"الديـانة الإبـراهيمية الحديثة".. تستهدف الأقصى وتغـلّف الـدين بالسياسـة لصالح المُحتـلّ
القدس المحتلة - القسطل: حذّر مجلس الإفتاء الأعلى الفلسطيني مؤخرًا، من خطورة الدعوة إلى ما تسمى بـ”الديانة الإبراهيمية” الحديثة المزعومة وما يتفرع منها.
المجلس أكد في بيانه أنها تشكل ردّةً صريحة عن الإسلام، واعتبارها دعوة ضالّة وخبيثة وماكرة، وأن الغرض منها خلط الحق بالباطل، كما أنها تشكل خطرًا محدقًا بالقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى المبارك، يُحرم اتباعها، أو تبنيها، ولا بد من تفنيدها، وكشف حقيقة أهدافها، وبيان مخاطرها.
في حديث “القسطل” مع أستاذ دراسات بيت المقدس، ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالمسجد الأقصى سابقًا، عبد الله معروف، أكد أن خطورة هذه الدعوة تكمن في أنها تنفي أحقيّة المسلمين وحدهم في المسجد الأقصى، وتنشئ شراكة بطابع ديني بين المسلمين وغير المسلمين في المسجد.
كما أن خطورة ما يسمى بـ”الديانة الإبراهيمية” ضمن اتفاق “أبراهام تكمن في أنها تحاول إذابة الفروق الأساسية التي تميّز الأديان الثلاثة عن بعضها البعض، وخاصة الإسلام، بحسب معروف، وتحاول تمييع الحدود الأساسية التي تتعلّق بمبادئ الإسلام، ومبادئ الديانات الثلاث، بحيث تمزجها بمزيج واحد، ليس ذا شكل محدّد، وإنما بما يتوافق مع الرؤية السياسية لأصحاب هذه النظرة.
وأوضح أن هذه الدعوة تحاول فتح المجال للمساواة بين المسلمين وغير المسلمين في الأماكن المقدّسة الإسلامية، خاصة في مدينة القدس، بحيث تعتبر أن المطلوب هو توحيد هذه الأديان بشكل غير منطقي، وبالتالي يتم إنشاء حق لغير المسلمين في أرض المسجد الأقصى المبارك والمقدّسات الإسلامية الخالصة في المدينة المقدّسة.
وبيّن أن هذه الدعوة، ليست دعوة بريئة وإنما دعوة ذات طابع سياسي، وليست ذات طابع ديني أيضًا وإن كانت تغلّف الدين بالسياسة، وهنا تكمن خطورة الأمر، فهذه الدول التي ترعى هذه المبادرة تعيب على ما يسمى بـ”الإسلام السياسي” محاولة الدمج بين المبادئ الإسلامية الدينية وبين الرؤية السياسية، وبنفس الوقت نلاحظ أنها تحاول استغلال فكرة الدين فعليًا المعمّمة بما يسمى “الديانة الإبراهيمية” بحيث تحقق مكاسب سياسية لطرف الاحتلال بالدرجة الأولى، وليس للطرف الفلسطيني أو المسلم.
وأكد معروف لـ"القسطل" أن هذه الدعوة تُنشئ حقًا للاحتلال في المسجد الأقصى المبارك، بالرغم من أن القوانين الدولية والشرعية تنص على أن الأقصى حق للمسلمين وحدهم ولا يجوز لأحد أن يتجاوز هذه النقطة.
مجلس الإفتاء شدّد على أن مشروع الدين الإبراهيمي المزعوم، فضلاً عن استهدافه عقيدة المسلمين تحديداً، لكنه توظيف سياسي لمفهوم الديانة الإبراهيمية، يستفيد منه المحتل الغاصب، لترسيخ حقه المزعوم الموهوم، وهو إذن يشكل خطرًا واضحًا على مجمل قضايا أمتنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وخاصة المسجد الأقصى.
وتجلى ذلك بما أصدره القائمون على هذا المشروع من وثيقة “مسار إبراهيم”، والذي يهدف إلى إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، بما يتماهى مع خارطة “إسرائيل الكبرى”، وهي تنص صراحة على أن أراضي الدول التي يسجلها هذا المسار ليست ملكًا لقاطنيها، وإنما هي خاصة بأصحاب الحق الأصلي، الذين يزعمون أنهم الأبناء الحقيقيون لإبراهيم- عليه السلام- وبذا يتيح لهم الدين المنسوب إليه زورًا وبهتانًا فرصة الاندماج في المنطقة، والمطالبة بحقوقهم التاريخية والدينية المدّعاة في أي مكان وطئته أقدامهم، حسب التصور التوراتي.
وأشار المجلس الى أنه يظهر من هذه المسميات أنها ضرب من التضليل والخداع، فلا مشكلة للمسلمين ولا للفلسطينيين مع أتباع الديانات السماوية، وأن حقيقة الصراع في أرضنا يتمثل في مواجهة المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني.
وجاء في البيان “يظهر أن المروجين لها يتذرعون بهذه التسميات، لتبرير أفعالهم الخبيثة، فيسمون هذه الاتفاقات وتلك المسارات باسم إبراهيم- عليه السلام- ولو كان ما يفعلونه صواباً لما احتاجوا إلى أن يعطوه اسم “إبراهيم”، وإنما هو تأسيس لما بعده من مصائب، ومحاولة بائسة لتغطية المخازي السياسية، بغطاء مقدس من الدين، لتمريرها على الناس”.