مريم .. أعيدو إليّ أمّي

مريم .. أعيدو إليّ أمّي

القدس المحتلة - القسطل : مريم تلك الصغيرة التي لم تتجاوز الثلاثة شهور بكت كثيراً وكأنها تقول “أعيدوا إليّ أمي”، بكت لعدّة شهور أخرى وكأنها ترفض واقعاً فرضه عليها محتلٌّ إسرائيلي بحرمانها من والدتها لعشر سنوات خلف القُضبان.

فدوى حمادة (32 عامًا) هي إحدى الأسيرات الفلسطينيات التي كُتب لهنّ أن يقضين سنوات عمرهنّ وشبابهنّ في سجون الاحتلال، لكنّ فدوى تركت عائلة كاملة خلفها، تشتّت من بعدها، وضاقت بهم الأحوال حتى أنهم لا يتقبّلون حتى اليوم فكرة عدم وجودها بينهم.

حمادة من سكان قرية صورباهر جنوبي مدينة القدس، وتقضي حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات، حيث أدانتها محكمة الاحتلال “المركزية” بالتخطيط لتنفيذ عملية طعن.

تقول والدتها أمل ربايعة منذ أن اعتقلت شرطة الاحتلال ابنتي في الـ12 من شهر آب/ أغسطس عام 2017 قرب باب العامود، انقلبت حياتنا بشكل كامل، فلم نخض سابقاً تجرية الاعتقال لأحد من أفراد العائلة.

في ذلك اليوم وحسب ذاكرة والدتها، كانت طفلةُ فدوى الصغيرة “مريم” ابنة الثلاثة شهور في بيت جدّتها، وبعد أن وصلهم نبأ اعتقال ابنتهم في القدس أصابتهم الصدمة، ماذا؟ ما الذي حدث؟ لمَ؟ فدوى؟ كيف؟.. تلك التساؤلات التي راودت والدتها في تلك اللحظة.

توضح “أم عمر” أنه بعد تحويل ابنتها للتحقيقات، أوكلت هي بمهمة “مريم”، فكيف لطفلة رضيعة أن تُحرم فجأة من والدتها التي كانت لا ترضع منها فقط، وإنما كانت بالنسبة لها الأمن والسكينة التي اختفت مع اعتقالها.

“تعبت مريم كثيراً، وبكت كثيراً، استمرّ الوضع لعدّة شهور حتى تأقلمت وأصبحت أنا جدّتها وأمّها وهي اليوم تبلغ من العمر ثلاث سنوات”، تقول “أم عمر”.

وتضيف أن لدى فدوى أطفال صغار أيضاً هم؛ حمادة (10 سنوات)، سدين (8 سنوات)، محمد (ست سنوات)، أحمد (4 سنوات ونصف)، وهؤلاء أيضاً يحتاجون لرعاية كبيرة، حيث قمت عائلتا الزوجين منذر حمادة وفدوى حمادة بالمساعدة في ذلك.

لم يسمح الاحتلال لفدوى أن تحتضن رضيعتها حينما كانت في شهورها الأولى، بل كان اللقاء خلف الزجاج فقط، كما يُسمح لأطفالها الآخرين بالزيارة من فترة لأخرى.

يقول منذر حمادة زوج الأسيرة: “لم يكن هذا الخبر سهلاً البتّة، أم لخمسة أطفال، يُحرمون منها بسبب حجة وذريعة واهية، ما الذي فعلته زوجتي كي يُحكم عليها بالسجن لمدة عشر سنوات”.

ويضيف: “سيكبُر الأولاد ولن تراهم إلّا خلف الزجاج، ستحضنهم نعم .. لكنها دقائق معدودة قد تترك في نفسياتهم وجعاً وألماً وحقداً على الاحتلال”.

ويؤكد أن تعلّق الأطفال فيها يزداد في كل زيارة لكنه على الصعيد ذاته يُتابعهم “نفسياً” مع مختصين كي لا تسوء حالتهم بسبب اعتقال والدتهم.

الأسيرة فدوى حمادة محتجزة في سجن “الدامون” الإسرائيلي مع أكثر من أربعين أسيرة فلسطينية، كل واحدة منهنّ لها حكايةُ وجعٍ ولفهة للحريّة وللعودة إلى حضن العائلة.

تعرّضت في هذا العام (2020) للعزل لأكثر من شهرين بعدما تصدّت لإحدى السجانات إلى جانب الأسيرة جيهان حشيمة.

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: