في القدس 10 أديرة للمسيحيين.. ماذا تعرف عنها؟
القدس المحتلة - القسطل: يعتبر حضور القدس محورياً في الديانة المسيحية، فهي المركز المسيحي الأول والأهم في العالم، وما زالت تشكل مركزاً إيمانياً للمسيحيين وتعبدهم، كما تكتسب مدينة القدس هذه الأهمية بسبب المعتقد المسيحي بموت سيدنا عيسى عليه السلام في القدس.[1]
تتعدد الأديرة التي تحمل هذا الاسم في مدينة القدس؛ تبعًا لتعدد معتقدات الطوائف المسيحية المقدسية وتصوراتها حول حبس المسيح عيسى عليه السلام؛ فهناك دير يحمل هذا الاسم يتبع اللاتين، ويقع إلى الشمال من مبنى القشلة، مقابلاً لمدرسة روضة المعارف؛ وهناك دير آخر اتخذه الأرمن، يقع في حي النبي داود عليه السلام على جبل صهيون. وقد وردت إشارات إليه في بعض الحجج الشرعية، منها مثلاً ما يشير إلى خرابه في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، حيث طلب الأرمن تعميره في عام (1306هـ/ 1888م) ووافقت الدولة العثمانية على إعادة التعمير والترميم.[2]
تضم مدينة القدس أهم وأقدم المقدسات المسيحية، وستتناول القسطل في هذا التقرير أقدم الأديرة المسيحية في مدينة القدس، وتأتي على النحو التالي:
دير أبينا إبراهيم:
يقع دير أبينا إبراهيم في ساحة كنيسة القيامة ويعتقد أن أول من شيده الملكة هيلانة حوالي عام 335م، وقد هدم الفرس هذا الدير خلال احتلالهم للقدس عام 614م،[3] وبقي هذا الدير خراباً لعدة قرون إلى أن أخذه الروس من الأتراك سنة 1887، فأعطوا قسماً منه إلى الروم الأرثوذوكس، فبنوا فيه الدير المعروف باسم "أبينا إبراهيم"؛ وبنى الروس ديراً لهم. ويضم الان الدير كنيستين إحداهما صغيرة "أبينا إبراهيم" والأخرى أكبر منها تسمى "كنيسة الرسل الاثني عشر". ويعتقد أنه سمي بهذا الاسم تيمناً بالتقليد المسيحي الذي يقول إن أبانا إبراهيم جاء إلى هذه الصخرة يقدم ابنه اسحق ذبيحاً، ويوجد هناك أيضاً مذبح وشجرة زيتون علق الجدي بفروعها. ويوجد بئر عظمة تحت الدير.[4]
دير مار يوحنا المعمدان:
يقع دير مار يوحنا المعمدان بين سويقة علون والشارع المؤدي إلى حارة النصارى. يشتمل على كنيستين: واحدة تحت الأرض طرازها بيزنطي حيث بنيت في عام 450م، والثانية بنيت فوق الأولى في عام 1048م. ويعرف هذا الدير أيضاً بدير مار يوحنا القرعة. وقد أنشئ تعبيراً عن دور هذا القديس في دعوة المسيح عيسى عليه السلام. ويتخذ هذا الدير شكل الصليب في بنائه. وترد أول إشارة إلى تعبير وظيفة إثر احتلال الفرنج للقدس؛ إذ جعلوا من الدير والكنيستين مشفى ومقراً لفرسان القديس مار يوحنا. كما ترد إشارة إلى تأصيل دور هذا المعلم التاريخي بعد استرداد صلاح الدين الأيوبي للقدس، وذلك بإعادته إلى طائفة الروح (1187م)، ويشتمل هذا الدير على نزل للحجاج والزائرين.[5]
دير حبس المسيح:
تتعدد الأديرة التي تحمل هذا الاسم في مدينة القدس وفق تعدد معتقدات الطوائف المسيحية المقدسية وتصوراتها حول حبس المسيح عيسى (عليه السلام)، فهناك دير يحمل هذا الاسم يتبع اللاتين، ويقع إلى الشمال من مبنى القشلة مقابلًا لمدرسة روضة المعارف، وهناك دير آخر اتخذه الأرمن يقع في حي النبي داود (عليه السلام) على جبل صهيون، أما الدير الثالث الذي عرف بحبس المسيح، فهو خاص بالروم الأرثدوكس، ويقع إلى الشمال من الحرم الشريف، ويشتمل تجويف مظلم تحت الأرض، يعتقدون أن المسيح حبس فيه، كما يشتمل على كنيسة ترجع فكرة بنائها إلى القرن الخامس الميلادي.[6]
يقع دير "حبس المسيح" الذي يضم "كنيسة الجلد" أو كما يطلق عليها "حبس المسيح"، و"كنيسة الحكم" بالقرب من موقع قلعة أنطونيو قديما التي بناها هيرودس بين عامي الـ 35 والـ 37 لحماية الهيكل، وبعد موته استعملها الحكام الرومان، وفي كل يوم جمعة من الأسبوع، وفي تمام الساعة الثالثة من بعد الظهر، وفي قلب المدرسة الإسلامية يبدأ الآباء الفرنسيسكان مع مسيحيي المدينة المقدسة رياضة التوبة "درب الصليب"، ويمرون من دير حبس المسيح.[7]
وقد وردت إشارات في بعض وثائق المحاكم الشرعية منها ما يشير إلى خرابه في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، حيث طلب الأرمن تعميره في عام 2306هـ/1888م وقد وافقت الدولة العثمانية على إعادة تعمير وترميم هذا الدير.[8]
دير الروم الأرثوذكس:
يسمى أيضاً بالدير الكبير أو دير قسطنطين، ويقع في الحي المسيحي، أنشأه البطريرك إلياس الأول عام 494م، وقد مثل مركز أديرة الأرثوذكس في فلسطين، وهو يضم ثلاث كنائس هي: كنيسة القديسة هيلانة، وكنيسة القديسة تفلا، وكنيسة مار يعقوب. والكنيسة الأخيرة هي عبارة عن معبدان صغيران واحد يعرف باسم الشهداء الأربعين والثاني باسم حملات الطيب.[9]
يشمل الدير على ساحة وحديقة ومكتبة، ونزل للحجاج والرهبان تبلغ نحو مائتي غرفة. ويقيم فيه عدد كبير من الرهبان دون الراهبات. ويتصل هذا الدير مع كنيسة القيامة بقوس تعلو الشارع الذي يفصل بينهما؛ أما الراهبات، فقد خصصت لهن طائفة دير التفاحة الواقع في محلة النصارى.[10]
دير مار يعقوب:
يقع دير مار يعقوب في حارة الأرمن، وتحديداً بين القشلاق (مركز البوليس) وباب النبي داود، يعرف بدير القديس جميس الكبير. يرجع إنشاؤه إلى فترة ما قبل الإسلام؛ حيث شيد في المكان الذي استشهد فيه القديس يعقوب الرسول بأمر من هيرودس الحفيد. وقد هدمه الفرس سنة 614م، ثم أعيد بناؤه، وأقيمت فيه كنيسة في أواسط القرن الثاني عشر الميلادي، أجرى عليها بعض الإصلاحات في القرن الثالث عشر. ويعد هذا الدير من أوسع الأديرة بالقدس؛ حيث يشغل نحو سدس مساحة البلدة القديمة من القدس هو والحارة الواقع فيها. كما اتخذ الأرمن فيه دار بطريركيتهم، ومدرسة للاهوت، ومكتبة غنية بنفائس المخطوطات والكتب المطبوعة؛ فقد قدر عارف العارف محتوياتها في سنة 1947م، بنحو 4000 مخطوط، وأكثر من 30000 كتاب مطبوع؛ ولا عجب في ذلك؛ إذ كان هذا الدير من أوائل المؤسسات العربية الفلسطينية التي امتلكت مطبعة منذ أوائل القران العشرين الماضي. ويتميز هذا الدير بكثرة الابار إذ أنها تفوق الخمسمائة كما يضم عدة كنائس ومعابد وقاعات ومتحفاً[11]
كما يعد هذا الدير من أكثر الأديرة جمالاً في القدس؛ حيث وصفت الكنيسة الواقعة فيه بأنها: "مزخرفة بشكل دائري ثري وبأسلوب شرقي، وبجدران ذات بلاط أزرق، والأرضية مفروشة بالسجاد، ومصابيح الذهب والفضة كانت تسطع في كل مكان". وفي وصف آخر، استثني هذا البناء من بين المعالم المسيحية الأخرى، حيث أنه "الوحيد في القدس الذي يقدم مظهراً كبيراً من الراحة؛ وواجهة المبنى المبنية بشكل محكم، والشارع الممهد تظله أشجار عالية، والرهبان ذوو المظهر الجليل والمحترم حول ممراته، كل ذلك يعبق بالبساطة والثروة والنظافة النادرة في مدينة القدس".[12]
دير العذراء:
وهو دير للروم الأرثوذكس. يقع إلى الجنوب من كنيسة القيامة وإلى الشرق من المسجد العمري. ويعرف أيضاً باسم "دير ستنا مريم". ويرجع إنشاؤه إلى ما قبل الإسلام، إذ بني في عهد البطريرك إلياس الأول عام 494م. ويضم بضع غرف لنزل الزوار، وفيه يسكن الراهب الذي يخدم قرب ستنا مرين قبالة الجسمانية.[13]
دير البنات:
يقع بين دير العذراء ودير مار دمتري. بناه البطريرك إلياس الأول للروم الأرثوذكس؛ وهو على مقربة من خان الأقباط، وفيه كنيستان: إحداهما أرضية تعرف باسم "القديسة ميلانيا"؛ والأخرى فوقها تعرف باسم "مريم الكبيرة"، أي "العذراء البكر".[14]
وكان الدير عامراً في العهد الصليبي، وما زالت بقاياه قائمة إلى اليوم. ويضم أبنية كبيرة حجارتها منقورة بالازميل. هناك دير آخر يحمل اسم دير البنات تابع أيضا للقدس، وعدة أديرة في سورية تحمل الاسم نفسه. وظاهر من الاسم أن هذا النوع من الأديرة كان محصناً لإقامة البنات اللواتي يدخلن سلك الرهبنة.[15]
دير المخلص:
يقع في الجهة الغربية الشمالية من حارة النصارى. أصله للنصارى الكرج؛ حيث عرف بدير القديس يوحنا اللاهوتي. ثم اشتراه الآباء الفرنسيون من الكرج في سنة (967 هـ/ 1559 م)، فصار يعرف بدير اللاتين ودير الفرنج. كما صار قاعدة لأديرتهم وكرسياً لحارس الأرض المقدسة. وهو يشتمل على مكتبة، ومدرسة، وكنيسة، وميتم، وصيدلية، ومطبعة، وفرن، ومطحنة عدة معامل حرفية. كما أنه يشرف على إطعام وإسكان العائلات الفقيرة من النصارى اللاتين الذين بلغوا في عام 1945م نحو 2250 عائلة.[16]
دير السلطان:
يقع دير السلطان بالقرب من كنيسة القيامة؛ ملاصقاً لها من الناحية الجنوبية الشرقية. ويشتمل على كنيستين: كنيسة صغرى تدعى "كنيسة الملاك"؛ وكنيسة كبرى تدعى "كنيسة الحيوانات الأربعة". يذكر عارف العارف أن هذا الدير للأقباط في الأصل؛ لكن اللاتين اغتصبوه منهم، إثر الاحتلال الفرنجي للقدس؛ وأن صلاح الدين الأيوبي رده إليهم بعد تحريره للقدس في سنة (583هـ/1187م)؛ فنسبوه إليه وأسموه "دير السلطان".[17]
ويتميز هذا الدير بأنه يشتمل على حجاب خشبي قديم مطعم بالعاج، كان قد صنع في مصر. وتجدر الإشارة إلى أنه خاص بالرهبان؛ لذا بنوا ديراً آخر لهم بإذن السلطان العثماني، خاص بالراهبات قرب باب الخليل، وأطلقوا عليه اسم "دير مار جرجس". وتفيد بعض الحجج الشرعية أنهم أجروا فيه أكثر من تعمير خلال القرن التاسع عشر؛ أما الزوار منهم، فقد خصصوا لهم ديراً بنوه في عام (1255هـ/1839م)، فوق الخان الملحق بديرهم الكبير (دير السلطان).[18]
