أطفال القدس.. رهنُ زنازين "الشــابـاك" وسط الشبح والضرب
القدس المحتلة - القسطل: شهدت مدينة القدس المحتلة في الآونة الأخيرة ارتفاعًا في نسبة اعتقال الأطفال ما دون سن الـ18 من العمر، وتحويلهم إلى زنازين مركز “المسكوبية” الواقع غربي القدس المحتلة، وسط التحقيق معهم وتعذيبهم.
بلغ المعدّل السنويّ لاعتقال الأطفال في القدس نحو 800، كما أنها العاصمة المحتلة المتصدّرة في المنطقة مقارنة مع اعتقال الأطفال في الضفة المحتلة، بحسب ما أفادت به المحامية شيرين عليان.
وأوضحت لـ”القسطل” أن معظم الأطفال الذين يتم اعتقالهم سنويًا سواء من منازلهم أو ميدانيًا، لا تقدّم لثلثهم أو ربعهم حتى لوائح اتهام، بل يتم الإفراج عنهم بعد عدّة ساعات أو أيام، لكن بعد أن يتعرّضوا للتحقيق والضرب.
تقول عليان: “هناك العديد من الحقوق الأساسية والمواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الأطفال الأساسية خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، وطرق تقديم لوائح الاتهام بحقهم، وحتى في السجن نفسه، لكن على أرض الواقع يوجد فجوة كبيرة بين طريقة اعتقال الأطفال في القدس وبين ما يضمنه لهم القانون”.
وتبيّن هنا أن قوات الاحتلال تكبّل أيادي الأطفال عند اعتقالهم، وتعصب أعينهم، وهذا يخالف القوانين الأساسية، لافتة إلى هناك حالات استثنائية يُسمح فيها بالتكبيل والتعصيب، لكن فعليًا جميع اعتقالات الأطفال تتم بتكبيل الأيادي والأرجل، وهذا كله مناقض للقانون، بحسب عليان.
وأوضحت عليان أن هناك حاجّة ملحّة للحفاظ على حقوق الأطفال الأساسية، خاصة وأن القدس تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة اعتقال هذه الفئة في المنطقة.
شهادات أطفال على ضربهم وتعذيبهم..
كل طفل يمر بهذه التجربة، تترك في نفسه آثارًا سلبية ونفسية، حتى في طفولته، وشبابه وبعد ذلك. هيئة شؤون الأسرى والمحررين وثّقت شهادات ما تعرّض له بعض أطفال القدس من تعنيف جسدي وأذى نفسي خلال عمليات اعتقالهم والتحقيق معهم وأثناء تواجدهم داخل الزنازين.
اعتقلت قوات الاحتلال محمد زلوم (17 عاماً) من منزله في بلدة سلوان بالقدس، حيث تم اقتياده خارج البيت، ثم انهال الجنود عليه بالضرب بشكل تعسفي على بطنه، ونتيجة لما تعرض له من ضرب مبرح استفرغ الفتى.
نُقل زلّوم إلى معتقل “عسقلان”، وجرى زجه داخل الزنازين لـ23 يوماً، وتم التحقيق معه خلالها لساعات طويلة، وتعمد السجانون نقله إلى غرفة لا توجد بها كاميرات في “عسقلان” حيث كانوا يعتدون عليه بالضرب بشكل وحشي دون رحمة.
أمّا القاصر مجد وعري (17 عاماً) من بلدة بيت حنينا شمال القدس، تعرّض لتحقيق قاس داخل زنازين “المسكوبية”، حيث جرى استجوابه لساعات طويلة وهو مشبوح على كرسي صغير، ولم يسلم من الإهانة والصفع على يد المحققين.
زلّوم ووعري من الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في سجن “الدامون”، وهم من ضمن 170 قاصراً محتجزين في عدة سجون، وغالبيتهم تعرضوا لشكل من أشكال القمع والتنكيل والبطش أثناء عملية اعتقالهم، بحسب هيئة الأسرى.
يُخضعونهم للزنازين لكسر إرادتهم..
مدير نادي الأسير في القدس، ناصر قوس أوضح لـ”القسطل” أن هناك عمليات اعتقال وحشية تتم بحق أطفال القدس يخضعون خلالها للضرب المُبرح على يد الجنود وعناصر الشرطة.
وقال: “شهدنا في الآونة الأخيرة، عمليات اعتقال لأطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ16 عامًا، ووضعهم في الزنازين وهذا مخالف للقانون، ولكن الاحتلال يتّبع ذلك لأخذ اعترافات منهم بالقوّة”.
وأضاف أن الاحتلال يحاول كسر إرادة هؤلاء الأطفال من خلال إخضاعهم للتحقيق الصعب والمذل في زنازينه، خاصة “زنازين 20” في مركز “المسكوبية”، والتي يتولّى محقّقو “الشاباك الإسرائيلي” مهمة استجواب الشبان والأطفال فيها.
وأشار إلى أن هناك تطوّر واضح في التعامل مع أطفال القدس، وإخضاعهم للزنازين التي تُعتبر صعبة على الشبان فكيف بالقاصرين، إلى جانب تعرّضهم للضرب المُبرح، ومنعهم من لقاء محاميهم.
والخطر الأكبر هو ما يحصل مع هؤلاء الأطفال بعد خروجهم من السجون “الإسرائيلية” بحسب مدير نادي الأسير في القدس، الذي أكّد أن بعضهم يحتاج لعلاج جسدي وأيضًا نفسي، بسبب الأوضاع الصعبة التي عاشوها في الزنازين.
ووصف قوس أطفال القدس بـ”الأبطال” وقال: “اعتقد الاحتلال يومًا ما أن أطفالنا سينسون القضية، لكنهم أثبتوا أنهم لم ينسوا أبدًا قضية القدس والمسجد الأقصى”.