مجلس الأوقاف: لن نرضخ لشروط الاحتلال وباب الرحمة لن يُغلق
القدس المحتلة - القسطل: كشفت مؤسسة القدس الدولية أن الاحتلال يناور لمقايضة إعمار الأقصى وصيانته بإغلاق مصلى باب الرحمة، مع استمرار مواصلته “اغتصاب” صلاحيات الترميم من الأوقاف الأردنية.
وأكد ذلك عضو مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، حاتم عبد القادر، وأوضح لـ”القسطل” أن الاحتلال حاول قبل عدة أشهر مقايضة السماح للأوقاف بالقيام بأعمال الترميم والصيانة في المسجد الأقصى، سواء في قبة الصخرة أو في المصلى المرواني، مقابل إغلاق مصلى باب الرحمة.
وأضاف أن مجلس الأوقاف رفض هذا العرض “الإسرائيلي” بشكل قطعي، مؤكدًا أن قضية فتح أو إغلاق مصلى باب الرحمة تعود للأوقاف الإسلامية وكذلك قضية الترميم في مصليات ومرافق المسجد الأقصى، لافتًا إلى عدم وجود أي صلاحية لشرطة الاحتلال على إدارة عمل الأوقاف داخل الأقصى.
وبيّن عبد القادر أن شرطة الاحتلال تحاول التدخل في عمل الأوقاف الإسلامية ومصادرة دورها في المسجد الأقصى، ولكن الأخيرة صامدة، وقال: “لن نُعطي إسرائيل أي مبرر من أجل تدخلها في هذا الشأن”.
مجلس الأوقاف نقل صورة الوضع للجانب الأردني صاحب الوصاية على المسجد الأقصى كما قال عبد القادر، وقال: “نأمل أن يستخدم الأردن الضغوطات اللازمة على الاحتلال لكي يكف عن التدخل في شؤون الأوقاف الإسلامية”.
وهنا أشار عضو مجلس الأوقاف إلى أنهم لم يرضخوا للاحتلال فيما يخص أعمال الترميم، فهي تتم أحيانًا دون علم الشرطة، ولكن الصعوبة تكمن في إدخال مواد الصيانة للمسجد الأقصى، مع ذلك سنواصل الترميم بشكل أو بآخر، ولن يُغلق باب الرحمة، ونرفض مقايضة هذه القضية بإغلاقه، والأوقاف لم ترضخ للشروط “الإسرائيلية”.
“الأردنيون يتحدثون عن مواصلتهم التشاور مع الاحتلال والضغط من أجل وقف هذه الاستفزازات والتدخلات في عمل الأوقاف، ولكننا نريد جهودًا أكبر من قبل أصحاب الوصاية من أجل التقيّد باتفاق وادي عربة الذي أكدت إسرائيل من خلاله على الولاية الأردنية على المسجد الأقصى”، وفقًا لعبد القادر.
حاول الاحتلال أن يقيّد في فترة معينة استخدام مصلّى باب الرحمة، حيث طلب من الأوقاف أن لا يكون مصلى، ويُمكن استخدامه كمكتبة مثلًا، بحسب ما أفاد به عبد القادر لـ”القسطل”، وقال: “نحن كمجلس أوقاف نرفض أي تدخل إسرائيلي في ماهية إشغال هذا المكان والأوقاف من تملك هذا الحق فقط”.
وحمّل عضو مجلس الأوقاف الاحتلال مسؤولية التداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن إقدام الاحتلال على إغلاق مصلى باب الرحمة بالقوة.
يُشار إلى أن شرطة الاحتلال ومنذ عدّة أيام تعرقل عمل لجنة الإعمار في أعمال الصيانة داخل قبة الصخرة المشرّفة، ليُعلن الأردن عن استئناف عمليات الترميم والإعمار صباح اليوم الأربعاء، بعد جهود دبلوماسية أردنية، بحسب ما أفاد به وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
وجاء ذلك خلال حديث الصفدي مع أعضاء لجنة فلسطين في مجلس النواب، حيث تحدّث وزير الخارجية عن موقف بلاده الثابت الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، والتنسيق اليومي والمستمر مع الفلسطينيين بشأنها.
وكانت مؤسسة القدس الدولية قد كشفت أمس، أن الاحتلال يناور لمقايضة إعمار الأقصى وصيانته بإغلاق مصلى باب الرحمة، مع استمرار مواصلته “اغتصاب” صلاحيات الترميم من الأوقاف الأردنية.
وقالت المؤسسة في بيان لها، الثلاثاء، إن قوات الاحتلال تمنع أعمال الترميم الداخلية في قبة الصخرة المشرفة منذ يوم السبت 23-1-2021، وقد اقتحمت قبة الصخرة لمنع الترميم، وصادرت السلم وبعض المعدات التي يستخدمها طاقم لجنة الإعمار التابعة للأوقاف الإسلامية في القدس، في عدوان خطير مترافقٍ مع توظيف إجراءات مكافحة وباء كورونا لخنق البلدة القديمة في القدس، ومنع الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وتوسيع قاعدة الحفريات في ساحة البراق بمعداتٍ ثقيلة وبحفرياتٍ بعمق عشرين متراً بما تستهدف تدمير الآثار المملوكية والأيوبية، وتوسيع دائرة الاستيلاء على محيط الأقصى فوق الأرض وتحته، وهذه التطورات في العدوان، وتحديداً ما يستهدف الإعمار يتطلب الكشف عن خلفيته بشكلٍ لا يحتمل المواربة، والوقوف في وجهه.
وأوضحت مؤسسة القدس الدولية أنه منذ عامين، يقايض الاحتلال الأوقاف الإسلاميّة للسماح لها بترميم بعض مرافق الأقصى، مقابل إعادة إغلاق مصلى باب الرحمة، أو استخدامه بشكلٍ لا يجعله مفتوحاً أمام المصلين، وقد حصلت مؤسسة القدس الدولية على معلومات مؤكدة بأن تعطيل الترميم في قبة الصخرة جاء في إطار هذه المقايضة؛ إذ تصر شرطة الاحتلال على تنفيذ الأمر القضائي بإغلاق مصلى باب الرحمة كشرطٍ للسماح بأي أعمال صيانة أو ترميم في الأقصى مهما كانت صغيرة.
وشدّدت على ضرورة التمسك بموقف مجلس الأوقاف، والهيئة الإسلامية العليا الذي أعلن مصلى باب الرحمة مصلًّى مفتوحاً أمام المصلين، وجزءاً لا يتجزأ من الأقصى، وهو القرار الذي يمثل إرادة جماهير القدس وفلسطين التي فتحت المصلى في 22-2-2019، وإرادة الملايين من الأمة الإسلامية التي لا تقبل أن يفرض الاحتلال فيه إرادته أو قرار محاكمه، والتراجع قيد أنملة عن هذا الموقف سيغري المحتل بالمراهنة أكثر على هذه المقايضة كونها مجدية.
كما أشارت إلى أن سحب صلاحيات الترميم من الأوقاف الأردنية سياسة ثابتة للاحتلال، يمضي إليها بشكلٍ متدرج، انتقلت في الحقبة الماضية من منع الترميم إلى منع أعمال الصيانة الروتينية لشبكات الكهرباء والإنارة والحجارة المتضررة. والمحتل يقصد وضع المسجد بأبنيته التاريخية التي يزيد عمر معظمها عن ألف سنة تحت سيف الإهمال والتآكل بتغييب يد الصيانة والعناية المستمرة، وهو ما يهدد بتدمير أهم إرثٍ تركه الأردن في المسجد الأقصى المبارك عبر الإعمارات المتتالية التي سمحت للمسجد الأقصى بالوصول إلى إحدى أفضل حالاته المعمارية تاريخياً رغم قيد الاحتلال على مدى عقودٍ من الزمن، والمحتل اليوم يتطلع إلى الإضرار بالأقصى بكل الوسائل الممكنة بما فيها محو هذا الإرث.
وقالت المؤسسة في بيانها: “لقد اغتصب المحتل عملياً جزءاً مهماً من صلاحيات الترميم من الأوقاف التابعة للأردن، حين تولت بلدية الاحتلال ترميم السور الجنوبي الغربي للأقصى في شهر كانون الثني من العام 2019 وهي ترميمات مستمرة حتى اليوم، وحين تولت شرطة الاحتلال مباشرة ترميم الخلوة الجنبلاطية التي تغتصبها في صحن الصخرة في شهر أيار 2019، واستولت على غرفة تسوية تقع تحتها، وهو ما يهدد بشكلٍ وجودي دور الأوقاف والأردن في إعمار المسجد الأقصى المبارك، ويؤكد أن مقايضة إغلاق مصلى باب الرحمة ليس إلا مناورة تكتيكية من طرف الاحتلال، وأن اغتصاب صلاحية الإعمار من الأوقاف الأردنية سياسة ثابتة ماضية في طريقها ينبغي التصدي لها، والتكيف معها ليس خياراً.
ولفتت إلى أن العدوان على الأقصى ما زال يقع في قلب أجندة دولة الاحتلال بمختلف أطيافها، وقد باتت محكومة بأطياف اليمين الديني-القومي. وأمام الانتخابات “الإسرائيلية” المقبلة فمن المتوقع أن يكون العدوان على المسجد الأقصى موضوعاً مركزياً للمزايدات الانتخابية بين تلك الأطياف، وهو ما يؤكد ضرورة التعامل مع المسجد الأقصى والعدوان بوصفه عنوانًا مركزيًّا من عناوين المواجهة مع المحتل.
وبيّنت أنه أمام تراجع الموقف الرسمي العربي يبقى التعويل على الموقف الشعبي فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، وهو الموقف الذي تمكن من فرض إرادته في هبة باب الأسباط 2017 وهبة باب الرحمة 2019 وصنع تجربة الفجر العظيم في 2020.
ودعت المؤسسة التيارات والحركات الشعبية أن تجعل ما يجري في الأقصى في قلب اهتمامها، فحمايته واجب عربي وإسلامي، وهي في الوقت عينه جبهة قادرة على فرض التراجعات على المحتل وفتح الباب نحو تراجعاتٍ أكبر، بصمود المقدسيين والفلسطينيين الذي أثبت مرة بعد مرة أنه قادر على اجتراح المستحيل، فواجبنا أن نكون إلى جانبه وألّا نتركه وحده للاحتلال يستفرد به.