عرفُ الدير باسم السلطان نسبةً لحكم السلطان سليمان وكلمة السلطان عادةً ما تطلق على ملوك المسلمين، وأن العرف جرى على وجوب تسمية الأديرة بأسماء القديسين، ولو أن غير المسيحيين يفضلون أحيانًا تسميتها باسم البلد أو المكان الذي توجد به، ولعل دير السلطان هو الوحيد بين الأديرة المسيحية الذي له اسم إسلامي الصبغة، ويرجع ذلك غالبًا إلى أحد أمرين: أحدهما أن هذا الدير وموضعه كان هبةً من أحد السلاطين للأقباط منسوبة إليه إقرارا بفضله، أو أن السلطان اتخذه لإقامة عماله في القدس أو لإيواء رسله الذين كان يوفدهم إلى الأقطار التابعة له كالشام التي كان السبيل إليها من مصر عن طريق القدس؛ حيث كان يبدأ الطريق إلى الشام الذي عُبِّد في أيام عبد الملك بن مروان 684-705م.[19]
دير الحبش:
يلاصق هذا الدير كنيسة القيامة فوق مغارة الصليب، وهو آخر ما تبقى لطائفة الأحباش الأرثوذكس في البلدة القديمة من أبنية دينية، ويعتبر الأقباط أنه جزء من دير السلطان الذي تعود ملكيته لهم.[20]
المصادر والمراجع:
[1] محمود حلبي، على درب الآلام المسيحيون والمقدسات المسيحية في القدس، (القدس: مؤسسة القدس الدولية، 2016)، ص 15.
[2] وكالة وفا الإخبارية، الأماكن المقدسة المسيحية في مدينة القدس.
https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4240
[3] موقع مدينة القدس، المقدسات والآثار المسيحية في القدس، 15 تشرين الثاني 2008.
https://alquds-city.com/index.php?s=37&id=655
[4] الحلبي، على درب الالام، ص 60.
[5] دائرة شؤون القدس التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، دير مار يوحنا المعمدان، 30 كانون الثاني 2015.
http://www.jerusalemaffairs-plo.ps/wp/?p=3552
[6] ديانا عبد الخالق، في رحاب القدس "حبس المسيح".. دير أرمني بمباركة عثمانية، بوابة الوطن الالكترونية الشاملة، 2020.
https://www.elwatannews.com/news/details/3315085
[7] المرجع السابق.
[8] الحلبي، على درب الالام، ص 74.
[9] مؤسسة القدس الدولية، معالم البلدة القديمة، ص22.
[10] وكالة وفا الإخبارية، الأماكن المقدسة المسيحية في مدينة القدس.
https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=4240
[11] الحلبي، على درب الآلام، ص75-76.
[12] وكالة وفا الإخبارية، الأماكن المقدسة المسيحية في مدينة القدس.
[13] الحلبي، على درب الالام، ص61.
[14] وكالة وفا الإخبارية، الأماكن المقدسة المسيحية في مدينة القدس.
[15] الموسوعة الفلسطينية، دير البنات، 7 يوليو 2014.
https://www.palestinapedia.net/%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%AA/
[16] دائرة شؤون القدس، دير المخلص، 30كانون الثاني 2015.
http://www.jerusalemaffairs-plo.ps/wp/?p=3566
[17] وكالة وفا الإخبارية، الأماكن المقدسة المسيحية في مدينة القدس.
[18] المرجع السابق.
[19] لجين مجدي، معلومات تاريخية عن دير السلطان بالقدس، بوابة الوفد الالكترونية، 31 أكتوبر 2018.
https://n9.cl/oqlc
[20] موقع معلومة مقدسية، دير الحبش.
https://qudsinfo.com/%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8E%D8%A8%D9%8E%D8%B4/
. . .