الأحياء اليهودية والعربية في القدس، خاصة في البلدة القديمة واضحة، من خلال فرض الإغلاق ونشر عناصر من شرطة وجيش الاحتلال وتحرير المخالفات، بينما على بعد أمتار في الحي اليهودي في المصرارة مثلًا “مائة شعاريم” يقول زغير إنه شاهد بعينه المحلات كلها مفتوحة ونسبة كبير بدون كمامات دون تواجد للشرطة حتى.

وعن المخالفات المفروضة على المقدسيين، يُشير زغير لـ"القسطل" إلى أن شرطة الاحتلال تفرض الغرامات والمخالفات في المناطق العربية وخاصة البلدة القديمة وعند أبواب المسجد الأقصى رغم التزام الفلسطينيين بالإجراءات بنسبة عالية جداً.

ويوضح أن شرطة الاحتلال بذاتها اعترفت بالأمر، من خلال كشفها بأن نسبة المخالفات لدى العرب تزيد أربعة أضعاف عن المجتمع اليهودي المتدين مثلًا، واصفًا تلك المخالفات بالتنكيلية.

ويقول: “إنها مخالفات بمثابة تنكيل وعقوبة وعنصرية واستغلال سياسة لحالة انتشار فيروس كورونا، ليتحول الاحتلال الإسرائيلي من مواجهة انتشار فيروس كورونا لمواجهة صمود المقدسيين ومحاولة إذلالهم”.

المقدسيّ محمد هديب أيضًا تحدّث عن ذلك الوضع السيء والإغلاق المفروض بشكل مشدّد على البلدة القديمة، مؤكدًا على الفرق الشاسع باتخاذ الإجراءات بين شقيّ القدس (شرقيّها وغربيّها) من قبل قوات الاحتلال.

ويشير إلى أن الاحتلال يفرض أقسى أنواع الغطرسة والهيمنة على الشق الشرقي من المدينة؛ بهدف قتلها، وأن فرض المخالفات على المقدسيين هو تنكيل وعقوبة، بينما تقوم شرطة الاحتلال في غربي القدس بتقديم الكمّامات بكل حُب لكل “إسرائيلي” لا يضع كمّامته.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: